نزوح ومعاناة.. إيرانيون يتحدثون عن تداعيات القصف الإسرائيلي
نزوح ومعاناة.. إيرانيون يتحدثون عن تداعيات القصف الإسرائيلي
تفاقمت المعاناة الإنسانية في إيران مع دخول الهجمات الجوية الإسرائيلية يومها السادس، ما تسبب في نقص حاد بالمواد الغذائية، وخلق حالة من الهلع الشعبي، ودفع مئات العائلات للنزوح من مناطقهم، وفق شهادات ميدانية من مواطنين إيرانيين التقت بهم وكالة "فرانس برس"، الأربعاء، قرب معبر باشماخ الحدودي مع العراق.
ورفض معظم من التقت بهم الوكالة من الإيرانيين، وعددهم يفوق الثلاثين، الحديث أمام الكاميرا أو الكشف عن هوياتهم، خوفًا من الملاحقة، في ظل تصاعد التوتر الداخلي، في بلد يشهد منذ يوم الجمعة قصفًا جويًا إسرائيليًا يوميًا طال منشآت عسكرية ونووية.
واصطفت عشرات الشاحنات الإيرانية الثقيلة، المحمّلة بمادة الأسفلت، على الجانب العراقي من معبر باشماخ الحدودي، في انتظار السماح لها بالعبور، في وقت أكد سائقون أن خطوط الإمداد إلى العمق الإيراني أصبحت مهددة، خاصة مع تعطل شبكة الوقود.
وأوضح السائق الأربعيني مرتدي الزي الكردي التقليدي، الذي أُشير إليه باسم مستعار هو "فتاح"، أن طريقه المعتاد إلى مدينة بندر عباس جنوب البلاد بات محفوفًا بالأخطار، إذ "يمر قرب منشأة نطنز النووية"، مشيرًا إلى أن "تعبئة الوقود أصبحت أزمة يومية"، بعدما تحوّلت المحطات إلى طوابير طويلة، وارتفعت الأسعار بشكل حاد.
وبيّن السائق، الذي يعتزم تسليم شحنته ثم العودة إلى عائلته في قضاء ميروان بمحافظة كردستان، أن النقص في السلع الأساسية بات واضحًا، قائلاً: "لم أعد أتمكن من شراء أرز أو شاي أو خبز بسهولة، لذلك أحمل معي مؤنًا من العراق".
نزوح من المدن إلى القرى
أكد المواطن الإيراني الشاب آرام، البالغ من العمر 28 عامًا، أنه لجأ إلى كردستان العراق قبل أيام، في حين بقيت زوجته وطفلاه في مدينة سنندج داخل إيران، قرب ثكنة عسكرية استُهدفت عدة مرات بالقصف.
وأوضح الأب القلق أن زوجته "اضطرت لمغادرة المنزل مع الأطفال إلى قرية قريبة"، في خطوة تشبه ما قامت به "عدة عائلات كانت تسكن بجوار الثكنات"، مؤكدًا أن الريف أصبح "ملاذًا مؤقتًا أكثر أمانًا" في ظل تصاعد الاستهداف الإسرائيلي.
وأشار آرام إلى أن حالة الخوف المنتشرة بين المواطنين دفعتهم إلى تخزين المواد الغذائية، الأمر الذي أدى بدوره إلى تفاقم النقص في الأسواق.
انقطاع في الرواتب
وصف التاجر الكردي شوان، المقيم في مدينة بوكان بمحافظة أذربيجان الغربية شمال غرب البلاد، المشهد العام بأنه "صدمة وذهول"، مشيرًا إلى أن القصف طال مواقع عسكرية عدة قرب المدينة.
وأرسل شوان رسالة صوتية بصعوبة عبر أحد تطبيقات المراسلة، نتيجة الانقطاع المتكرر في الإنترنت، تحدث فيها عن "شح الخبز"، حيث "تضطر العائلات لإرسال أكثر من شخص إلى المخابز للحصول على كمية تكفي يومًا واحدًا".
وبيّن أن نقص الأرز والزيت بات واضحًا، مضيفًا أن "الرواتب الحكومية تأخرت منذ أيام، ما زاد الأعباء المعيشية".
شلل في الأسواق
روت الخيّاطة أفين (38 عامًا) من مدينة سقز بمحافظة كردستان الإيرانية، أن الحرب خلّفت "خوفًا جماعيًا"، مؤكدة أن منطقتها لم تُستهدف مباشرة، لكن عائلات كثيرة لجأت إلى قرى مجاورة لحماية أطفالها من نيران القصف.
وأشارت إلى أن الأسواق أصبحت شبه مشلولة بسبب غياب الإمدادات التي كانت تعتمد في معظمها على العاصمة طهران، وقالت: "لم نعد نجد الأساسيات، المحال مغلقة أو فارغة، والناس تشتري فوق حاجتها خشية التصعيد".
وأسفرت الهجمات الجوية الإسرائيلية المستمرة على إيران منذ فجر الجمعة، عن مقتل ما لا يقل عن 224 شخصًا وإصابة أكثر من ألف آخرين، وفق بيانات رسمية إيرانية.
وردت إيران بهجمات صاروخية وطائرات مسيّرة على أهداف داخل إسرائيل، أدت إلى مقتل 24 شخصًا، وفق ما أعلنته السلطات الإسرائيلية، وسط مخاوف دولية من توسع الحرب وتحولها إلى صراع مفتوح في المنطقة.