مفاجأة انتخابية.. مرشح مسلم يتصدر سباق رئاسة بلدية نيويورك
مفاجأة انتخابية.. مرشح مسلم يتصدر سباق رئاسة بلدية نيويورك
فجّر اليساري المسلم ظهران ممداني مفاجأة مدوية بفوزه في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي على منصب رئيس بلدية نيويورك، متفوقًا على حاكم نيويورك الأسبق أندرو كومو، في سباق اعتُبر اختبارًا حاسمًا لتوجهات الحزب في واحدة من كبرى المدن الأمريكية وأكثرها تنوعًا.
وبحسب النتائج الأولية بعد فرز 95% من الأصوات، حصل ممداني على 43% من الأصوات، متقدّمًا على كومو، الذي أعلن اعترافه بالهزيمة فور صدور النتائج الجزئية، قائلاً أمام مؤيديه: "الليلة لم تكن ليلتنا.. اتصلت به وهنأته.. لقد فاز هو"، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.
وفي خطاب نصر مؤثر، ألقاه وسط حشود من أنصاره في منطقة كوينز، قال ممداني، البالغ من العمر 33 عامًا: "اليوم، دخلنا التاريخ. فزنا لأن سكان نيويورك دافعوا عن مدينة يمكنهم العيش فيها بكرامة، وليس فقط الكفاح من أجل البقاء".
تيار يساري متصاعد
وينتمي ممداني إلى تيار "الاشتراكيين الديمقراطيين الأمريكيين"، وهو تيار يساري متصاعد داخل الحزب الديمقراطي، يدعو إلى سياسات تقدمية وجذرية في مجالات السكن والرعاية الصحية والعدالة الاجتماعية، في مدينة تعاني من أزمة سكن وغلاء معيشة متزايدين.
شكل فوز ممداني ضربة قاسية للمؤسسة السياسية داخل الحزب الديمقراطي، والتي كانت تدعم أندرو كومو رغم تاريخه المثير للجدل، بما في ذلك قضية التحرش الجنسي التي أجبرته على الاستقالة من منصبه كحاكم في 2021، فضلاً عن انتقادات لسوء إدارته لأزمة كوفيد-19 في الولاية.
وحظي كومو بدعم واسع من تيار الوسط داخل الحزب، بما في ذلك الرئيس الأسبق بيل كلينتون، واعتمد على شهرته المتجذرة في الحياة السياسية الأمريكية، إلا أن ذلك لم يشفع له أمام صعود نجم شاب مثّل الطموح التقدمي لشريحة واسعة من سكان المدينة.
فلسطين في قلب الحملة
أثار ممداني الجدل خلال حملته بسبب مواقفه العلنية المؤيدة للفلسطينيين، واتهامه لإسرائيل بارتكاب "إبادة"، ما جعله هدفًا مباشرًا لهجمات اليمين الأمريكي، لا سيما من الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، الذي يسعى لاستعادة هيمنته السياسية في المدينة التي نشأ فيها.
وفي المقابل، تلقى ممداني دعمًا قويًا من شخصيات بارزة في الجناح التقدمي للحزب، على رأسهم السيناتور بيرني ساندرز والنائبة ألكساندريا أوكازيو-كورتيز، واللذان سارعًا إلى تهنئته بعد إعلان النتيجة.
وكتبت كورتيز على منصة "إكس": "أغدق أصحاب المليارات وجماعات الضغط ملايين الدولارات ضدك، ومع ذلك فزت. لقد صوّتت نيويورك من أجل الأمل".
أما ساندرز فصرّح بأن ممداني "واجه المؤسسة السياسية والإعلامية والاقتصادية وهزمها".
انتقادات معتدلي الحزب
من جهته، وصف المرشح الجمهوري لرئاسة البلدية كورتس سليوا فوز ممداني بأنه "انحراف خطير"، قائلاً إن المدينة "لا تحتمل المزيد من السياسات الراديكالية"، في ظل أزمات الأمن والإسكان.
بدورها، عبرت بعض الأصوات داخل الحزب الديمقراطي عن القلق من افتقار ممداني للخبرة الإدارية، على غرار شيرل ستاين، موظفة في قطاع السياحة، قالت: "أحب حماسه، لكن لا يمكن لشخص في مثل عمره، دون سجل تنفيذي، أن يدير مدينة معقدة كمدينة نيويورك".
وتُعد أزمة السكن أبرز القضايا التي رافقت حملة ممداني، حيث تعهّد بمنع رفع الإيجارات بشكل تعسفي، وتوفير خدمات نقل مجانية، ورعاية أطفال شاملة، وهي وعود تلقى صدى واسعا في مدينة تصل فيها كلفة استئجار شقة من ثلاث غرف إلى ستة آلاف دولار شهريًا.
وقال ناخب آخر يدعى إيمون هاركن (48 عامًا): "بالنسبة لي، الأسعار هي القضية رقم واحد. ممداني يقدم شيئًا مختلفًا، شيئًا نحتاجه في هذه المدينة".
الانتخابات العامة في نوفمبر
من المتوقع أن يواجه ممداني عددًا من المرشحين في الانتخابات العامة المقررة في الرابع من نوفمبر، بينهم رئيس البلدية الحالي إريك آدامز، الذي أعلن ترشحه كمستقل، منتقدًا سجل خصومه قائلاً: "نيويورك تستحق رئيس بلدية يفخر بما أنجزه، لا من يهرب من ماضيه أو من لا يملك ماضيًا يُذكر".
وبينما تستعد نيويورك لصيف سياسي ساخن، يرى مراقبون أن فوز ممداني يمثل تحولًا جوهريًا في المزاج السياسي للمدينة، ويعكس ميلاً متزايدًا لدى جيل الشباب نحو سياسات تقدمية في مواجهة قوى المال والنفوذ التقليدية.