"نيويورك تايمز": إلغاء نحو 900 منحة بسبب النزاع بين جامعة هارفارد والبيت الأبيض
"نيويورك تايمز": إلغاء نحو 900 منحة بسبب النزاع بين جامعة هارفارد والبيت الأبيض
أوقفت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تمويلًا فيدراليًا واسع النطاق كان موجهًا لأبحاث جامعة هارفارد، مما وضع مستقبل مئات المشاريع العلمية على المحك.
ونشرت صحيفة "نيويورك تايمز"، اليوم الاثنين، تقريرا حول هذه القضية اعتمدت فيه على سجلات المحاكم وقواعد البيانات والمصادر الجامعية لتحديد أكثر من 900 منحة أبحاث أُلغيت، بقيمة إجمالية تقارب 2.6 مليار دولار، صُرف نصفها بالفعل.
واتهمت الحكومة الفيدرالية الجامعة بعدم الوفاء بشروط تتعلق بحقوق الملكية الفكرية والمدنية، ما أدى إلى تجميد تمويل الأبحاث، وبينما تخوض هارفارد مفاوضات ودعوى قضائية لحل الأزمة، بقي التمويل متوقفًا، ما انعكس سلبًا على فرق علمية عديدة، فيما أكدت إدارة ترامب أن المنح لم تعد تُلبّي الشروط الاتحادية.
طوّرت الولايات المتحدة، منذ 80 عامًا، نموذجًا علميًا فريدًا يقوم على تمويل حكومي وتطبيق جامعي، حيث تُحدّد الحكومة الأجندة العلمية وتُوفّر الموارد، فيما تقوم الجامعات، ومنها هارفارد، بالتنفيذ والابتكار، وهدد سلوك إدارة ترامب هذا النموذج، في ظل غياب بديل مماثل يُنتج التقدم العلمي ذاته.
بحوث علمية في خطر
أكّد الكيميائي بجامعة هارفارد، دانيال نوسيرا، فقدانه أربع منح مخصصة لأبحاث متقدمة تتعلق بتحويل الهواء إلى وقود حيوي، واستخلاص الأكسجين من مياه البحر، وأشار إلى أن هذه المشاريع لا تُدر أرباحًا مباشرة، ما يجعلها غير جذابة للقطاع الخاص، لكنها ضرورية لتطوير حلول بيئية ثورية.
وأوضح أستاذ البيولوجيا الجزيئية، ستيفن بوراتوفسكي، أن مشروعه المستمر منذ 25 عامًا، الذي ساعد في فهم آليات الوراثة الخلوية، أصبح مهددًا رغم أن نتائجه تُستخدم حاليًا في تطوير علاجات للسرطان.
أدت بحوث جامعة هارفارد إلى حظر الدهون المتحولة بعد دراسة طويلة الأمد حول صحة المرأة، وساهمت أبحاث أخرى في تحسين سياسات الرعاية الصحية والتعليم والتغذية، خاصة في المجتمعات المهمشة، ويُشرف البروفيسور فوغان ريس على دراسات حول التدخين السلبي في مساكن ذوي الدخل المنخفض، بتمويل من وزارة الإسكان.
الجيل القادم من العلماء
تُوفر المنح الحكومية مصدر تمويل رئيسي لتدريب طلاب الدراسات العليا والباحثين الشباب، كما تموّل مراكز أبحاث ضخمة، ومن بين هؤلاء، جيسيكا وايتد، التي نالت أعلى وسام علمي من الرئيس ترامب عام 2019، ثم أُلغي تمويلها بالكامل عام 2024.
كما حصل بول بامب، زميل ما بعد الدكتوراه، على منحة بحثية سنوية بقيمة 75 ألف دولار، لدراسة إنتاج الخلايا الجذعية في كائنات قادرة على التجدد، تدعم هذه المنح التدريب العملي والاحتكاك المباشر بالبحث، ما لا يمكن توفيره دون تمويل عام.
لم يقتصر وقف التمويل على الأفراد، بل طال بنية تحتية متكاملة، واستضافت جامعة هارفارد، على مدار 18 عامًا، مركزًا متعدد المؤسسات لدراسة سلامة العمال، بتمويل من مراكز السيطرة على الأمراض، أكّدت البروفيسورة غلوريان سورنسن أن خسارة هذا التمويل تعني نهاية مشاريع وشراكات بُنيت عبر سنوات.
ويُبرز هذا الصراع بين إدارة ترامب وجامعة هارفارد هشاشة النموذج الأمريكي للبحث العلمي، القائم على دعم اتحادي طويل الأجل، ومع تصاعد التدخلات السياسية، تزداد المخاوف من ضياع جهد عقود من التراكم المعرفي، وانكماش الدور العالمي للولايات المتحدة في الابتكار العلمي.