الأمم المتحدة: حرمان ملايين الأطفال من تسجيل المواليد يهدد الحقوق الأساسية ويعمق التمييز

خلال الدورة الـ59 لمجلس حقوق الإنسان المستمرة حتى 9 يوليو الجاري

الأمم المتحدة: حرمان ملايين الأطفال من تسجيل المواليد يهدد الحقوق الأساسية ويعمق التمييز
تسجيل المواليد - أرشيف

في تقرير أممي جديد وصف بأنه تحذير دولي بالغ الأهمية، دق مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك، ناقوس الخطر بشأن استمرار حرمان ملايين الأطفال حول العالم من تسجيل المواليد، مشيرًا إلى أن هذا الحرمان يشكل انتهاكًا جسيمًا للحق في الهوية القانونية ويقوض سائر الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية الأخرى، داعيًا إلى تسريع استخدام التكنولوجيا الرقمية لتوسيع نطاق التسجيل الشامل والعادل.

وجاء التقرير تحت عنوان «استخدام التكنولوجيات الرقمية لتحقيق تسجيل جميع المواليد»، وقدم إلى الدورة التاسعة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، المنعقدة حتى 9 يوليو الجاري، واطلع «جسور بوست» على نسخة منه.

وأوضح التقرير أن عدم تسجيل المواليد يقود إلى حرمان الأطفال من التعليم والرعاية الصحية والحماية الاجتماعية، فضلًا عن زيادة أخطار تعرضهم للاتجار بالبشر أو الزواج المبكر أو الاستغلال، خاصة في المجتمعات الهشة، لافتا إلى أن ما يقارب ربع أطفال العالم لا يتم تسجيلهم عند الولادة، بسبب عوامل ترتبط بالتمييز، والفقر، وضعف البنى التحتية، وسوء الحوكمة.

وركز التقرير على جملة من التحديات البنيوية التي تعيق تسجيل المواليد، منها القوانين والممارسات التمييزية ضد فئات مثل الأقليات العرقية، والأطفال خارج إطار الزواج، والمهاجرين وعديمي الجنسية، إضافة إلى الكلفة الباهظة والإجراءات المعقدة في بعض الدول، والتي تُثني الأهالي عن التسجيل. وفي بعض الحالات، يؤدي غياب الوثائق الثبوتية للوالدين أنفسهم إلى استحالة تسجيل أبنائهم.

وأشار إلى أن غياب التوعية المجتمعية، وتدني الثقة في المؤسسات، وندرة نظم الحوكمة الرقمية، كلها عوامل تضعف فرص الوصول المتكافئ إلى التسجيل، ما يفاقم الانتهاكات الحقوقية طويلة الأمد ضد فئات بأكملها. 

وأكد أن تسجيل المواليد يُعد حجر الزاوية لضمان الحماية القانونية للأطفال من الولادة وحتى البلوغ، إذ يشكل أساسًا لإثبات الجنسية وممارسة الحقوق الأخرى.

ودعا التقرير إلى إدماج منظور حقوق الإنسان في تصميم نظم تسجيل المواليد، من خلال إزالة الحواجز القانونية، وتبني نماذج مرقمنة وآمنة تحترم الخصوصية وتضمن الشمول. 

وشدد على أهمية اعتماد سياسات «الخطوة الواحدة والزيارة الواحدة» التي تسهل إجراءات التسجيل فور الولادة، خصوصًا في المناطق النائية والمهمشة.

وأبرز التقرير النموذج الذي قدمته بعض الدول باستخدام الهوية الرقمية لربط الأطفال منذ ولادتهم بالخدمات الاجتماعية، معتبرًا أن الرقمنة، إذا ما استُخدمت بطريقة تراعي حقوق الإنسان، يمكن أن تكون أداة لتحويل نظم التسجيل إلى منصات فعالة للعدالة الاجتماعية.

ورغم التحذيرات، فقد تضمن التقرير إشادات بممارسات إيجابية، منها الحملات التي نفذتها بعض الحكومات بالتعاون مع المجتمع المدني لتوسيع نطاق التغطية، وتقديم الحوافز للأسر، وتدريب العاملين الصحيين على تسجيل الولادات في مرافقهم، خاصة في المناطق الريفية والمناطق التي تشهد أزمات أو نزاعات.

وفي توصياته، شدد المفوض السامي على ضرورة ضمان هوية قانونية لكل طفل بحلول عام 2030 وفق أهداف التنمية المستدامة، وذلك من خلال اعتماد أطر قانونية واضحة تراعي حقوق الطفل وتدعم الإدماج، وتوفير التمويل الكافي لأنظمة التسجيل، وتطوير آليات رقمية مؤمنة وشفافة ترتبط بأنظمة الإحصاء والسكان، والتعليم، والصحة، والحماية الاجتماعية.

ودعا إلى تعزيز التعاون الدولي وتبادل الخبرات في مجال الرقمنة الحقوقية، وتوفير آليات مساءلة فعالة لضمان حماية البيانات الشخصية، ومنع استخدامها في التمييز أو الإقصاء، مع التأكيد على ضرورة إشراك المجتمعات المحلية في تصميم النظم لضمان فعاليتها واستدامتها.

واختتم التقرير بالتأكيد على أن تسجيل المواليد ليس مجرد إجراء إداري، بل هو بوابة نحو الكرامة والعدالة، مشددا على أن ملايين الأطفال سيظلون في الظل ما لم تتوافر الإرادة السياسية والاستثمارات الضرورية لضمان هذا الحق الإنساني الأصيل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية