الأمم المتحدة: عام 2024 شهد أكبر عدد من الانتهاكات ضد الأطفال
الأمم المتحدة: عام 2024 شهد أكبر عدد من الانتهاكات ضد الأطفال
أكدت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، فيرجينيا غامبا، أن العالم يشهد مستويات "مروعة" من العنف والانتهاكات بحق الأطفال في بؤر الصراع حول العالم، لافتة أن عام 2024 سجّل أعلى عدد من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال منذ ما يقرب من ثلاثة عقود، مضيفة أن الانتهاكات امتدت من بورنو في نيجيريا إلى غزة، ومن دارفور إلى هايتي.
وقالت خلال إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، يوم الأربعاء، إن "أطراف الحرب والمجتمع الدولي باتوا يختارون الحسم العسكري على حساب الطفولة البريئة" وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.
غزة: أطفال تحت الحصار والقصف
شددت المسؤولة الأممية على أن أطفال غزة يتحملون "مستويات لا توصف من المعاناة والدمار"، ووصفت الوضع الإنساني هناك بأنه مخالف لكل القيم والمعايير الإنسانية.
وأضافت: "لا يمكننا أن نظل مكتوفي الأيدي. لا مبرر لحرمان الأطفال من الغذاء والرعاية الصحية والأمن".
وطالبت إسرائيل بتسهيل مرور المساعدات الإنسانية دون عوائق، ودعت جميع أطراف النزاع في غزة لتسريع توزيع الإغاثة، كما ناشدت حركة حماس بالإفراج الفوري عن جميع الرهائن المحتجزين.
الانتهاكات الجسيمة مسؤولية مشتركة
أوضحت غامبا أن الانتهاكات الرئيسية التي يواجهها الأطفال تشمل: القتل والتشويه، وتجنيد الأطفال واستخدامهم، والعنف الجنسي، والاختطاف، والهجمات على المدارس والمستشفيات، إضافة إلى منع وصول المساعدات الإنسانية.
وأشارت إلى أن الجماعات المسلحة غير الحكومية ارتكبت ما يقرب من نصف هذه الانتهاكات، ولا سيما في حالات التجنيد والعنف الجنسي والاختطاف، لكنها أكدت أن القوات الحكومية تبقى الجاني الرئيسي في القتل والتشويه والهجمات على المدارس والمستشفيات، ووصفت ذلك بأنه "أمر غير مقبول".
نقص الموارد يهدد جهود الحماية
أعربت غامبا عن قلقها إزاء نقص الخبرات والموارد اللازمة لرصد وتوثيق الانتهاكات، ما يهدد بغياب المساءلة.
وقالت: "تراجع قدرات الرصد والتحقق يعني أننا قد نفشل في تحديد الجناة الحقيقيين".
دعوة إلى خطة عمل والتزام دولي
دعت الممثلة الخاصة جميع أطراف النزاع، وخاصة المدرجة في تقارير الأمم المتحدة، إلى التعاون مع الأمم المتحدة ووضع وتنفيذ خطط عمل تنهي هذه الانتهاكات الجسيمة.
كما طالبت باحترام القانون الإنساني الدولي، ووقف الاستهداف المتعمد للبنية التحتية الحيوية، خصوصًا المدارس والمستشفيات.
اليونيسف: لا تبرير لانتهاك البراءة
بدورها، قالت شيما سين غوبتا، مديرة حماية الطفل في اليونيسف، إن الأرقام الواردة في تقرير الأمم المتحدة تمثل فقط الحالات الموثقة، محذرة من أن "العدد الحقيقي أكبر بكثير".
وأشارت إلى اتجاهين مثيرين للقلق هما تصاعد استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المأهولة، مما أدى إلى أكثر من 70% من إصابات الأطفال، وكذلك زيادة بنسبة 35% في حالات العنف الجنسي ضد الأطفال خلال عام 2024.
وقالت: "كل قذيفة غير منفجرة هي حكم إعدام ينتظر التنفيذ"، مطالبة بتحرك دولي عاجل.
تحركات إيجابية غير كافية
استعرضت غوبتا بعض الخطوات الإيجابية، مثل توقيع الجيش الوطني السوري خطة لإنهاء تجنيد الأطفال، والتزامات مماثلة من حكومات العراق، ليبيا، باكستان، والفلبين.
لكنها شددت على أن هذا التقدم "لا يعفي المجتمع الدولي من واجبه في إنهاء الكارثة".
ستة مسارات للعمل العاجل
دعت المسؤولة الأممية إلى التركيز على ستة مجالات رئيسية هي احترام وإنفاذ القانون الإنساني الدولي، ووقف استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق السكنية، وحماية وتوسيع نطاق العمل الإنساني، وتعزيز التعاون مع الجماعات المسلحة لتسهيل حماية الأطفال، وضمان التمويل الكافي والمستدام، بجانب تحمل الدول مسؤولية التأكد من التزام الآخرين بالقانون الإنساني أيضًا.
واختتمت قائلة: "الأطفال ليسوا أوراق مساومة ولا جنودًا.. إنهم أطفال يستحقون الأمان والعدالة والمستقبل".
تعمل الأمم المتحدة، من خلال مكتب الممثلة الخاصة المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، على توثيق الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها الأطفال خلال الحروب، ضمن إطار دولي معتمد منذ عام 1996، وتعد قائمة الانتهاكات الستة محورًا لتقارير سنوية ترفع إلى مجلس الأمن، بهدف تسمية المسؤولين عن الجرائم بحق الأطفال، ودفعهم للتوقيع على خطط لإنهاء الانتهاكات، وتهدف جهود المنظمة إلى تعزيز الحماية الإنسانية للأطفال في مناطق النزاع وتوفير سبل الإغاثة وإعادة الإدماج لهم.