بولسونارو يدعو أنصاره للتظاهر في ساو باولو وسط اتهامات بمحاولة انقلاب
بولسونارو يدعو أنصاره للتظاهر في ساو باولو وسط اتهامات بمحاولة انقلاب
دعا الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، أنصاره إلى التظاهر، اليوم الأحد، في شارع باوليستا وسط مدينة ساو باولو، تحت شعار "من أجل الحرية والعدالة"، في وقت تتزايد فيه الإجراءات القانونية بحقه على خلفية اتهامات تتعلق بـمحاولة انقلاب مزعومة بعد خسارته في الانتخابات الرئاسية لعام 2022.
وقال بولسونارو، البالغ من العمر 70 عامًا، في منشور عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا): "البرازيل بحاجة إلينا جميعًا. دعونا نتحد من أجل الحرية والعدالة"، وفق وكالة "فرانس برس".
وفي بث مباشر مساء السبت على قناة AuriVerde Brasil، وصف الرئيس السابق التظاهرة بأنها "دعوة لإظهار القوة"، مؤكدًا أن "الحضور الحاشد سيمنحنا الشجاعة لمواصلة المسار".
وتُعد هذه التظاهرة هي الثانية من نوعها التي يدعو إليها بولسونارو منذ بداية هذا العام، في سياق تصاعد المواجهة القضائية بينه وبين السلطة القضائية، خصوصًا المحكمة العليا.
اتهامات خطيرة وتحقيقات
ويواجه الرئيس السابق اتهامات بقيادة "تنظيم إجرامي" سعى لقلب نتائج الانتخابات الرئاسية التي فاز بها منافسه لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، وذلك عبر مخطط لإعلان حالة الطوارئ وحشد الجيش في محاولة للإبقاء على بولسونارو في الحكم.
وبحسب النيابة العامة البرازيلية، فإن التحقيقات تشير إلى أن بولسونارو وفريقًا من المقربين منه خططوا لتقويض العملية الانتخابية عبر نشر معلومات مغلوطة عن نزاهة النظام الانتخابي البرازيلي، وتحريض أنصاره على العصيان.
ونفى بولسونارو خلال جلسة استماع أمام القاضي في المحكمة العليا، ألكسندر دي مورايس – الذي يعتبر من أبرز خصومه – أي ضلوع له في محاولة انقلابية، مؤكدًا أنه "لم يخرق الدستور" وأنه يواجه ما وصفه بـ"اضطهاد سياسي".
المنع من الترشح
يُذكر أن بولسونارو ممنوع من الترشح للانتخابات حتى عام 2030، بموجب قرار سابق صادر عن المحكمة العليا الانتخابية بسبب هجماته المتكررة على نزاهة التصويت الإلكتروني في البلاد.
وفي حال إدانته بالتهم الموجهة إليه، قد يواجه عقوبة بالسجن تصل إلى 40 عامًا، وهو ما من شأنه أن ينهي مستقبله السياسي تمامًا.
ومع ذلك، لا يزال الرئيس السابق يحظى بدعم شريحة واسعة من اليمين البرازيلي، الذي يرى في الملاحقات القضائية الحالية محاولة لتهميش الصوت المحافظ في البلاد.
استقطاب سياسي حاد
التوترات الحالية تندرج في سياق الاستقطاب السياسي الحاد بين أنصار بولسونارو وحكومة الرئيس لولا دا سيلفا، الذي عاد إلى الحكم في يناير 2023 بعد فوزه بفارق ضئيل في جولة الإعادة.
وكانت البلاد قد شهدت، في 8 يناير 2023، اقتحامًا واسعًا لمقارّ السلطات الفيدرالية الثلاث في العاصمة برازيليا من قبل أنصار بولسونارو الرافضين لنتائج الانتخابات، في مشهد قُورن باقتحام الكابيتول الأميركي عام 2021.
وتعدّ السلطات القضائية هذه الواقعة جزءًا من سياق التحريض والانقلاب السياسي، وتواصل توسيع نطاق التحقيقات لتشمل قيادات أمنية وسياسية بارزة في إدارة بولسونارو السابقة.
التعبئة الشعبية في الميزان
تأتي دعوة بولسونارو للتظاهر وسط ترقب واسع من جانب السلطات، التي شدّدت من إجراءاتها الأمنية في ساو باولو، وخصوصًا في شارع باوليستا، حيث نُشرت قوات شرطة مكافحة الشغب خشية وقوع صدامات مع معارضي بولسونارو، أو اندلاع أعمال عنف كما حدث في مرات سابقة.
وفي المقابل، دعت منظمات المجتمع المدني البرازيلية إلى مراقبة التظاهرة لضمان سلميتها، ولمنع استخدامها منصة للتحريض أو لنشر خطاب مناهض للمؤسسات الديمقراطية.
وتطرح هذه الأزمة تحديات جسيمة للديمقراطية البرازيلية، التي لا تزال تترنح تحت وطأة الاستقطاب الشديد والانقسامات الاجتماعية التي خلفها عهد بولسونارو، والذي اتسم بالجدل، ورفض الإجراءات الصحية خلال جائحة كوفيد-19، والتوتر مع القضاء، وتوسع خطاب التشكيك في المؤسسات.
ويرى مراقبون أن المواجهة بين بولسونارو والمحكمة العليا ستكون أحد المفاصل السياسية الحاسمة في تاريخ البرازيل الحديث، وقد ترسم ملامح النظام السياسي المقبل، سواء بتمكين الجناح اليميني الشعبوي من العودة، أو بتثبيت أسس دولة القانون وسيادة المؤسسات.