"تستهدف النساء".. فرنسا تُحبط أول مخطط إرهابي مرتبط بحركة "إنسيل"

"تستهدف النساء".. فرنسا تُحبط أول مخطط إرهابي مرتبط بحركة "إنسيل"
عناصر من الشرطة الفرنسية- أرشيف

أعلنت السلطات الفرنسية توقيف شاب يبلغ من العمر 18 عامًا يُدعى تيموثي ج، بعد العثور على سكينين داخل حقيبته وسط اشتباه قوي بنيّته تنفيذ اعتداءات مسلحة تستهدف النساء، وذلك في مدينة سانت-إتيان، شرق البلاد. ويُعد هذا التوقيف الأول من نوعه في فرنسا المتعلق رسميًا بظاهرة التطرف المرتبطة بما يُعرف بـ"حركة إنسيل" (Incel).

وقالت الأجهزة الأمنية إن الاعتقال جاء بعد رصد استخباراتي دقيق أظهر أن الشاب يتابع بشكل مكثّف محتوى إلكترونيًا متطرفًا يعود إلى منتديات ومجموعات محسوبة على هذه الحركة، وأرفق منشورًا مؤخراً يتضمن نوايا واضحة لتنفيذ اعتداء، ما دفع إلى تدخل فوري حال دون وقوع ما يمكن أن يكون مجزرة.

من هم الـ"إنسيل"؟

الاسم "إنسيل" هو اختصار لعبارة "Involuntary Celibate" أي "العزوبية القسرية"، ويُطلق على أفراد -معظمهم من الذكور- يعيشون مشاعر غضب ورفض اجتماعي بسبب ما يرونه فشلاً في إقامة علاقات عاطفية أو جنسية. 

ويحمّل هؤلاء النساء والمجتمع مسؤولية هذا الفشل، ما يقود بعضهم إلى تبني أيديولوجيات كراهية وتحريض على العنف ضد النساء على وجه الخصوص.

بدأت هذه الحركة في الظهور العلني على الإنترنت مطلع العقد الماضي، وتحولت مع الوقت إلى بيئة خصبة للتطرف والكراهية الإلكترونية، وارتبطت بعدة اعتداءات دموية في دول غربية، ما دفع عددًا من الحكومات إلى تصنيفها ضمن التهديدات الإرهابية غير التقليدية.

حوادث دامية 

شهد العالم في السنوات الأخيرة عددًا من الهجمات العنيفة المرتبطة بأفراد ينتمون فكريًا إلى حركة "إنسيل"، من أبرزها:

هجوم كاليفورنيا (2014): نفذه "إليوت رودجر"، وأسفر عن مقتل ستة أشخاص، معظمهم نساء، في موجة غضب ضد "الرفض النسائي".

مجزرة تورونتو (2018): قتل فيها أليك ميناسيان عشرة أشخاص، وقال إنه استوحى الهجوم من فلسفة "الإنسيل".

هجوم صالون تجميل في تكساس (2020): استهدف فيه الجاني العاملات في الصالون وأكد ارتباطه الأيديولوجي بالحركة.

وأثارت هذه الاعتداءات المتكررة قلقًا دوليًا من انتقال الكراهية الإلكترونية إلى أعمال إرهابية ميدانية، خاصة في ظل صعوبة تتبّع المتطرفين المنفردين عبر الإنترنت.

تحذيرات من تفاقم الظاهرة

يرى خبراء مكافحة التطرف أن الاعتقال الأخير في فرنسا يمثل تحذيرًا خطيرًا من اتساع رقعة هذه الظاهرة داخل أوروبا، خاصة بين الشباب الغاضب اجتماعيًا والمنعزل نفسيًا.

وحذّر المختصون من أن تجاهل هذه النزعة المتطرفة قد يؤدي إلى نشوء جيل جديد من الإرهابيين الأيديولوجيين، لا يحركهم دين أو سياسة، بل إحباطات شخصية تُترجم إلى عنف ضد النساء والمجتمع.

وفي هذا السياق، دعت مراكز أبحاث ومؤسسات أمنية إلى تعزيز برامج الدعم النفسي والاجتماعي للمراهقين والمحرومين من الروابط الاجتماعية، وتكثيف الرقابة على المنتديات الإلكترونية التي تنشر الكراهية والتحريض.

بالإضافة إلى إدراج خطاب "الإنسيل" ضمن قوائم المحتوى المتطرف المُستهدَف بالإغلاق والتجريم، وزيادة التعاون الدولي في تتبع الجماعات الإلكترونية التي تدفع الأفراد إلى تنفيذ أعمال عنف فردية.

نقطة تحوّل في فهم التطرف

ويُعد هذا الملف الذي فُتح في فرنسا أول قضية جنائية رسمية ضد متطرف ينتمي إلى حركة "إنسيل"، ما قد يُشكّل تحولًا في طريقة تعامل الأجهزة الأمنية الأوروبية مع أشكال جديدة من التطرف، خارج الأطر التقليدية المعروفة في العقدين الماضيين.

ويرى مراقبون أن المسألة تتعدى البُعد الجنائي لتكون ناقوس خطر اجتماعي وثقافي يجب التعامل معه عبر التعليم والتربية الإعلامية والدعم الأسري، قبل أن يتحول غضب الأفراد المعزولين إلى كراهية منظّمة تقود إلى مجازر جديدة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية