الصومال والأمم المتحدة تبحثان نقل مهام حقوق الإنسان من بعثة " UNTMIS" إلى الحكومة الفيدرالية
الصومال والأمم المتحدة تبحثان نقل مهام حقوق الإنسان من بعثة " UNTMIS" إلى الحكومة الفيدرالية
اختتمت الأمم المتحدة والحكومة الصومالية، اليوم الأربعاء، مباحثات بشأن نقل مهام قسم حقوق الإنسان والحماية، تدريجيًا إلى الحكومة الصومالية ووكالات الأمم المتحدة العاملة في البلاد.
ووفق وكالة الأنباء الصومالية الرسمية (سونا)، عقد اجتماع تشاوري رفيع المستوى استمر على مدار يومين، نظمته وزارة شؤون الأسرة وتعزيز حقوق الإنسان بالحكومة الفيدرالية، بالتعاون مع بعثة الأمم المتحدة للمساعدة الانتقالية في الصومال (UNTMIS) في العاصمة مقديشو.
وشهد الاجتماع مشاركة واسعة لـ48 ممثلًا، بينهم 25 مسؤولًا حكوميًا و23 من ممثلي وكالات الأمم المتحدة، ناقشوا سبل ضمان استمرارية العمل في مجال حماية وتعزيز حقوق الإنسان بما يتماشى مع أولويات الدولة الصومالية وخططها التنموية.
وفي كلمته الختامية، شدد المدير العام لوزارة شؤون الأسرة وحقوق الإنسان، محمد بشير عمر، على أن عملية نقل المهام تمثل "منعطفًا استراتيجيًا" في مسار بناء ملكية وطنية كاملة لهذا الملف الحيوي، معتبرًا أن الصومال بات في موقع يمكّنه من قيادة الجهود الحقوقية استنادًا إلى قيمه الوطنية والتزاماته الدولية.
تمويل مستدام
وأوضح عمر أن الحكومة الصومالية ترى في هذه المرحلة الانتقالية فرصة لتعزيز قدراتها المؤسسية وتحقيق الاعتماد الذاتي طويل الأمد، دون إغفال أهمية استمرار الدعم والتعاون مع الشركاء الدوليين، مؤكدًا الحاجة إلى تمويل مستدام وبناء هياكل مؤسسية قادرة على ضمان تقديم خدمات حقوق الإنسان بكفاءة واستمرارية.
ودعا عمر إلى مضاعفة الجهود في مجال التدريب وبناء القدرات الوطنية، وتمكين المؤسسات الحكومية من أداء دورها الرقابي والتنموي في قطاع الحقوق، لا سيما مع اقتراب مرحلة ما بعد البعثة الأممية.
ويُعد هذا الاجتماع جزءًا من التحضيرات الاستراتيجية لمرحلة ما بعد خروج بعثة الأمم المتحدة من البلاد، في إطار مساعي الحكومة الصومالية لتعزيز سيادتها المؤسسية والاضطلاع الكامل بمهام حماية حقوق الإنسان والتنمية المستدامة، من خلال شراكات مدروسة ودعم تقني مستمر من الجهات الدولية المعنية.
أوضاع حقوق الإنسان
ورغم التطور النسبي في بناء مؤسسات الدولة خلال السنوات الأخيرة، لا تزال أوضاع حقوق الإنسان في الصومال تواجه تحديات بنيوية حادة، نتيجة لتراكمات عقود من الحرب الأهلية، والانهيار المؤسسي، وضعف منظومة العدالة، وغياب المساءلة.
وتسجل تقارير أممية متكررة حالات من العنف العشوائي، خاصة في المناطق التي تشهد عمليات عسكرية ضد حركة "الشباب"، إذ يتعرض المدنيون لأعمال قتل وقصف غير موجه، إلى جانب استخدام العبوات الناسفة والاستهدافات العشوائية.
كما أدى غياب المنظومة القضائية المستقلة إلى ضعف ملاحقة مرتكبي الانتهاكات، سواء من الجماعات المسلحة أو القوات النظامية، ما يُكرس ثقافة الإفلات من العقاب، فيما يواجه الصحفيون والمدافعون عن حقوق الإنسان مضايقات وتهديدات، بما في ذلك الاعتقال التعسفي أو الاستهداف المباشر، خاصة عند تغطية قضايا الفساد أو الانتهاكات الأمنية.
وما يزيد على 3.8 مليون نازح داخلي يعيشون في ظروف إنسانية قاسية، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، وضعف الخدمات الصحية، وحرمان واسع من التعليم، ويُعدون من الفئات الأكثر عرضة للانتهاكات، خاصة الأطفال والنساء.
كما وثّقت تقارير أممية مستمرة استخدام الأطفال من قبل جماعات مسلحة، وعلى رأسها حركة الشباب، في أدوار قتالية أو خدمية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني.
وفي مواجهة هذه التحديات، تعمل الحكومة الصومالية، بدعم من شركاء دوليين، على تعزيز الإطار القانوني لحماية حقوق الإنسان، بما في ذلك تطوير مسودات قوانين حماية الطفل، ومكافحة العنف الجنسي، وتأسيس لجنة وطنية لحقوق الإنسان، إلى جانب دعم المجتمع المدني ومؤسسات العدالة الانتقالية.