وسط إدانات حقوقية.. القضاء الإيراني يصدر أحكاماً بالإعدام ضد 3 نشطاء
وسط إدانات حقوقية.. القضاء الإيراني يصدر أحكاماً بالإعدام ضد 3 نشطاء
في زنزانة موصدة في سجن شيبان بالأهواز، يقف خمسة رجال بوجوه منهكة وقلوب محطمة، في انتظار ساعة الموت بعد أن قررت محكمة الثورة أن تطوي حياتهم بأحكام الإعدام لتهم، وصفتها منظمات حقوقية بأنها "مفبركة، وانتُزعت تحت الإكراه"، في محاكمات تفتقر لأبسط معايير العدالة.
فرشاد اعتمادي فر، ومسعود جامعي (باوي)، وعلي رضا مرداسي (حميداوي)، ثلاثة مواطنين إيرانيين، اثنان منهم من عرب الأهواز، صدر بحقهم حكم بالإعدام مرتين، بتهمة "الإفساد في الأرض والانتماء إلى جماعات معارضة للنظام"، في واحدة من أقسى الأحكام القضائية التي شهدتها البلاد هذا العام، بحسب ما ذكر موقع "إيران إنترناشيونال"، اليوم الأربعاء.
وفقًا لما أفادت به منظمة "كارون" لحقوق الإنسان، جرت المحاكمات في ظروف قمعية، مُنع فيها المتهمون من التواصل الفعلي مع محامين مستقلين، كما وُضعوا تحت ضغوط أمنية جسدية ونفسية، حيث جرى انتزاع "اعترافاتهم" أثناء فترات احتجاز طويلة في العزل.
وإلى جانب أحكام الإعدام، قضت المحكمة بالسجن مدة عام لكل منهم بتهمة "الدعاية ضد النظام"، في حين نال سامان وداوود حرمت نجاد أحكامًا بالسجن لـ12 و 15 عامًا على التوالي، ضمن نفس القضية.
سرطان وموت بطيء
مصدر حقوقي مقرب من عائلة أحد المحكوم عليهم: مسعود جامعي، أكد أن الأخير يعاني من سرطان في المعدة، وأمراض كبدية مزمنة، وارتفاع ضغط الدم، لكنه لم يتلقَ أي علاج خلال أكثر من 13 شهرًا من الاحتجاز، ما جعل ظروف سجنه أشبه بـ"إعدام بطيء" على حد وصفهم.
وتُخشى الوفاة الوشيكة لجامعي داخل زنزانته، ما لم يتم التدخل العاجل للإفراج عنه أو نقله إلى مركز طبي متخصص.
هذه الأحكام ليست إلا أحدث حلقة في سلسلة الإعدامات السياسية المتصاعدة في إيران، حيث أفادت تقارير حقوقية بتنفيذ أكثر من 830 حكم إعدام خلال عام 2023، في حين يشهد عام 2025 وتيرة أسرع وأكثر قسوة.
وتصف منظمات مثل "هيومن رايتس ووتش" ومنظمة العفو الدولية هذه الإعدامات بأنها جزء من "منظومة قمع سياسي تُستخدم فيها أحكام الموت لكتم الصوت وسحق المعارضة".
زوجة وأبناء تحت المقصلة
في تطور مأساوي، طالت دائرة القمع عائلة السجين مسعود جامعي، إذ أُحيلت زوجته زينب حزبابور وأبناؤه الثلاثة –ناهد (22 عامًا)، دلال (20 عامًا)، ورقية (16 عامًا)– إلى محكمة الثورة بتهمة "الاتصال بجماعات معارضة للنظام"، ليجدوا أنفسهم أمام القضاء؛ فقط لأنهم أقرباء لمتهم سياسي.
في 12 يوليو الجاري، أصدرت 15 منظمة مدنية وحقوقية بيانًا مشتركًا، أعربت فيه عن "قلقها العميق" من تصاعد موجة الإعدامات، خصوصًا بحق المعتقلين العرب، بعد تقارير عن نقل السجناء: علي مجدم، معين خنفري، ومحمد رضا مقدم، إلى زنازين انفرادية تمهيدًا لتنفيذ إعدامهم الوشيك.
وطالبت هذه المنظمات بوقف عاجل للإعدامات، داعية الأمم المتحدة إلى إرسال بعثة دولية لتقصي الحقائق حول انتهاكات العدالة في المحاكم الثورية الإيرانية، ومناشدة المجتمع الدولي ألا يلتزم الصمت إزاء هذا "النزيف البطيء".
سيف العقاب بيد الدولة
أُنشئت محاكم الثورة في إيران عام 1979 أداةً طارئةً بعد الثورة الإسلامية، لكن بمرور الزمن تحوّلت إلى ذراع قضائية تستخدمها السلطة لقمع الخصوم السياسيين، وغالبًا ما تُصدر أحكام الإعدام بناءً على اتهامات فضفاضة مثل "الحرابة" و"الفساد في الأرض" و"التآمر ضد أمن الدولة".
ويتم النظر في القضايا داخل غرف مغلقة، دون علنية، وأغلب المحامين يُمنعون من الاطلاع على تفاصيل الاتهامات، ما يجعل كل محاكمة أمام هذه المحاكم محاكمة مشكوك في عدالتها وشرعيتها، حسب تقارير موثقة لمنظمات أممية.
صرخة العائلات الموجوعة
من أمام بوابات سجن شيبان، تقف أم باكية تحت أشعة الشمس الحارقة، ممسكة بصورة ابنها المحكوم عليه بالإعدام، تهمس بحزن: "لم يرتكب ابني جريمة.. فقط كان عربياً وحلم بالحرية. نريد فقط أن يعيش".
وحدها هذه الكلمات كفيلة بأن تُختزل فيها كل مأساة العدالة في إيران.