الطائفية تفتك بجنوب سوريا.. أكثر من 350 ضحية والدمار يلاحق المدنيين
الطائفية تفتك بجنوب سوريا.. أكثر من 350 ضحية والدمار يلاحق المدنيين
وسط أحياء يغمرها الخوف ورائحة الموت، قُتل أكثر من 350 شخصًا منذ اندلاع أعمال العنف الطائفية في السويداء جنوبي سوريا منذ صباح الأحد الماضي، بحسب ما أفاد به المرصد السوري لحقوق الإنسان، جاء ذلك بينما أعلنت دمشق بدء سحب قواتها من المحافظة، بعد دعوات دولية وغارات إسرائيلية مكثفة أججت المأساة.
خسائر بشرية
لم يكن الضحايا مجرّد أرقام؛ بينهم 55 مدنيًا فقدوا حياتهم بلا ذنب، إضافةً إلى 79 مقاتلًا درزيًا و189 عنصرًا من القوات الحكومية، إلى جانب 18 مسلحًا من البدو، ولم تسلم حتى القوات الحكومية نفسها، إذ فقد 15 عنصرًا حياتهم تحت ضربات الطائرات الإسرائيلية وفق فرانس برس.
بدأت الشرارة بعملية خطف تاجر خضار درزي، سرعان ما تحولت إلى دوامة عنف طائفي، وبدلًا من حماية السكان، تدخّلت القوات الحكومية بشكل متحيّز، بحسب إفادات شهود والمرصد، ما زاد من تعقيد المشهد وأشعل فتيل الدم أكثر.
الاتفاق الذي توصّلت إليه دمشق لوقف إطلاق النار تضمّن بنودًا لوقف العمليات العسكرية وتشكيل لجنة مراقبة مشتركة من الدولة وشيوخ دروز، لكن المدنيين داخل السويداء ظلّوا يترقبون بقلق، في حين تتصاعد سحب الدخان وتُحصى الجثث في الشوارع.
الغارات الإسرائيلية أضافت مزيدًا من الألم؛ استهدفت أهدافًا عسكرية في دمشق ومحيط القصر الرئاسي، وسقط ضحايا جدد في دوامة العنف التي لا تفرق بين مدني ومقاتل.
دعوات أممية لوقف العنف
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عبّر عن قلق بالغ إزاء الدماء المسفوكة، ودعا لوقف العنف فورًا والتحقيق في الانتهاكات، في حين حذرت وكالات إنسانية من أن الوضع بات كارثيًا مع نزوح آلاف الأسر وتدمير البنية التحتية الحيوية.
ورغم كل الجهود، لا تزال فرق الإغاثة تواجه صعوبة كبيرة في الوصول إلى المناطق المنكوبة، فيما فقدت المستشفيات قدرتها على الاستجابة وتكاد تنهار تحت ضغط الجرحى والمصابين.
في قلب هذه الكارثة، يعلو صوت الناس العاديين، مثل أسامة الذي قال وهو يتلفت حوله في شوارع السويداء: "لا إمكان للهروب.. الخوف يحيط بنا من كل جانب".
محافظة السويداء، ذات الغالبية الدرزية، تقع في جنوب سوريا وتعدّ واحدة من أكثر المناطق هدوءًا نسبيًا خلال سنوات الحرب السابقة، لكن توترًا طائفيًا متجذرًا ظهر مجددًا بعد حادثة خطف متبادلة بين مسلحين دروز وآخرين من البدو السنّة، ما فجّر اشتباكات دامية، جاء ذلك في ظل انسحاب بطيء للقوات الحكومية وتدخل إسرائيلي عسكري، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ونزوح واسع، وتدعو الأمم المتحدة والجهات الإنسانية اليوم إلى حماية المدنيين ووقف التصعيد الفوري، في حين يبقى مصير السكان معلّقًا في دوامة الصراع.