في الذكرى الـ11 لمجزرة شنكال.. دعوات للاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية بحق الإيزيديين

في الذكرى الـ11 لمجزرة شنكال.. دعوات للاعتراف الدولي بالإبادة الجماعية بحق الإيزيديين
حركة حرية المرأة الإيزيدية - أرشيف

بينما تقترب الذكرى السنوية الحادية عشرة للمجزرة، التي ارتكبها تنظيم "داعش" بحق المجتمع الإيزيدي في قضاء شنكال شمالي العراق، تواصل الجهات الإيزيدية مطالبتها المجتمع الدولي بالاعتراف الرسمي بهذه الفظائع "إبادةً جماعيةً"، مؤكدة أن الآلام لا تزال قائمة، والمصير المجهول يخيّم على الآلاف من الضحايا.

وفي هذا السياق، وجّهت اللجنة الدبلوماسية في "حركة حرية المرأة الإيزيدية" رسالة إلى 19 دولة لم تعترف حتى الآن رسميًا بما جرى للإيزيديين على يد "داعش" باعتباره جريمة إبادة جماعية، مشيرة إلى أن 14 دولة فقط اتخذت هذه الخطوة حتى الآن، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.

وفي الثالث من أغسطس 2014، اجتاح تنظيم داعش قضاء شنكال في هجوم دموي وصف بالأبشع في تاريخ الأقليات العراقية. 

وبحسب تقارير محلية وأممية، قُتل الآلاف من الرجال، وخُطفت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات، وتم بيعهن في أسواق النخاسة، وتعرضن لأبشع أنواع العنف الجنسي والنفسي، كما اختُطف مئات الأطفال، وتعرضوا لعمليات غسل دماغ وتجنيد قسري.

وحتى اليوم، تفيد الإحصاءات بأن نحو 2900 من الإيزيديين، معظمهم من النساء والأطفال، ما زالوا في عداد المفقودين، فيما لا تزال عشرات المقابر الجماعية لم تُفتح بعد في مناطق شنكال ومحيطها.

النساء في صلب المأساة

شكلت النساء الإيزيديات النسبة الأكبر من ضحايا الخطف والعنف الجنسي، وفي مشاهد وثقتها منظمات دولية، أُجبرت العديد منهن على اعتناق الإسلام تحت التعذيب، وتم إحراق 19 امرأة وهنّ أحياء في الموصل عام 2016، بعد رفضهن التخلي عن ديانتهن.

أما الأطفال، فحُرم كثير منهم من ذويهم، وتُقدّر أعداد الأيتام بنحو 2745 طفلاً. كما تم تجنيد عشرات منهم ضمن صفوف "أشبال الخلافة" وتدريبهم على تنفيذ عمليات انتحارية.

وأجبرت المجزرة أكثر من 350 ألف إيزيدي على الفرار من مناطقهم، معظمهم إلى إقليم كردستان أو دول المهجر، وحتى الآن، تشير بيانات المنظمة الدولية للهجرة إلى أن نحو 70 إلى 80 ألف نازح إيزيدي لا يزالون يعيشون في مخيمات مؤقتة، في ظل ظروف إنسانية صعبة، بينما عاد ما بين 120 إلى 130 ألفًا فقط إلى مناطقهم الأصلية.

وفي مناطق شنكال، تم اكتشاف 93 مقبرة جماعية، فُتحت منها 62 مقبرة حتى الآن، فيما لا تزال 31 مقبرة مغلقة، وسط مطالبات بفتحها وتحديد هويات الضحايا. 

وفي إحدى المقابر التي تم فتحها العام الماضي قرب "تلعفر"، عُثر على ما بين 1500 و2000 جثة، في ما وُصف بأنه أحد أفظع مواقع الإعدام الجماعي المرتبطة بتنظيم داعش.

اتهامات وتقصير في الحماية

تتهم جهات إيزيدية الحزب الديمقراطي الكردستاني (PDK) بالتقصير في حماية شنكال قبل وقوع المجزرة، إذ انسحب آلاف من عناصر البيشمركة المتمركزين في المنطقة دون قتال، بحسب شهادات محلية ووثائق استندت إليها الحركة في تقريرها. 

وتقول الحركة إن هذا الانسحاب فتح الطريق أمام داعش لارتكاب المجزرة دون مقاومة تُذكر.

ولم تقتصر الهجمات على البشر فحسب، بل طالت أيضًا الرموز الدينية والمزارات الإيزيدية. دمر داعش عشرات المواقع المقدسة، من بينها مزار الشيخ مند في قرية سينكي، حيث جُمعت مجموعة من النساء والمسنين بداخله قبل تفجيره.

وترى شخصيات إيزيدية أن استهداف الرموز الثقافية والدينية كان جزءًا من مسعى لاقتلاع الهوية الإيزيدية بالكامل، معتبرين ذلك شكلاً من أشكال "الإبادة الثقافية".

مطالب بالعدالة والاعتراف

وبينما تؤكد اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن منع جريمة الإبادة الجماعية أن جرائم مثل القتل الجماعي، التهجير القسري، الاعتداء الجنسي، وتجنيد الأطفال، تندرج ضمن نطاق "الإبادة الجماعية"، تطالب حركة حرية المرأة الإيزيدية المجتمع الدولي بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية.

وفي رسالتها، شددت الحركة على أن "ما جرى في شنكال يتجاوز حدود الضمير الإنساني، ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وحقوق الإنسان"، داعية الدول إلى الاعتراف الرسمي بما حدث؛ تمهيدًا لمحاسبة الجناة، وإنصاف الضحايا.

وفي الذكرى الحادية عشرة لمجزرة شنكال، لا يزال المجتمع الإيزيدي يرزح تحت وطأة الفقدان والشتات والذاكرة الجريحة، في انتظار عدالة طال أمدها. 

وبينما تناضل النساء الإيزيديات من أجل ترميم ما تبقى من مجتمعهن، يظل الاعتراف الدولي العادل والمحاسبة القانونية للأطراف المسؤولة الخطوة الأهم نحو تضميد جراح لم تندمل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية