"ماعت": حصار وتجويع قطاع غزة جريمة تستدعي المساءلة الدولية
"ماعت": حصار وتجويع قطاع غزة جريمة تستدعي المساءلة الدولية
أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرًا خاصًا بعنوان "التجويع كسلاح.. مسؤولية إسرائيل عن الإبادة الجماعية في قطاع غزة"، يرصد ويحلّل الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين في القطاع.
ويستند التقرير إلى شهادات مباشرة لضحايا العدوان في مختلف مناطق غزة، مسلّطًا الضوء على الأبعاد الحقوقية والإنسانية للحصار المتواصل والهجمات العسكرية، وخاصة ما يتعلّق بحرمان السكان من الغذاء والمياه والرعاية الصحية، والتشريد القسري.
شهادات من تحت الحصار
تضمّن التقرير قسمًا بعنوان "أصوات من تحت الحصار"، نقل شهادات مؤلمة لسكان غزة تعكس حجم المعاناة اليومية لأكثر من مليوني فلسطيني، في ظل ظروف وصفتها المؤسسة بأنها "واقع مأساوي يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية".
وقال أيمن عقيل، الخبير الحقوقي ورئيس مؤسسة ماعت: "ما يجري في قطاع غزة اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية، بل جريمة مستمرة بحق الإنسانية. الحصار الشامل والتجويع المتعمد والهجمات العشوائية تمثل انتهاكًا صارخًا لاتفاقيات جنيف، وتستدعي تحركًا دوليًا فوريًا لتوفير الحماية للمدنيين الفلسطينيين ومحاسبة الجناة".
وأكد عقيل أن استمرار الصمت الدولي "يغذي ثقافة الإفلات من العقاب، ويعيد إنتاج دوائر العنف في المنطقة".
المطالبة بالمحاسبة الدولية
من جهته، أوضح الدكتور شريف عبد الحميد، نائب رئيس مؤسسة ماعت، أن التقرير يأتي ضمن جهود توثيق الانتهاكات وجرائم الحرب، مضيفًا: "نهدف إلى تعزيز المساءلة الدولية، والضغط لفتح تحقيقات أمام آليات الأمم المتحدة والمحاكم الدولية المختصة، إضافة إلى توفير الإغاثة العاجلة للضحايا".
وأشار عبد الحميد إلى أن "الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للمزارع والمنشآت الطبية وطرق الإمداد يرقى إلى مستوى جرائم الحرب وفقًا لنظام روما الأساسي"، داعيًا إلى تفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية لضمان المساءلة.
توصيات التقرير
اختتم التقرير بعدد من التوصيات موجّهة إلى مجلس حقوق الإنسان، وآليات الأمم المتحدة، والدول الأطراف في اتفاقيات جنيف، تدعو إلى الوقف الفوري لإطلاق النار، ورفع الحصار المفروض على غزة، وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون قيود، بالإضافة إلى تفعيل أدوات المحاسبة الدولية لمساءلة المسؤولين عن الانتهاكات.
يحظر القانون الدولي الإنساني بشكل صريح استخدام التجويع سلاحَ حرب ضد المدنيين، وفقًا للمادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول لاتفاقيات جنيف لعام 1977. كما يُعدّ الهجوم المتعمّد على الأعيان المدنية، ومنع وصول الإمدادات الإنسانية، جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
شهد قطاع غزة منذ أكتوبر 2023 واحدة من أعنف الحروب في تاريخه، بعد اندلاع مواجهات واسعة بين الجيش الإسرائيلي والفصائل الفلسطينية المسلحة، على رأسها حركة حماس. بدأت الحرب بهجوم مفاجئ شنّته حماس على جنوب إسرائيل، ردّت عليه إسرائيل بعملية عسكرية واسعة النطاق استهدفت معظم مناطق القطاع.
وأسفرت هذه المواجهات عن دمار هائل في البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمراكز الطبية، وأدّت إلى نزوح مئات الآلاف من السكان داخل غزة، في الوقت نفسه، فرضت إسرائيل حصارًا خانقًا شمل قطع إمدادات الغذاء والوقود والكهرباء والمياه، ما ضاعف من الأزمة الإنسانية بشكل غير مسبوق.
وخلّفت الحرب آلاف الشهداء والجرحى من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، وأثارت إدانات وانتقادات واسعة من منظمات حقوقية دولية، اعتبرت سياسات الحصار والتجويع واستهداف الأعيان المدنية انتهاكًا للقانون الدولي الإنساني، وقد ترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
يأتي هذا التصعيد في سياق طويل من النزاعات المتكررة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وسط استمرار الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، وما ترتب عليه من أزمات اقتصادية وإنسانية متفاقمة.