الأمم المتحدة: حظر "فلسطين أكشن" البريطاني "غير متناسب" ويهدد الحريات الأساسية

الأمم المتحدة: حظر "فلسطين أكشن" البريطاني "غير متناسب" ويهدد الحريات الأساسية
نشطاء حركة فلسطين أكشن

وجهت الأمم المتحدة انتقاداً لاذعاً لبريطانيا بسبب قرارها حظر منظمة "فلسطين أكشن" الداعمة للفلسطينيين، واصفةً هذا الإجراء بـ"إساءة استخدام مقلقة" لتشريعات مكافحة الإرهاب.

 في بيان صدر الجمعة، حثّ مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الحكومة البريطانية على إلغاء قرارها، مؤكداً أن الحظر "غير متناسب وغير ضروري" ويُهدد الحقوق الأساسية في حرية التعبير والتجمع.

تقييد غير مبرر للحريات

دخل قرار حظر "فلسطين أكشن" حيّز التنفيذ في فترة سابقة من الشهر، وجاء بعدما اقتحم نشطاء في الحركة قاعدة جوية في جنوب إنجلترا ورشّوا طلاء أحمر على طائرتين فيها، متسببين بأضرار بلغت قيمتها 7 ملايين جنيه إسترليني (نحو 9.55 مليون دولار). وعلى خلفية الحادثة، أودع أربعة نشطاء من المجموعة الحبس الاحتياطي بعد مثولهم أمام القضاء.

لكن الأمم المتحدة ترى أن الرد البريطاني على هذه الأفعال يتجاوز حدود التناسب، وأوضح فولكر تورك أن القرار "يحدّ من حقوق الكثير من الأشخاص المنخرطين في منظمة فلسطين أكشن والمؤيدين لها والذين لم يتورطوا بأي نشاط إجرامي في الأساس، بل مارسوا حقوقهم في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات".

تنديد "فلسطين أكشن" بقرار حظرها باعتباره هجوماً على حرية التعبير يتوافق مع مخاوف الأمم المتحدة. فإثر هذا الحظر، يصبح الانتماء إلى المجموعة أو تأييدها فعلاً إجرامياً يُعاقب عليه بالسجن لمدة قد تصل إلى 14 عاماً. هذه العقوبة الصارمة تُشكل تهديداً جدياً لكل من يُعبر عن دعمه للقضية الفلسطينية عبر هذه المنظمة.

تعريف "الإرهاب".. خلاف حول المعايير الدولية

يُثير هذا الحظر "شواغل جدية بشأن تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب على أفعال لا صلة لها بالإرهاب"، ومن شأنه أن يقوّض ممارسة الحريات الأساسية في بريطانيا، على حد تعبير المفوض الأممي السامي.

وذكّر تورك بأن الأفعال الإرهابية تقتصر بحسب المعايير الدولية على أعمال إجرامية الغرض منها التسبب بالوفاة أو بإصابات خطيرة أو خطف رهائن، بهدف ترهيب المواطنين أو إجبار الحكومة على اتخاذ تدابير ما أو الإحجام عن اتخاذها، وبالمقارنة، فإن حظر "فلسطين أكشن" يجرّم على سبيل المثال لا الحصر الانتماء إلى المجموعة أو التعبير عن تأييدها أو ارتداء ملابس قد تظهر انتماء أو تأييداً لها، هذا التوسع في تعريف "الإرهاب" ليشمل أفعالاً غير عنيفة يُمكن أن يُفتح الباب أمام قمع أوسع للمعارضة السلمية والحركات الاحتجاجية.

تصاعد الاعتقالات

منذ دخول الحظر حيّز التنفيذ، أوقفت الشرطة البريطانية مئتي متظاهر على الأقلّ، من بينهم كثيرون كانوا يتظاهرون على نحو سلمي، وفق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، هذه الأرقام تُشير إلى أن الحظر لم يؤدِ فقط إلى تجريم أنشطة محددة، بل أصبح أداة لاعتقال واسع النطاق للمتظاهرين، ما يُقلص مساحة الاحتجاج السلمي في بريطانيا.

قوانين مكافحة الإرهاب وحرية التعبير في بريطانيا

لطالما كانت بريطانيا في طليعة الدول التي سنت تشريعات صارمة لمكافحة الإرهاب، خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001. ورغم أن هذه القوانين تهدف في الأساس إلى حماية الأمن القومي ومكافحة التهديدات الإرهابية الحقيقية، إلا أنها أثارت مراراً وتكراراً جدلاً واسعاً بين الحقوقيين والمدافعين عن الحريات المدنية، الذين يُحذرون من إساءة استخدامها لتقييد حرية التعبير والتجمع.

قانون مكافحة الإرهاب البريطاني يسمح للحكومة بحظر المنظمات التي تُعتبر متورطة في الإرهاب، وُيعرّف الإرهاب فيه بشكل واسع: ومع ذلك، فإن تطبيق هذا القانون على مجموعات تُشارك في أفعال غير عنيفة (مثل رش الطلاء) يُعدّ سابقة تُثير القلق، حيث يُمكن أن يُفتح الباب أمام تجريم أشكال أخرى من الاحتجاج السلمي.

إن نداء الأمم المتحدة لبريطانيا يُسلط الضوء على تزايد القلق الدولي بشأن توازن لندن بين الأمن وحماية الحريات الأساسية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية