"صوتها لا يزال حياً".. الإيرانية بخشان عزيزي تقاوم حكم الإعدام بنداء الحرية

"صوتها لا يزال حياً".. الإيرانية بخشان عزيزي تقاوم حكم الإعدام بنداء الحرية
الناشطة بخشان عزيزي

في زاوية مظلمة من الزنزانة، تقبع بخشان عزيزي، المرأة التي تحوّلت إلى رمز للمقاومة المدنية، وقد علّق فوق رأسها للمرة الثالثة سيف الإعدام، بينما الزمن يمر بطيئًا كما لو أن الحياة ذاتها تتريّث أمام المصير القاسي.

من خلف جدران سجن "إيفين"، خرجت رسالة مفعمة بالأمل والمرارة معًا، كتبتها المعتقلة السياسية محبوبة رضائي، تضامنًا مع بخشان، تلك التي لم تلتق بها في الحرية، لكنها شاركتها القيد والهمّ المشترك، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، الخميس. 

تقول رضائي في رسالتها المؤثرة: "لنكن صوت بخشان عزيزي، ونسعى جاهدين لتحريرها من قبضة الظالمين".

امرأة لا تُنسى

لا تشبه بخشان أولئك الذين تنكسر أرواحهم أمام الظلم، بل هي واحدة من القلائل الذين يتحول السجن عندهم إلى منصة لقول الحقيقة، حتى وإن لم يبقَ من العالم سوى جدار وعين مراقب.

تصفها رضائي بأنها "المرأة الشجاعة والفريدة"، وتعود بذاكرتها إلى اليوم الذي أُعلن فيه إعدام الناشط رضا رسائي، حينها انكفأت بخشان تبكيه بمرارة، لا كضحية فقط، بل كشريكة في الألم، وكمن تدرك عمق العجز الإنساني في وجه آلة القتل.

ورغم النداءات المتكررة من النشطاء والحقوقيين، أصرّت السلطات الإيرانية على تثبيت حكم الإعدام بحق بخشان ثلاث مرات، و"تم تأييد الحكم للمرة الثالثة، وغير معلوم إلى أي وجهة نتجه لإنقاذ من كانت جريمتها الوحيدة السعي لنشر الحقيقة"، بهذه الكلمات تصف رضائي حجم الإحباط والقلق الذي يسكن داخل كل من يعرف بخشان.

وخلف كل هذه الكلمات يقبع سؤال كبير: هل انتهى العالم عن الإصغاء لأصوات النساء اللواتي لا يملكن سوى شجاعتهن؟ بخشان لم تحمل سلاحًا، لم تنادِ بالعنف، لم تخرق قانونًا، سوى أنها آمنت بأن الحقيقة يمكن أن تُنقذ وطنًا.

رسالة إلى العالم

لا تكتفي رسالة رضائي بالدفاع عن صديقة في المعتقل، بل هي نداء إلى الضمير الإنساني، صرخة بأن هذا الإعدام ليس فقط قتلًا لإنسان، بل محاولة لإعدام فكرة، وإسكات جيل يسعى لحياة كريمة وحرية مسؤولة.

في ظل موجة الإعدامات المتزايدة في إيران، وبالتوازي مع تقارير دولية تدين استخدام القضاء كأداة للانتقام السياسي، تصبح قضية بخشان عزيزي تجسيدًا للثمن الذي تدفعه المرأة الإيرانية حين ترفض الصمت.

عندما تكتب محبوبة رضائي هذه العبارة، فإنها لا تخاطب الإيرانيين وحدهم، بل تنادي كل من آمن بأن الحياة لا تستحق أن تُنتهك بهذا الشكل، هي دعوة للمجتمع الدولي، للمنظمات الحقوقية، وللكتّاب والصحفيين، بألا يتركوا بخشان وحدها.

لأن في مكان ما في سجن "قرتشك"، هناك امرأة تنام كل ليلة على أمل أن يفتح أحدهم نافذة من نور وسط هذا الظلام القاسي.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية