إندونيسيا تكسر حلقة الفقر.. إنجاز تاريخي يُغيّر حياة الملايين

إندونيسيا تكسر حلقة الفقر.. إنجاز تاريخي يُغيّر حياة الملايين
الفقر في إندونيسيا

 

في لحظة طال انتظارها، أعلن المكتب الوطني للإحصاء في إندونيسيا عن تراجع معدلات الفقر إلى أدنى مستوى تشهده البلاد منذ أكثر من عشرين عامًا، هذا الإنجاز لا يُمثل مجرد رقم في تقرير اقتصادي، بل يعكس تحولًا ملموسًا في حياة ملايين الإندونيسيين الذين يعيشون تحت خط الفقر.

حتى مارس الماضي، بلغ عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت خط الفقر نحو 23.85 مليون نسمة، أي ما يُعادل 8.47% من مجموع السكان البالغ 280 مليوناً، وهو أدنى مستوى تُسجّله إندونيسيا منذ مطلع الألفية، في إشارة إلى تحسُّن ملموس في جودة الحياة ونتائج السياسات الاجتماعية والاقتصادية.

أقل من دولارين يوميًا

وفق تصنيف مكتب الإحصاء في إندونيسيا، يُعتبر الشخص فقيرًا إذا كان دخله الشهري أقل من 609,160 روبية (نحو 37 دولارًا)، ورغم بساطة هذا الخط مقارنةً بمستويات الدخل في الدول المتقدمة، فإن الانخفاض الكبير في عدد الفقراء يُمثل بارقة أمل لمستقبل أفضل، خاصة بعد عقود شهدت خلالها البلاد أزمات اقتصادية وسياسية حادة.

المسؤول في المكتب الوطني للإحصاء، أتينغ هارتونو، وصف هذه النتيجة بأنها الأفضل منذ عقدين، مؤكدًا أنها نتيجة جهود متراكمة وتخطيط بعيد المدى.

المدن تتقدم والريف ينتظر

ورغم الأنباء الإيجابية، لا تزال هناك فجوة ملحوظة بين المناطق الحضرية والمناطق الريفية، فالمدن الكبرى مثل جاكرتا وباندونغ وسورابايا شهدت تحسنًا أسرع بفضل استثمارات ضخمة في البنية التحتية والخدمات، بينما تواجه المناطق الريفية تحديات أكبر بسبب ضعف الخدمات وقلة الفرص الاقتصادية.

هذه الفجوة تُبرز حاجة البلاد لمزيد من التركيز على تنمية الريف، ليس فقط كمسألة عدالة اجتماعية، بل كشرط لتحقيق استقرار اقتصادي شامل.

اتفاقيات ذكية حمت الفقراء من العودة إلى دائرة الفقر

واحدة من أبرز الخطوات التي ساهمت في هذا التراجع اللافت، كانت السياسات التجارية المدروسة. ففي الأسبوع الماضي، أبرمت الحكومة اتفاقًا تجاريًا مع الولايات المتحدة قلص الرسوم الجمركية على السلع الإندونيسية إلى 19% بدلًا من 32% التي كانت مطروحة سابقًا.

وزير تنسيق السياسات الاقتصادية، إيرلانغا هارتارتو، أوضح أن الرسوم المرتفعة كانت ستؤدي إلى فقدان نحو مليون وظيفة، مما كان سيُعيد شريحة واسعة من السكان إلى دائرة الفقر، الاتفاق ساعد في الحفاظ على استقرار سوق العمل واستمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية، وهو ما أثمر نتائج ملموسة في حياة ملايين الأسر.

إندونيسيا، رابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان وأكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا، خاضت رحلة طويلة منذ الأزمة المالية الآسيوية في 1997-1998، والتي رفعت معدلات الفقر إلى نحو 18.2%.

منذ بداية الألفية، اعتمدت الحكومة استراتيجيات طموحة شملت: الاستفادة من الموارد الطبيعية وتحقيق إيرادات ضخمة، وتنمية قطاعات الصناعة والخدمات لتقليل الاعتماد على المواد الخام، وبرامج دعم الفئات الضعيفة، مثل التحويلات النقدية المشروطة والتأمين الصحي الشامل، توسع في مشروعات البنية التحتية لتيسير التجارة وجذب الاستثمار، توقيع اتفاقيات تجارية ثنائية ومتعددة الأطراف لفتح أسواق جديدة.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية