15 عاماً على تأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة.. المساواة بين الجنسين في خطر
15 عاماً على تأسيس هيئة الأمم المتحدة للمرأة.. المساواة بين الجنسين في خطر
قبل أربعة عشر عاماً، كانت الشابة الأفغانية فريبا تستعد لبدء دراستها الجامعية، قبل أن تنهار آمالها فجأة في صيف 2021 حين عادت حركة طالبان إلى الحكم في أفغانستان وفرضت حظراً شاملاً على تعليم النساء والفتيات في المراحل الثانوية والجامعية.
تقول فريبا، التي اختارت استخدام اسم مستعار لدواعٍ أمنية: أحياناً أتساءل كيف يمكنني أن أبقى متفائلة وسط هذا الظلام.
قصة فريبا تمثل وجه الأزمة الأوسع التي تُواجهها المساواة بين الجنسين عالمياً، في وقتٍ يُحذّر فيه تقرير لهيئة الأمم المتحدة للمرأة –التي تحتفل بالذكرى الخامسة عشرة لتأسيسها– من أن واحدة من كل أربع دول في العالم تشهد اليوم موجة ارتداد ضد حقوق النساء.
تقدم مهدد بالضياع
تأسست هيئة الأمم المتحدة للمرأة في يوليو 2010 بهدف تمكين النساء والفتيات وتحقيق المساواة بين الجنسين، وتعمل اليوم في نحو 80 دولة حول العالم.
لكن التقدّم الذي تحقق بشق الأنفس –من تحسين وصول الفتيات للتعليم إلى ضمان بعض الحقوق القانونية– يواجه خطر التراجع، وسط تضاؤل التمويل المخصص لقضايا المرأة وبطء عجلة التغيير.
بحسب التقرير تعيش واحدة من كل 10 نساء وفتيات في فقر مدقع، ويُقدَّر أن العالم لن يتمكن من القضاء عليه إلا بعد 137 عاماً بالمعدل الحالي، كما تضاعف في العقد الأخير عدد النساء اللاتي يعشن قرب مناطق النزاع، ما يضاعف الأخطار عليهن من عنف قائم على النوع الاجتماعي وانعدام الأمن الغذائي.
ونوه أنه لم تشهد 103 دول في تاريخها تولي امرأة منصب رئيس الدولة، ولن تتحقق المساواة في القيادة السياسية العليا قبل نحو 130 عاماً.
ومع انطلاق الثورة الرقمية، تتسع الفجوة الرقمية بين النساء والرجال، لتُقصي ملايين النساء من فرص المشاركة في بناء المستقبل.
مشاركة ناقصة رغم الأدلة
في مناطق النزاعات، تعيش أكثر من 600 مليون امرأة وفتاة على بُعد 50 كيلومتراً فقط من مناطق نزاع نشط، ما يجعلهن أطرافاً أساسية في أي عملية سلام مستدامة.
الدراسات تؤكد أن اتفاقيات السلام التي تُشارك فيها النساء تكون أكثر ديمومة واستقراراً، ومع ذلك، غابت النساء عن 80% من محادثات السلام بين 2020 و2023.
لكن هناك مؤشرات واعدة: ففي أوكرانيا مثلاً، بدأت مهنة إزالة الألغام –التي طالما ارتبطت بالصورة النمطية بأنها عمل رجالي– تستقطب مزيداً من النساء.
تقول تاتيانا روبانكا، رئيسة فريق إزالة الألغام: أشغل وظيفة لا يُنظر إليها عادةً باعتبارها عملاً نسائياً، في بلدٍ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى تلوث 20% من أراضيه بذخائر غير منفجرة.
أصوات جماعية تغير الواقع
تؤكد هيئة الأمم المتحدة للمرأة أن ضمان مقاعد مخصَّصة للنساء في المجالس المحلية والوطنية وسيلة فاعلة لتحقيق تمثيل حقيقي. ومع ذلك، لا تزال النساء مُستبعدات من كثير من دوائر صنع القرار.
في جزر سليمان بالمحيط الهادئ، كانت النساء يشكلن غالبية بائعات الأسواق، في حين تُدار الأسواق نفسها من قِبل مجالس يغلب عليها الرجال، فتُهمل احتياجات النساء كالبنية التحتية للتبريد والأمن الصحي.
وبفضل مشروع أطلقته هيئة الأمم المتحدة للمرأة عام 2014، تمكَّنت أكثر من 50 ألف بائعة من تشكيل جمعيات تمثيلية تفاوضت باسمهن ونجحت في إحداث تغييرات ملموسة.
تقول جوي جانيت رامو، رئيسة إحدى هذه الجمعيات: لسنا نساء عاديات لا نملك شيئاً؛ نحن نساءٌ مهمات، لم نكن نفكر بهذا الشكل من قبل.
في قلب الأزمات مقاومة بالأمل
في أفغانستان، تُكبّل النساء والفتيات بأكثر من 80 مرسوماً تقيّد حقوقهن الأساسية وتمنعهن من التعليم والعمل والفن وحتى التنقل دون محرم.
تقول أنيتا، فنانة ومعلمة فقدت معظم طلابها بعد القيود الأخيرة: لقد خفتت ألوان قوس قزح في حياتي، ولم أعد أرى ألواناً لأرسم بها.
رغم ذلك، لا تزال بعض النساء تُقاوم عبر تشكيل منظمات مجتمعية تُعزز القيادة النسوية، استعداداً ليوم تعود فيه حقوقهن.
تحديات وإصرار متجدّد
بحسب الهيئة، هناك فجوة تمويل سنوية تبلغ 420 مليار دولار لتحقيق المساواة بين الجنسين عالمياً، ما يهدد استدامة كثير من المشاريع الحيوية.
ورغم هذا، تُعلن هيئة الأمم المتحدة للمرأة –بعد 15 عاماً على تأسيسها– أنها ستواصل مضاعفة التزامها بالمساواة وتمكين النساء.
تختم أنيتا رسالتها قائلةً: يا زميلاتي النساء: لا تفقدن الأمل أبداً في تقلبات الحياة، في صعودها وهبوطها.