قيود الهجرة تُهدد أولمبياد 2028.. هل تُفرّغ سياسات ترامب الاحتفال العالمي من جمهوره؟
قيود الهجرة تُهدد أولمبياد 2028.. هل تُفرّغ سياسات ترامب الاحتفال العالمي من جمهوره؟
مع اقتراب موعد دورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2028 في مدينة لوس أنجلوس، يتزايد القلق من تأثير السياسات التقييدية التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الحالية، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، على حق الأفراد في التنقل والسفر، وعلى مبدأ عدم التمييز الذي يُعد أحد الركائز الأساسية في القانون الدولي لحقوق الإنسان.
وتسمح السياسات الجديدة لإدارة ترامب للرياضيين والمدربين والمرافقين من الدول الخاضعة لحظر السفر أو قيود التأشيرات بدخول الولايات المتحدة للمشاركة في أولمبياد 2028، بينما يتم استثناء هؤلاء، فإن جماهيرهم ومشجعيهم من الدول ذاتها سيخضعون لقيود صارمة، تتضمن إجراءات معقدة للحصول على التأشيرة، وربما دفع كفالات مالية مرتفعة، أو حتى الحرمان الكلي من السفر.
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية أن "المسافرين الأجانب المحتملين الراغبين في حضور الألعاب الأولمبية مطالبون بالتقدم المبكر للحصول على التأشيرات"، مما يشير إلى تشديد الإجراءات وليس تسهيلها، على الرغم من الطابع الدولي لهذا الحدث.
وابتداءً من 20 أغسطس، ستفرض الولايات المتحدة برنامجًا تجريبيًا يلزم الزوار من مالاوي وزامبيا بدفع كفالة مالية تتراوح بين 5 آلاف و15 ألف دولار أمريكي، تُحدد خلال مقابلة التأشيرة، ينطبق هذا الإجراء على طالبي تأشيرات السياحة أو العمل من نوع B1 وB2، مع اشتراط دخولهم وخروجهم عبر ثلاثة مطارات محددة فقط هي، بوسطن لوغان، وجون إف كينيدي في نيويورك، وواشنطن دالاس.
الحد من تجاوز مدة الإقامة
وفقًا لما ذكرته "نيويورك تايمز"، فإن وزارة الخارجية بررت هذه السياسة بأنها تهدف إلى الحد من تجاوز مدة الإقامة، بناءً على بيانات من وزارة الأمن الداخلي، لكن من منظور حقوقي، يُطرح تساؤل جاد حول مدى اتساق هذه الممارسات مع مبدأ التناسب، وعدم التمييز على أساس الجنسية أو الأصل الوطني.
تشير التقارير إلى أن إدارة ترامب فرضت حظرًا على دخول مواطني 13 دولة، منها أفغانستان، وإيران، وليبيا، والسودان، واليمن، كما فرضت قيودًا جزئية على سفر مواطني سبع دول أخرى، منها كوبا وفنزويلا وبوروندي.
ورغم أن الدوافع الرسمية لهذا الحظر ترتبط بـ"أمن الحدود"، فإن التوقيت والاتساع الجغرافي لهذه القيود، مع اقتراب موعد أولمبياد يفترض أنه دولي وشامل، يثيران تساؤلات حول طابعها التمييزي.
أولمبياد بلا جماهير
بينما تسعى الولايات المتحدة إلى الترويج لأولمبياد 2028 كـ"احتفال عالمي"، بحسب ما أوردته "الإيكونوميك تايمز"، فإن السياسات المفروضة حاليًا من شأنها أن تُفرّغ هذا الاحتفال من بعده الجماهيري والثقافي، حيث يُقوّض الحظر على الزوار من دول الجنوب العالمي الحق في الوصول إلى الأنشطة الثقافية والرياضية، كما يُضعف من قيمة التبادل الثقافي الذي تمثله الأحداث الأولمبية.
ومن جهة أخرى، يشكل هذا التقييد انتهاكًا لمبدأ "عدم التمييز" الذي تنص عليه المادة 2 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وكذلك المادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تضمن لكل فرد حق مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده، والعودة إليه.
ورغم إعلان وزارة الخارجية أن قطاع السفر والسياحة يدعم نحو 10 ملايين وظيفة داخل الولايات المتحدة، فإن الإدارة الحالية تستمر في اتخاذ إجراءات من شأنها تقليص تدفق الزوار الأجانب، ما يتعارض مع التزامات الدولة تجاه تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.
تُسلّط هذه السياسات المتشددة الضوء على التوتر بين الاعتبارات الأمنية والدوافع السياسية من جهة، والالتزامات الحقوقية الدولية للولايات المتحدة من جهة أخرى، وبينما تستعد لوس أنجلوس لاستضافة العالم، تبدو أبوابها موصدة أمام كثيرين بناءً على جنسيتهم، في مشهد يُنذر بتحوّل الحدث الرياضي إلى رمز للتمييز بدلًا من التضامن الإنساني.