"سنعيش ونموت هنا".. الفلسطينيون يواجهون خطة إسرائيل للسيطرة على غزة

"سنعيش ونموت هنا".. الفلسطينيون يواجهون خطة إسرائيل للسيطرة على غزة
آثار الدمار في غزة - أرشيف

في غزة، حيث لا تزال رائحة الركام والدخان تخترق أنفاس الناجين، يقف كثير من السكان على حافة كارثة جديدة، لكنهم يصرون على البقاء.

تقول أم إبراهيم بنات، البالغة 55 عاماً من شمال غزة، والتي نزحت أربع مرات: "أين سنذهب بالأطفال وكبار السن؟ أقسم أننا منهكون من النزوح والجوع والتشرد من مكان لآخر، الآن، نحن أموات أحياء".

ووفقاً لما نقلته صحيفة "الغارديان"، فقدت بنات ابنتها مريم مع زوجها وأطفالها، وتصف غزة بأنها "سجن ضخم محاصر براً وبحراً وجواً، حيث تمتد الخيام على مد البصر، المياه ملوثة، الأسعار جنونية، والمستشفيات خراب".

وبين أنقاض حي الرمال، يخطط أبو ناصر مشتهى، 35 عاماً وأب لأربعة، لاحتمال الرحيل إذا صدر أمر الإخلاء: "ستكون هذه، بلا شك، نهاية أهل غزة"، قتل الاحتلال والدته في بداية الحرب، وهو الآن يضع خطة مالية لنقل الضروريات فقط.

لكن آخرين مثل حسام السقا، 46 عاماً وأب لطفلين، يرفضون مغادرة بيوتهم: "لن أغادر، حتى لو صُوّبت كل الأسلحة إلى رأسي.. لن يخيفونا، فالله معنا"، و يقول إبراهيم أبو الحسني، 47 عاماً، الذي فقد ابنه الأكبر خلال الحرب: "هذه أرضنا التي نشأنا فيها منذ الصغر، ولن نتنازل عنها سأعيش هنا، وسأموت هنا".

قرار إسرائيلي يفاقم المأساة

بعد اجتماع ليلي استمر عشر ساعات، أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن مجلسه الأمني المصغر وافق على خطة للسيطرة على مدينة غزة، في تصعيد جديد للهجوم الذي أودى بحياة أكثر من 61 ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين.

ووفق القناة 12 الإسرائيلية، فإن الخطة تتضمن إرسال قوات برية إلى المدينة، ما قد يؤدي إلى نزوح نحو مليون فلسطيني، وتعطيل إيصال الغذاء، وإجبار السكان على الانتقال جنوباً.

وبحسب مصادر مطلعة على الاجتماع لـ"الغارديان" فإن إخلاء مدينة غزة مقرر أن ينتهي بحلول 7 أكتوبر، لكن عدد السكان الباقين في المدينة غير واضح، ففي الأسابيع الأولى من حرب 2023، غادر مئات الآلاف، لكن كثيرين عادوا خلال وقف إطلاق النار بداية هذا العام.

تحول مثير للجدل

من جانبها تصف "واشنطن بوست" القرار الإسرائيلي بأنه "تحول تكتيكي هام"، إذ ستكون المرة الأولى التي يُطلب فيها من الجيش الإسرائيلي الاحتفاظ بأكبر مدينة في غزة والسيطرة عليها بشكل مستمر.

ورغم أن الجيش عمل سابقاً في شمال غزة، فإن الخطة تمثل تصعيداً دراماتيكياً يمهد لـ"استيلاء عسكري تدريجي" على القطاع.

واجهت الخطة إدانة من حلفاء إسرائيل مثل أستراليا والمملكة المتحدة، في حين أعلنت ألمانيا وقف تصدير المعدات العسكرية التي يمكن استخدامها في غزة، كما عارضها الجيش الإسرائيلي نفسه، معتبراً أن السيطرة الكاملة ستعرض حياة الرهائن للخطر وتفرض عبئاً كبيراً على القوات.

أبعاد إنسانية معقدة

تواجه مدينة غزة، التي كانت قبل الحرب تضم أكثر من 650 ألف شخص في مساحة لا تتجاوز 18 ميلاً مربعاً -أكثر كثافة من نيويورك- الآن احتمال إجلاء سكانها في عملية قد تستغرق شهرين.

يتساءل آدم أحمد سالم، أب لثلاثة أطفال، عاد إلى المدينة بعد نزوحه سابقاً: "إلى أين يريد أن يدفعنا؟ غزة صغيرة.. الحياة صعبة للغاية"، أما محمد سعيد مرتجى، مريض السرطان البالغ 52 عاماً وأب لأربعة، فيقول إنه بدأ الاستعداد للإخلاء قبل وصول الأمر: "ليس لدينا خيار".

وفي الوقت نفسه، تشهد إسرائيل احتجاجات واسعة ضد الخطة، حيث يرى المعارضون مثل يائير لابيد أن هذا القرار سيغرق إسرائيل في "احتلال لا طائل منه"، ويؤدي إلى مقتل الرهائن والجنود، ويكلف عشرات المليارات.

أوضاع كارثية في غزة

تشرد معظم سكان غزة، البالغ عددهم مليوني نسمة، مراراً، وتكدسوا في مدن خيام وسط ظروف مأساوية، مع ارتفاع وفيات سوء التغذية والجوع، ومنذ بداية الحرب، قُتل أكثر من 61 ألف شخص، معظمهم نساء وأطفال، بحسب وزارة الصحة في غزة.

أما عائلات الرهائن الإسرائيليين، فتعبر عن قلقها من أن التصعيد سيؤدي إلى مقتل أحبائهم، حيث يقول منتدى الرهائن وأسر المفقودين: "باختيار التصعيد العسكري على المفاوضات، نترك أحباءنا تحت رحمة حماس".

وبينما تواصل إسرائيل خطتها للسيطرة على مدينة غزة، يواجه الفلسطينيون خيارين أحلاهما مر: الرحيل مرة أخرى إلى جنوب مكتظ ومدمر، أو البقاء وسط احتمالات الموت، شعب يواجه الإبادة البطيئة لكنه يصر على التمسك بالأرض، وعلى الجانب الأخر تواجه تل أبيب خلافات داخلية وضغوط دولية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية