وسط تحديات اقتصادية وخدمية.. "شؤون اللاجئين": مليون سوري يعودون لبلادهم بعد سنوات النزوح
وسط تحديات اقتصادية وخدمية.. "شؤون اللاجئين": مليون سوري يعودون لبلادهم بعد سنوات النزوح
توقع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عودة نحو مليون لاجئ سوري إلى سوريا خلال عام 2026، في ظل التعافي التدريجي الذي يشهده البلد بعد سقوط نظام بشار الأسد في 8 ديسمبر 2024.
وقال ممثل المفوضية في سوريا غونزالو فارغاس يوسا في بيان، اليوم الأحد، إن نحو 1.3 مليون لاجئ سوري عادوا إلى البلاد منذ ديسمبر 2024، إضافة إلى قرابة مليوني نازح داخلي، ما يعني أن أكثر من 3 ملايين سوري استعادوا حياتهم في مناطقهم الأصلية خلال فترة قصيرة، وسط واقع اقتصادي هش وبنية تحتية منهكة بعد 14 عاماً من الحرب.
وأوضح يوسا أن العودة تجري في ظروف صعبة اقتصادياً وخدمياً، إذ تفتقر مناطق عدة إلى الحد الأدنى من الخدمات الأساسية، كما أن ارتفاع معدلات البطالة ونقص فرص العمل يضع ضغوطاً إضافية على السكان العائدين، وقال إن دعم المجتمع الدولي المالي أصبح أولوية عاجلة لضمان استقرار العودة ومنع تفاقم أزمات جديدة.
فرص التعايش والتحديات الاقتصادية
مع عودة اللاجئين، بدأ الخوف الذي كان يسيطر على المجتمع السوري يتراجع تدريجياً، لتحل محله شعور متزايد بالأمل، وفق ما ذكره المسؤول الأممي، ورغم ذلك، يشير الخبراء إلى أن التعافي الكامل لن يكون فورياً، فالبلاد تواجه تحديات ضخمة تشمل إعادة تأهيل البنية التحتية، وتأمين الكهرباء والمياه، وإعادة فتح المدارس والمستشفيات، إضافة إلى معالجة الآثار النفسية والاجتماعية للحرب الطويلة.
وتظل فرص العمل محدودة، حيث يعاني معظم اللاجئين العائدين من نقص فرص دخل كافية لتغطية احتياجاتهم اليومية، كما أن غياب الاستقرار الاقتصادي جعل كثيرين منهم يعتمدون على الدعم الدولي والمنظمات الإنسانية لتأمين الغذاء والرعاية الصحية والخدمات الأساسية.
دور المفوضية والدعم الدولي
تعمل المفوضية على تقديم دعم مباشر إلى اللاجئين العائدين، يركز على إعادة الوثائق الرسمية التي يفتقر إليها أكثر من ربع اللاجئين، ما يسهل حصولهم على الخدمات العامة وإعادة الاندماج في المجتمع، كما تقدم المفوضية مساعدات مالية مؤقتة لتأمين السكن والغذاء والخدمات الصحية، خصوصاً للنساء والأطفال والفئات الأكثر ضعفاً.
وأشار يوسا إلى أن رفع العقوبات المفروضة على سوريا قد يكون عاملاً حاسماً في جذب الاستثمارات اللازمة لتمويل إعادة الإعمار ودعم الاقتصاد المحلي، ما يعزز قدرة السكان على الصمود ويقلل من احتمالات نزوح جديد.
آفاق العودة المستدامة
قدّر المسؤول الأممي أن يتجاوز عدد اللاجئين العائدين أربعة ملايين سوري خلال عامين، مشدداً على أن الاستقرار يتطلب خطة شاملة تتضمن إعادة الإعمار، وتوفير الخدمات الأساسية، وخلق فرص عمل مستدامة، إلى جانب حماية الحقوق الأساسية لجميع السكان.
كما شدد على أهمية التعاون بين الحكومة السورية الجديدة والمجتمع الدولي لضمان عدم تكرار التجارب السابقة التي شهدت تردياً في الخدمات وانهياراً اقتصادياً بعد موجات عودة اللاجئين.
بدأت أزمة النزوح السوري في مارس 2011 مع اندلاع الاحتجاجات ضد نظام بشار الأسد، وتحولت سريعاً إلى صراع مسلح شمل جميع أنحاء البلاد، وخلال السنوات الـ14 الماضية، اضطر ملايين السوريين إلى مغادرة منازلهم، ما أدى إلى أكبر أزمة لجوء في العالم منذ الحرب العالمية الثانية، حيث وصل عدد اللاجئين إلى أكثر من 6.5 مليون شخص موزعين على دول الجوار وأوروبا.
كما تأثر الداخل السوري بنزوح داخلي هائل، بلغ نحو 6.7 مليون نازح، معظمهم يعيش في ظروف صعبة ضمن مخيمات مكتظة ومناطق محرومة من الخدمات الأساسية، وقد تركت الحرب آثاراً اجتماعية ونفسية عميقة على المجتمع السوري، بما في ذلك فقدان أرواح ملايين المدنيين وتدمير البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس وشبكات المياه والكهرباء.
تأتي جهود العودة الحالية في ظل واقع جديد يفرض تحديات كبيرة، أبرزها إعادة دمج العائدين في المجتمع، وتوفير الحماية لهم، وتأمين فرص اقتصادية مستدامة، إلى جانب الحاجة الملحة لرفع العقوبات ودعم الاستثمار الدولي لإعادة بناء البلاد، وتشكل هذه المرحلة اختباراً حقيقياً لقدرة المجتمع السوري والدعم الدولي على تحقيق التعافي الشامل بعد عقود من النزوح والمعاناة.











