صوت يواجه آلة الموت.. مارسيل خليفة يغني للحياة في جنوب لبنان

صوت يواجه آلة الموت.. مارسيل خليفة يغني للحياة في جنوب لبنان
الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة

أحيا الموسيقي اللبناني مارسيل خليفة، ليل السبت/ الأحد، حفلاً استثنائيًا في مدينة صيدا الجنوبية، أراده "انتصارًا على الموت" وسط مشهد إقليمي مثقل بالحروب والدمار. 

الحفل، الذي اختتم مهرجانات صيدا على مسرح ساحلي قرب القلعة البحرية التاريخية، جمع نحو 2200 شخص من مختلف الأعمار، بينهم جرحى فلسطينيون من غزة جاؤوا حاملين آثار الحرب على أجسادهم، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأحد. 

تداخلت فيه الموسيقى مع رسائل الأمل والمقاومة، في لحظة فنية حملت رمزية مزدوجة: التضامن مع غزة الجريحة، واستعادة الجنوب اللبناني لنبضه بعد حرب مدمرة مع إسرائيل العام الماضي.

استهل الحفل برسالة أمل

بدأ خليفة أمسيته بـ"نشيد الموتى"، في تحية مؤثرة إلى ضحايا انفجار مرفأ بيروت وأهل غزة، تخلّى عن وشاحه الأزرق الذي لازمه في السنوات الأخيرة، وارتدى مع فرقته ثيابًا سوداء، في إشارة إلى الحداد والوقوف مع المكلومين. 

وعلى وقع هدير أمواج البحر وضوء القمر المكتمل، صارت الموسيقى جسراً بين الألم والرجاء، بين ذاكرة الحرب وإرادة الحياة.

وقف خليفة أمام جمهور يعرفه ويعرفه جيدًا، موجّهًا كلماته إلى "أهل غزة" الذين يعانون حصارًا وحربًا منذ أكثر من عامين، وبين الحاضرين نحو 20 شخصًا من القطاع، فقد بعضهم أطرافهم أو أصيبوا بعجز دائم، لكنهم جاؤوا ليستمدوا القوة من الموسيقى. 

وشدد الفنان اللبناني على أن كل نغمة وأغنية وقصيدة هي "شمس كبيرة تعيد إلينا الحب والكرامة والحريّة، وتنقذنا من اليأس".

استعادة الذاكرة الفلسطينية واللبنانية

أعاد خليفة إلى الخشبة قصائد محمود درويش التي شكلت حجر الأساس في مسيرته، ومنها "في البال أغنية" و"ريتا والبندقية" التي تردّد صداها مع أصوات الجمهور قبل أن يبدأ هو بالغناء. 

كما أدّى أغنيته الشهيرة "منتصب القامة أمشي" لجمهور غناها كاملة عن ظهر قلب، وكرر "إني اخترتك يا وطني" بناء على طلب الحاضرين، في لحظة امتزج فيها الحنين بالمقاومة.

واكب خليفة عزف نجله رامي على البيانو في تحية لزياد الرحباني، الذي توفي قبل أسابيع، في حين قدّم نديم روحانا على الأكورديون "تانغو تشي غيفارا"، في استدعاء لروح النضال والثورة. 

كما خصّ انفجار مرفأ بيروت بمقطوعة مؤثرة، استحضرت وجوه الضحايا وأطياف المدينة المدمرة.

أحيى ذاكرة صيدا

بلغت الحماسة ذروتها حين اقتربت مراكب صيادي صيدا من المسرح رافعة الأعلام اللبنانية، في حين غنّى "يا بحريّة هيلا هيلا" التي قدمها أول مرة في السبعينات تخليدًا لذكرى معروف سعد، أحد رموز القومية العربية في المدينة. 

ذكّر خليفة بأن صيدا هي "أرض أغنيته"، وبأنها كانت مرفأ انطلاقه الفني حين غنى لأول مرة قصيدة "وعود من العاصفة" عام 1976.

وأنهى خليفة الحفل مؤكدًا أن الموسيقى ليست ترفًا في زمن الحرب، بل فعل مقاومة في وجه الموت، ورسالة بأن الأمل ممكن حتى وإن بدا مستحيلاً. 

وفي تلك الليلة، صارت صيدا مساحة يتقاطع فيها صوت العود مع خفق البحر، وذكريات الجنوب مع جراح غزة، لتكتب فصلًا جديدًا في حكاية الفن كونه ملاذاً وصرخة في آن.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية