شروط صارمة للصحفيين.. البنتاغون يفرض الولاء الإعلامي مقابل الاعتماد الصحفي

شروط صارمة للصحفيين.. البنتاغون يفرض الولاء الإعلامي مقابل الاعتماد الصحفي
البنتاغون - أرشيف

أعلن البنتاغون، أمس الجمعة، عن فرض قيود جديدة غير مسبوقة على الصحفيين المعتمدين لتغطية شؤون وزارة الدفاع، وبموجب هذه الإجراءات، سيُطلب من الصحفيين التعهّد كتابيًا بعدم جمع أو استخدام أي معلومات لم يُصرّح بنشرها رسميًا، وإلا فإنهم سيُخاطرون بفقدان اعتمادهم الصحفي ومنعهم من دخول مبنى الوزارة.

وفق ما نشرته "نيويورك تايمز"، شددت المذكرة المكونة من 17 صفحة، التي وُزعت على الصحافة، على أن الوزارة "لا تزال ملتزمة بالشفافية لتعزيز المساءلة والثقة العامة"، لكنها أوضحت أن "الموافقة المسبقة من مسؤول مُصرّح له بالنشر العام" شرط لنشر أي معلومة، حتى لو لم تكن سرية.

وأضافت الصحيفة الأمريكية، أن القيود لا تقتصر على المحتوى الصحفي، بل تشمل أيضًا حركة المراسلين داخل البنتاغون. إذ حددت الوثيقة مساحات واسعة من المبنى محظورة على نحو 90 مراسلًا معتمدًا، بحيث لا يمكنهم التجول إلا برفقة مسؤولين.

ورغم أن بعض المكاتب وقاعات الاجتماعات كانت سابقًا متاحة للصحفيين بحرية، فإن الإجراءات الجديدة تُقيد الوصول إليها.

وصفت رابطة صحافة البنتاغون السياسة الجديدة بأنها "هجوم مباشر على الصحافة المستقلة"، فيما أكد المتحدث باسم الوزارة شون بارنيل أن هذه القواعد "تتماشى مع ما يُطبق في باقي القواعد العسكرية" وأنها "لحماية المعلومات الحساسة".

عهد هيجسيث

تأتي هذه الخطوة تأتي امتدادًا لسياسات متشددة تجاه وسائل الإعلام في عهد وزير الدفاع بيت هيجسيث وإدارة الرئيس ترامب، فمنذ يناير، أُخرجت عدة وسائل إعلام من مكاتبها داخل البنتاغون، بينها مؤسسات كبرى، وأُعطيت المساحات لمنافذ إعلامية اعتُبرت أقرب إلى خط الإدارة مثل "بريتبارت نيوز".

كما أضافت "نيويورك تايمز" أن الوزير هيجسيث، المذيع السابق في قناة فوكس نيوز، اتخذ موقفًا عدائيًا تجاه الصحفيين، متهمًا إياهم بمحاولة "تخريب" أجندة ترامب، ولم يعقد سوى مؤتمر صحفي واحد منذ توليه منصبه، في حين اتُّهم بالكشف عن تفاصيل خطط عسكرية سرية، بل ودعا الملياردير إيلون ماسك لاجتماع سري حول خطط الحرب مع الصين.

من جانبها، وصفت صحيفة "بوليتيكو" الإجراء بأنه "أقوى خطوة حتى الآن" في تقييد تغطية أكبر وكالة فيدرالية أمريكية، وذكرت أن القواعد الجديدة ستُطبق خلال أسبوعين أو ثلاثة، وتشترط أن يوقّع الصحفيون على تعهد بعدم نشر أي وثائق أو معلومات تعدها الوزارة حساسة، حتى لو لم تكن سرية.

نصّ التعهد على أن "أي إخلال بالقواعد قد يؤدي إلى تعليق أو إلغاء تصريح الدخول وفقدان حق الوصول"، كما شددت الوزارة على أن أي إفصاح غير مصرح به "قد يُشكل خطرًا أمنيًا يضر بالولايات المتحدة ويعرض موظفي الدفاع للخطر".

وأشار تقرير "بوليتيكو" إلى أن هذه القيود تمنح البنتاغون حرية واسعة لتصنيف الصحفيين كـ "تهديدات أمنية"، ما يسمح بإلغاء تصاريحهم إذا نشروا معلومات تعدها الوزارة غير صالحة للنشر العام.

وأضافت الصحيفة أن هذه الإجراءات تأتي بالتوازي مع خطوات اتخذها البنتاغون خلال الأشهر الماضية، شملت سحب مكاتب من نيويورك تايمز وواشنطن بوست وبوليتيكو نفسها، ومنحها لمنافذ إعلامية محافظة.

أما صحيفة "الغارديان"، فقد أشارت إلى أن القيود المفروضة منذ مايو الماضي كانت مقدمة لهذه التطورات، وأوضحت أن وزير الدفاع بيـت هيجسيث حصر الصحفيين المعتمدين في زاوية واحدة داخل طابق بالمبنى، ولم يعد مسموحًا لهم بالتجول إلا بمرافقة مسؤولة.

كما منعت الوزارة الصحفيين من دخول المركز الرياضي وألزمتهم بارتداء بطاقات اعتماد جديدة كُتبت عليها كلمة "صحافة" بخط كبير.

وقالت رابطة صحافة البنتاغون حينها إن هذه السياسة "تمثل هجومًا مباشرًا على حرية الصحافة وحق الجمهور الأمريكي في معرفة ما يفعله جيشه"، خصوصًا أن هيجسيث لم يعقد مؤتمرًا صحفيًا خلال أول مئة يوم من ولايته.

تراكم القيود

بحسب "الغارديان"، جاءت هذه الإجراءات بعد سلسلة من التسريبات من داخل الوزارة، شملت محادثات خاصة لهيجسيث عبر تطبيق سيجنال، ومداولات حول خيارات عسكرية حساسة، بل وتحقيقات حول خطط أمريكية محتملة في قناة بنما.

وفي محاولة لوقف التسريبات، أقال الوزير ثلاثة من كبار مساعديه، لكن التسريبات استمرت ووصلت حتى إلى تفاصيل التحقيقات الداخلية نفسها.

رغم أن وزارة الدفاع أكدت في بياناتها أن هذه الإجراءات ضرورية لحماية الأمن القومي، فإن ذلك يُظهر أن الصحافة باتت محاصرة في قدرتها على مراقبة مؤسسة بحجم البنتاغون.

لا تكتفي القيود الجديدة بتنظيم الوصول، بل تمنح الوزارة حقًا واسعًا في التدخل المسبق فيما يُنشر، وهو ما وصفه خبراء حرية الصحافة في تصريحات لنيويورك تايمز بأنه "أخطر أشكال الانتهاك للتعديل الأول في الدستور الأمريكي".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية