واقعة غير مسبوقة.. مهاجر إفريقي يعبر إلى سبتة الإسبانية بمظلة شراعية

واقعة غير مسبوقة.. مهاجر إفريقي يعبر إلى سبتة الإسبانية بمظلة شراعية
لحظة عبور المهاجر بالمظلة

فاجأ شاب إفريقي في العشرينات من عمره قوات الحرس المدني الإسباني، بعدما تمكن للمرة الأولى من عبور الحدود إلى جيب سبتة الإسباني بواسطة مظلة شراعية، في واقعة نادرة أثارت دهشة السلطات والمراقبين على حد سواء.

وأكدت صحيفة "لوفار دو سبتة" المحلية، الثلاثاء، أن الشاب انطلق صباح الثلاثاء من منطقة جبلية قريبة من مدينة الفنيدق المغربية، وحلّق فوق البحر الأبيض المتوسط قبل أن يهبط في منطقة سيدي إبراهيم داخل الجيب الإسباني. 

وبحسب الصحيفة، فقد ترك الشاب المظلة وسط الأعشاب وفرّ على الفور دون أن يتعرض لأي أذى، ما يشير إلى امتلاكه خبرة سابقة في استخدام المظلات الشراعية.

متابعة أمنية وتحقيقات

ذكرت الصحيفة أن دوريات الحرس المدني الإسباني وصلت بسرعة إلى موقع الهبوط بعد رصد المظلة في الجو، لكنها فقدت أثر الشاب في المنطقة الجبلية الوعرة. 

وأوضحت أن هوية المهاجر لا تزال مجهولة حتى الآن، في حين بدأت السلطات الإسبانية تحقيقًا موسعًا لمعرفة ملابسات الحادثة ومسار الرحلة الجوية التي نفّذها الشاب من الأراضي المغربية.

وفي تصريح لصحيفة "الكونفدينشال" الإسبانية، قال متحدث باسم الحرس المدني إن التحقيق جارٍ بالتعاون مع السلطات المغربية، مضيفًا أن هذا النوع من العبور الجوي "نادر للغاية ولا يُتوقع أن يتحول إلى وسيلة مألوفة للهجرة". 

وأكد أن الإجراءات الأمنية في سبتة ومليلية مشددة للغاية، وتشمل مراقبة برية وبحرية وجوية دائمة على مدار الساعة.

تفاعل على وسائل التواصل

أشارت "لوفار دو سبتة" إلى أن الواقعة لم تكن بعيدة عن الأضواء قبل حدوثها، إذ انتشرت قبل أيام على منصة "تيك توك" مقاطع ساخرة بين مجتمعات المهاجرين الأفارقة تُظهر أشخاصًا يحاكون عبور الحدود بواسطة المظلات الشراعية. 

لكن يبدو أن الشاب المجهول قرر تحويل المزحة إلى حقيقة، في خطوة تكشف تصاعد اليأس بين الشباب المهاجرين الباحثين عن سبل جديدة للوصول إلى أوروبا مهما كانت المخاطر.

وبحسب تقارير إعلامية إسبانية، تُعد هذه الحادثة الثالثة من نوعها منذ عام 2022، لكنها الأولى التي تسجَّل في جيب سبتة، ففي ديسمبر 2022، حاول مهاجر عبور السياج الحدودي في مليلية باستخدام مظلة مماثلة، وتكررت المحاولة مرة أخرى في أكتوبر 2023، ما دفع السلطات إلى تعزيز مراقبة الأجواء باستخدام الطائرات المسيّرة.

بوابة محفوفة بالمخاطر

يُعتبر جيب سبتة الإسباني، الواقع شمال المغرب، أحد أهم نقاط العبور للمهاجرين غير النظاميين نحو أوروبا. 

وتشير بيانات وزارة الداخلية الإسبانية إلى أن عدد الوافدين إلى سبتة تضاعف أكثر من مرتين خلال الأشهر الثمانية الأولى من عام 2024، ليصل إلى 1600 مهاجر، مقارنة بـ620 فقط في العام السابق.

وتتنوع طرق العبور بين السباحة من السواحل المغربية أو الإبحار في قوارب مطاطية صغيرة، إضافة إلى تسلق الأسوار الحديدية المحيطة بالجيب، في حين تحوّل عبور الجو بالمظلات الآن إلى طريقة استثنائية جديدة رغم خطورتها العالية.

تحديات بمراكز الاستقبال

تعاني مراكز الإيواء في سبتة من اكتظاظ شديد بسبب تزايد أعداد الوافدين، وأفادت منظمات إنسانية بأن بعض المراكز تعمل بطاقتها القصوى أو تفوقها، ما يؤدي إلى تدهور الظروف الصحية والمعيشية داخلها.

وتقول منظمة محلية تُعنى بشؤون المهاجرين إن "الوضع الإنساني في سبتة بات هشاً للغاية"، مضيفة أن الضغط الكبير على المرافق الصحية والخدمية يهدد بانهيار منظومة الاستقبال بأكملها إذا استمر تدفق المهاجرين بوتيرته الحالية.

وأشار تقرير صادر عن المنظمة الدولية للهجرة حول مسار غرب البحر الأبيض المتوسط إلى أن عدد الوافدين إلى أوروبا عبر هذا الطريق انخفض بنسبة 9% خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2025، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، حيث تم تسجيل 3405 حالات وصول خلال تلك المدة.

ورغم هذا الانخفاض النسبي، فإن خسائر الأرواح لا تزال مرتفعة بسبب خطورة الرحلات البحرية وسوء حالة القوارب المستعملة.

تحذيرات حقوقية

حذّرت منظمات مثل كاميناندو فرونتيراس من تزايد المآسي الإنسانية في البحر المتوسط، مؤكدة أن 1865 شخصاً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2025 أثناء محاولاتهم الوصول إلى إسبانيا، منهم 112 امرأة و342 طفلاً.

وأشار تقرير "مراقبة الحق في الحياة" الصادر عن المنظمة إلى أن 47٪ من هذه المآسي تعود مباشرة إلى سياسات مراقبة الهجرة الصارمة وتأخير عمليات الإنقاذ، بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين الدول الساحلية.

ويُشكل جيبا سبتة ومليلية الحدود البرية الوحيدة بين الاتحاد الأوروبي وإفريقيا، ما يجعلهما نقطة تماس حساسة بين سياسات أوروبا الأمنية وأحلام آلاف المهاجرين الباحثين عن الأمان والعمل.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية