رغم الأزمة الاقتصادية.. إيران تغيّر مناهج ما قبل الزواج لتشجيع الإنجاب
رغم الأزمة الاقتصادية.. إيران تغيّر مناهج ما قبل الزواج لتشجيع الإنجاب
أعلنت السلطات الإيرانية عن تغييرات جذرية في محتوى الدورات التعليمية التي تسبق الزواج، في خطوة تهدف إلى تعزيز معدلات الإنجاب المتراجعة في البلاد.
وأكدت رئيسة دائرة "شبابية السكان" بوزارة الصحة الإيرانية، بتول نامجو، أن هذه الدورات ستتضمن من الآن فصاعدًا موضوعات جديدة مثل "الإنجاب، ومهارات الحياة، والأحكام والحقوق الزوجية، وأضرار وسائل منع الحمل"، بدلًا من موضوع "تنظيم الأسرة" الذي كان جزءًا أساسيًا من البرامج التعليمية خلال العقود الماضية، بحسب ما ذكرت شبكة "إيران إنترناشيونال"، اليوم الخميس.
وذكرت المسؤولة الإيرانية أن السياسة السكانية الحالية جاءت متماشية مع "قانون دعم الأسرة وشبابية السكان" الذي يركّز على رفع معدلات الولادة، مضيفةً أن محتوى الدورات السابقة لم يعد منسجمًا مع الأهداف الجديدة للدولة.
وأعربت نامجو عن أملها في أن تؤدي هذه الدورات إلى "تكوين وعي جديد لدى الأزواج الشباب حول أهمية الإنجاب"، مشيرةً إلى أن المدرّبين تلقّوا إعدادًا خاصًا لتأدية دور فعّال في "تعليم الأزواج وفق أحدث المعارف الطبية والدينية والاجتماعية".
فشل السياسات السابقة
أوضحت الإحصاءات الصادرة عن هيئة الأحوال المدنية الإيرانية أن عام 2023 شهد انخفاضًا في عدد المواليد بمقدار 17 ألف طفل مقارنة بعام 2022، ما يعكس فشل السياسة الحكومية في رفع معدلات الإنجاب رغم الجهود المكثفة التي بذلها النظام، بما في ذلك تصريحات المرشد الأعلى علي خامنئي التي دعا فيها مرارًا إلى "زيادة عدد سكان إيران لضمان مستقبل الأمة".
ويأتي هذا التراجع في وقت تتزايد فيه المخاوف داخل الأوساط الرسمية من أزمة ديموغرافية قد تهدد النمو الاقتصادي والأمن الاجتماعي في العقود المقبلة.
وأفادت وكالة "إيرنا" الحكومية بأن النظام الإيراني كثّف إجراءاته ضد الإجهاض غير القانوني، حيث أعلن المتحدث باسم السلطة القضائية أصغر جهانغير في سبتمبر الماضي أن المحاكم شددت العقوبات بحق المتورطين في عمليات الإجهاض السرية، مشيرًا إلى صدور حكم بالإعدام بحق شخص في محافظة هرمزكان نفّذ أكثر من 140 حالة إجهاض عمدي.
ويأتي هذا ضمن توجّه رسمي يعتبر الإجهاض أحد أسباب تراجع المواليد في البلاد، فيما تسعى السلطات إلى مراقبة النشاطات الإلكترونية التي تعرّف النساء بمراكز الإجهاض أو تروّج لها عبر الإنترنت.
الفقر يعرقل سياسات الدولة
أقرت أمينة الهيئة الوطنية للسكان مرضية وحيد دستجردي بأن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة تمثل العائق الأكبر أمام خطط الحكومة لزيادة معدلات الإنجاب، مؤكدة أن "الأسر الإيرانية لا تستطيع التفكير في إنجاب الأطفال في ظل الغلاء المعيشي وارتفاع الأسعار".
وقالت دستجردي في مقابلة مع وكالة "إيرنا" الرسمية، إن المواطنين يربطون قرار الإنجاب بتحسن الوضع الاقتصادي، مضيفةً أن ارتفاع أسعار الحفاضات ثلاث مرات خلال عام 2024 مثّل عبئًا كبيرًا على الأسر ذات الدخل المتوسط والمنخفض.
وكشف مركز أبحاث البرلمان الإيراني في تقرير حديث أن أكثر من 30 بالمائة من سكان إيران يعيشون تحت خط الفقر منذ عام 2021، وأن عدد الفقراء ازداد بما لا يقل عن 11 مليون شخص خلال العقد الأخير نتيجة التضخم وتراجع القوة الشرائية.
وأظهرت بيانات أخرى أن معدلات الزواج في إيران بدأت في الانخفاض منذ عام 2011، حيث تراجع المعدل السنوي بنحو 6% في المتوسط، وهو ما يزيد من صعوبة تحقيق أهداف الحكومة السكانية.
مستقبل الأسرة الإيرانية
تعكس الإجراءات الحكومية المتصاعدة رغبة النظام الإيراني في بناء مجتمع شاب وكبير العدد، غير أن واقع الفقر والبطالة وغلاء المعيشة يجعل من هذه الأهداف بعيدة المنال في المدى القريب.
ويرى مراقبون أن التركيز على الجوانب العقائدية والتشريعية دون معالجة الأوضاع المعيشية والاقتصادية سيجعل من خطط الدولة لزيادة المواليد خطوة رمزية أكثر منها عملية، خصوصًا في ظل فقدان الثقة الشعبية في قدرة المؤسسات الرسمية على تحسين جودة الحياة.











