مساعٍ لإعادة فرض قيود الحجاب بإيران عبر قانون مكافحة العنف ضد النساء
مساعٍ لإعادة فرض قيود الحجاب بإيران عبر قانون مكافحة العنف ضد النساء
بدأت الأزمة داخل البرلمان الإيراني تتصاعد، بعد أن تم الكشف عن تحركات عدد من النواب المحافظين لإدراج بنود من "قانون العفاف والحجاب" ضمن مشروع "قانون منع العنف ضد النساء"، في محاولة لإعادة فرض قيود كانت قد جُمّدت سابقًا بقرار من المجلس الأعلى للأمن القومي.
وأوضحت صحيفة "اعتماد" الإيرانية، الاثنين، أن بعض النواب المتشددين لجؤوا إلى إعادة صياغة مضامين القانون المثير للجدل داخل مشروع جديد يبدو في ظاهره إنسانيًا واجتماعيًا، لكنه يحمل في طياته توجهات تقييدية تستهدف النساء.
وأشارت إلى أن هذه التعديلات تضمنت عبارات مثل "أولوية العيش النبيل للرجال"، إضافة إلى بنود تتعلق بلباس النساء وشروط المظهر العام، ما اعتبرته أوساط حقوقية محاولة "لشرعنة القيود تحت غطاء حماية المرأة".
تعديل مشروع القانون
طالبت حكومة الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان بإعادة تعديل مشروع القانون قبل طرحه للتصويت، مؤكدة أن الهدف الأصلي هو مكافحة العنف ضد النساء وليس تقييد حرياتهن.
غير أن تقارير محلية أكدت أن "بعض التيارات داخل البرلمان تسعى لاستغلال القانون وسيلة لتمرير سياسات تتماشى مع توجهات التيار المحافظ"، في ظل صراع متصاعد بين الحكومة الإصلاحية والبرلمان ذي الأغلبية الأصولية.
وتزامنت هذه التطورات مع تصريحات متناقضة صدرت عن مسؤولين إيرانيين حول قانون الحجاب الإجباري. فعضو مجلس تشخيص مصلحة النظام محمد رضا باهنر صرّح في 3 أكتوبر أن القانون لم يعد قابلًا للتنفيذ قضائيًا أو قانونيًا، مؤكداً أن العقوبات المترتبة عليه أُلغيت.
لكنه عاد بعد أيام ليصف الحجاب بأنه "ضرورة اجتماعية"، داعيًا إلى معاقبة من يعارضه، ما عكس حالة التردد والانقسام داخل النظام بشأن كيفية التعامل مع الاحتجاجات النسائية المستمرة.
سياسات الحجاب الإجباري
واصلت النساء الإيرانيات خلال الأشهر الأخيرة مقاومتهن لسياسات الحجاب الإجباري، رغم حملات الملاحقة والعقوبات، وفي المقابل، شدّد عدد من أئمة الجمعة وأعضاء مجلس الخبراء والبرلمان على ضرورة "تشديد الإجراءات" لتطبيق القانون بالقوة، معتبرين أن التراخي في فرض الحجاب يهدد "هوية المجتمع الإيراني".
وفي 12 أكتوبر، وجّهت معصومة ابتكار وشهيندخت مولاوردي، النائبتان السابقتان للرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة، رسالة رسمية إلى الرئيس بزشكيان، أعربتا فيها عن قلقهما من "تحريف" مشروع قانون مكافحة العنف ضد النساء، وحذرتا من أن حذف البنود الوقائية والداعمة للنساء سيؤدي إلى تعميق الانقسامات الاجتماعية وإضعاف التماسك الوطني.
ودعتا الحكومة إلى الدفاع عن نص القانون الأصلي الذي يضمن الحماية القانونية للنساء.
سحب مشروع القانون
كانت حكومة بزشكيان قد سحبت مشروع القانون من البرلمان في مايو الماضي، بعد أن قالت نائبة الرئيس لشؤون المرأة زهرا بهروز آذر إن اللجنة التي ناقشته "أدخلت تعديلات جوهرية حتى تغيّر اسمه بالكامل"، مؤكدة أن النسخة المعدلة انحرفت عن الهدف الأساسي المتمثل في حماية النساء من العنف الأسري والمجتمعي.
وتعكس هذه الخلافات عمق الأزمة الاجتماعية والسياسية في إيران، إذ تتزايد حالات العنف ضد النساء وسط غياب تشريعات فعالة تحميهن.
ويرى مراقبون أن مساعي دمج بنود الحجاب الإجباري في قانون حماية النساء تمثل محاولة للالتفاف على المطالب الشعبية بالمساواة، وتكشف استمرار الصراع بين من يسعون إلى توسيع الحريات الاجتماعية، ومن يتمسكون بنظام رقابة صارم يربط "الأخلاق العامة" بالسيطرة على جسد المرأة ولباسها.