وسط محاولات لفرض النقاب.. غضب نسوي وتحذيرات من "النموذج الأفغاني" في سوريا
وسط محاولات لفرض النقاب.. غضب نسوي وتحذيرات من "النموذج الأفغاني" في سوريا
تشهد مناطق عدّة من شمال سوريا حملات متكررة تهدف إلى فرض ارتداء النقاب على النساء، وسط تصاعد حدة الجدل والغضب الشعبي والحقوقي.
وتقود هذه الحملات عناصر دينية تتبع للحكومة السورية المؤقتة، حيث تقوم بتوجيه إنذارات وتهديدات للنساء في الأسواق والأماكن العامة بضرورة الالتزام بالنقاب، وهو ما اعتبرته منظمات نسوية "انتهاكاً صارخاً للحرية الشخصية ومحاولة لفرض نموذج متشدد على المجتمع السوري"، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الأحد.
وأثار هذا التوجه موجة رفض واسعة في الأوساط النسوية، حيث أكدت الناشطة في مجال حقوق المرأة، رمال الحمد، أن هذه الحملات تمثل "خطوة خطيرة نحو تقويض ما تبقى من حرية النساء في سوريا".
وقالت رمال: "كنساء سوريات ناضلن لأكثر من 14 عاماً من أجل حريتنا وحقوقنا في المجتمع، لا يمكننا القبول بعودة حكم أكثر تشدداً يلغي دور المرأة ويسعى لتهميشها".
وشددت على أن هذه الحملة لا تقتصر على فرض النقاب، بل تمتد إلى "ممارسات قمعية تشمل التهديد والترهيب بحق النساء اللواتي يرفضن الالتزام"، معتبرة أن ما يحدث يمثل "انحرافاً عن جوهر الدين، الذي يقوم على الرحمة والحرية وليس على الإكراه".
بين الدين والسياسة
أكدت الناشطة أن المشكلة الأعمق تكمن في المزج بين الدين والسياسة، مشيرة إلى أن "الفصل بينهما يبدو أمراً مستحيلاً في ظل سيطرة الفكر الجهادي".
وأضافت أن هناك من "يستخدم الدين كوسيلة للهيمنة على المجتمع، وخاصة على النساء، لإخضاعهن وإسكات أصواتهن".
وأوضحت أن ارتداء النقاب لا ينبغي أن يُفرض كمعيار ديني أو أخلاقي، لافتة إلى أن "المرأة السورية دفعت ثمناً باهظاً منذ اندلاع الحرب عام 2011، والآن تواجه مرحلة جديدة من التقييد تحت ذرائع دينية".
آثار نفسية واجتماعية
أبرزت الحمد أن النساء المحجبات أنفسهن يتعرضن لنظرات مجتمعية سلبية إذا لم يلتزمن بالنقاب، ما يخلق شعوراً متزايداً بالعار والضغط النفسي.
وحذّرت من أن هذا التمييز سيؤدي إلى إقصاء النساء من الحياة العامة والمهنية، إذ يخشى كثير من أرباب العمل من توظيف نساء غير منقبات خشية اتهامهم بعدم الالتزام بـ"الضوابط الشرعية".
وأضافت أن "التمييز ضد النساء لم يعد ثقافياً فقط، بل تحول إلى سلوك مؤسسي تدعمه سلطة الأمر الواقع"، مؤكدة أن ذلك يهدد مستقبل النساء العاملات في التعليم والطب والإعلام والقطاع الإنساني.
دعوات إلى وحدة نسائية
دعت الحمد إلى تكاتف النساء من مختلف الطوائف والانتماءات لمواجهة هذه السياسات، قائلة: "علينا أن نقف صفاً واحداً ضد هذه الحملة، لأن غياب الوحدة بيننا سيهدد كل ما ناضلنا من أجله خلال السنوات الماضية".
وحذّرت من أن استمرار هذه الإجراءات قد يؤدي إلى تحول سوريا إلى نموذج مشابه لأفغانستان، حيث تُقيد الحريات باسم الدين، مؤكدة أن "النساء السوريات لن يقبلن بأن يصبحن رهينات لعقيدة متشددة ترفض وجودهن ودورهن المجتمعي".
احترام الخصوصية الدينية
في ختام حديثها، أوضحت الحمد، المنتمية إلى الطائفة الدرزية، أن لكل طائفة في سوريا تقاليدها الخاصة في اللباس والعبادة، ورفضت بشدة أي محاولة لفرض ممارسات دينية على طائفة أخرى، مؤكدة أن "أبناء الطائفة الدرزية يتمسكون بعاداتهم ويرفضون أي تدخل في شؤونهم الدينية".
واختتمت بالقول: "نحترم الأديان ونعتز بتنوعنا، لكننا نرفض أن يُستخدم الدين كأداة قمعية ضد النساء، ما نريده هو سوريا حرة تُحترم فيها المرأة كإنسانة، لا كرمز يُفرض عليه شكل معين من التدين".











