سميرة الفهيدي.. نصف أطفال اليمن يذهبون إلى محارق الحرب والنصف الآخر مصاب بسوء التغذية أو مهدد بمجاعة
سميرة الفهيدي.. نصف أطفال اليمن يذهبون إلى محارق الحرب والنصف الآخر مصاب بسوء التغذية أو مهدد بمجاعة
في أعقاب تصاعد العنف في اليمن 2022، فإن الأطفال هم أول وأكثر من يعاني، فمنذ اندلاع النزاع قبل حوالي 7 سنوات، تحققت الأمم المتحدة من مقتل وإصابة أكثر من 10,200 طفل، ومن المرجح أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير.
ولا تزال المنظمات المعنية بالطفولة تدق ناقوس الخطر، بسبب تفشي سوء التغذية بين أطفال اليمن حيث مستوى سوء التغذية من أعلى المعدلات العالمية ويعاني منه حوالي مليون طفل، إذن ما حقيقة هذا الوضع وانعكاساته على حاضر ومستقبل الطفولة في اليمن.
فمن مجموع 4.7 مليون طفل دون سن الخامسة يعاني 850.000 طفل من "سوء التغذية الحاد"، و160 ألف طفل من "سوء التغذية الوخيم"، وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة.
وحسب برنامج الأغذية التابع للأمم المتحدة، فإن اليمن يعاني من واحد من أعلى مستويات سوء التغذية في العالم بين الأطفال، حيث يعاني نحو نصف عدد الأطفال ممن تقل أعمارهم عن 5 سنوات -أي نحو المليونين- من نقص النمو، بينما يعاني نحو مليون من هؤلاء الأطفال من سوء تغذية شديد، في بلد يعيش حوالي 40% من سكانه في وضع "انعدام الأمن الغذائي ولا يحصلون على وجبات غذائية متكاملة"، بحسب برنامج الغذاء العالمي.
وضع كارثي
قالت مستشارة مكتب رئاسة الجمهورية لشؤون المرأة، مدير الإدارة السياسية في اللجنة الوطنية للمرأة سميرة الفهيدي: "إن وضع أطفال اليمن بعد سنوات من الحرب كارثي للغاية، فمن لم يمت برصاص وألغام ومتفجرات الحرب مات جوعا، فملايين الأطفال بدون غذاء ومياه ودواء، ومئات الآلاف مصابون بسوء التغذية ومثلهم تحصد أرواحهم الأوبئة، وتفتك بهم يوميًا في ظل ضعف أداء حكومي وعمل منظمات المجتمع الدولي وتخليها مؤخرا عن اليمنيين.
وتابعت سميرة لـ"جسور بوست"، هناك تسرب تعليمي كبير للأطفال من المدارس مما يجعل مستقبل اليمن عرضة للجهل والفقر والمرض، وفي السنوات الأولى من الحرب نشطت منظمات محلية ودولية في مد يد العون لكنها فقدت الثقة من الجمهور المستهدف والمانحين، بسبب تفشي حديث عن فساد وبدأ معظمها خلال العامين الآخرين بالتوقف عن تقديم مشاريعها الإنسانية بعد أن خفض الدعم الإقليمي والدولي لمشاريع الاستجابة الإنسانية.
وأضافت: "نصف أطفال اليمن يذهبون إلى محارق الحرب حيث تزج بهم جماعة الحوثي إلى الجبهات، والنصف الآخر معظمه مصاب بسوء التغذية أو مهدد بالمجاعة وتسرب من التعليم، مما يجعل مستقبل الطفولة في اليمن مهددا بالخطر بشكل كارثي، حيث يعاني اليمن من ثالوث مخيف هو الجهل والفقر والمرض.
وتؤكد سميرة أن الحل يكمن في إيقاف الحرب وتحقيق السلام الشامل في اليمن، ثم تقوم الحكومة والتحالف والمجتمع الإقليمي والدولي بإعمال الاستجابة الإنسانية العاجلة بطرق شفافة، وكذلك إعادة الأعمار وتقديم الخدمات الضرورية وفي مقدمتها ما يخص الطفولة والأمومة في اليمن.
سوء تغذية وتقزم
مشكلة سوء التغذية في اليمن لها نتائج أخرى أكثر خطورة، فإلى جانب تأثيرها على صحة الأطفال فهي تؤثر أيضًا على تحصيلهم العلمي، فسوء التغذية إذا لم يعالج خلال السنتين الأولى من عمر الطفل ينجم عنه التقزم، الذي بدوره لا يؤثر فقط على مظهر الطفل البدني الخارجي، بل له تأثير على نمو دماغ الطفل أيضا.
وحذر متخصصون إذا لم ينمُ الطفل للمستوى الذي يفترض أن يكون عليه وفق العمر، فإن قدراته الذهنية وقابليته للتطور أقل من المستوى الذي كان بمقدوره الوصول إليه، لو كان حصل على التغذية بشكل جيد".
والأطفال المصابون بالتقزم لا يستطيعون التعلم أو الإنجاز أو الإسهام في مستقبل أسرهم ومجتمعاتهم والبلد بأسره.
وتشير آخر الإحصاءات لمنظمة اليونيسف إلى أن 47% من الأطفال في اليمن يعانون من التقزم، ووفق المعايير المعتمدة فإن الدول التي يصل مستوى التقزم فيها فوق 40% تخسر ما يعادل 3-4% من دخلها السنوي.
ورغم انتشار نقص الوزن بين الأطفال وظاهرة التقزم في اليمن، إلا أنه لا يتم النظر إلى ذلك كمشكلة.
وحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا" فإن واحدا من بين كل 5 أطفال في اليمن يعانون من نقص الوزن.
من سيئ إلى أسوأ
في الفترة التي سبقت الحرب، قام قسم التغذية بمستشفى فلسطين في صنعاء بتوسيع خدماته لتشمل 4 مديريات، حيث كان يستقبل 10 حالات مصابة بسوء التغذية بين الأطفال شهريًا.
لكن تضاعف هذا العدد 3 مرات تقريبًا منذ عام 2015 ليصل إلى معدل 28 حالة، ويتم إحضار الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 6 أشهر إلى المستشفى وهم يعانون من سوء التغذية مع مضاعفات مثل الإسهال المائي والتهابات الجهاز التنفسي.
وفي الآونة الأخيرة ارتفع عدد الأطفال الذين يعانون من مشاكل في القلب وضمور الدماغ ونقص سكر الدم، والتي يمكن أن تكون مسألة حياة أو موت.
ووفقًا لتقارير صحفية، فعندما يُحضر الآباء أطفالهم إلى العيادات الخارجية، يقوم الطاقم الطبي بتقييم الوضع العام للحالة، وإذا تم تشخيص الطفل على أنه مصاب بسوء التغذية، فيتم إحالته على وجه السرعة إلى مركز متخصص في التغذية العلاجية ويبقى هناك لتلقي العلاج، وفي المستشفى يقوم الاستشاريون بتثقيف والدي الطفل حول أساليب التغذية المناسبة، والحصص الغذائية، وأهمية إضافة البروتينات والفواكه والخضروات والكربوهيدرات المعقدة في النظام الغذائي لأطفالهم.
كما أن معدلات الرقود منخفضة، حيث لا تصل سوى 50% فقط من الحالات إلى مراكز التغذية العلاجية، ويعود ذلك الرقم المتدني على الأرجح إلى صعوبة حصول أسرهم على المواصلات والمال اللازم لتغطية النفقات المرتفعة التي يتكبدونها خلال فترة العلاج التي قد تستغرق عدة أسابيع.