الهجرة غير الشرعية تفاقم معدلات ضحايا "القاتل الشرس" بالعالم
الهجرة غير الشرعية تفاقم معدلات ضحايا "القاتل الشرس" بالعالم
بعد أن باتت الهجرة غير الشرعية مصدرا لقلق دول العالم المتقدم، أصبحت أيضا سببا رئيسيا لزيادة معدلات الغرق، الملقب بـ"القاتل الشرس".
وفق المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، تفاقمت حالات الغرق في عرض البحر أثناء محاولات الهجرة غير الشرعية وتجاوز الحدود خلسة عبر القوارب المتهالكة.
وحذرت المنظمة من الزيادة في الوفيات بالغرق نتيجة الهجرة غير الشرعية، نظرا لانتشار عصابات التهريب وعمليات اعتراض القوارب التي تقل مهاجرين قبالة سواحل شمال إفريقيا.
وخلال العشرية الأخيرة، تزايدت معدلات الهجرة غير الشرعية من دول شمال إفريقيا باتجاه الشواطئ الأوروبية، على وقع الاضطرابات السياسية والحروب الأهلية والصراعات.
وفي عام 2019، علق الاتحاد الأوروبي دوريات الإنقاذ البحري للمهاجرين في البحر المتوسط، جراء خلاف نشب بين حكومات الدول الأوروبية بشأن ما إذا كانت العملية تشجع المزيد من المهاجرين على المخاطرة، فضلا عن تعزيز الاتجار بالبشر.
ومؤخرا دعت منظمة الصحة العالمية، كل الشعوب في العالم إلى اتخاذ تدابير للوقاية من الغرق، والذي يعد ثالث أهم أسباب الوفيات الناجمة عن الإصابات بالعالم بنسبة تتجاوز 7 بالمئة.
كما يوصف الغرق بأنه أحد الأسباب الرئيسية لوفاة الأطفال والشباب في العالم ممن تتراوح أعمارهم بين عام واحد و24 عاماً، إذ يحصد سنوياً أرواح أكثر من 236 ألف شخص بشكل مأساوي بالعالم.
وتقول التقديرات الأممية إن البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل هي التي تعاني من أكثر من 90 بالمئة من الوفيات الناجمة عن الغرق غير المتعمد؛ حيث يبلغ عدد الوفيات هذا ما يقرب من ثلثي عدد الوفيات الناجمة عن سوء التغذية وأكثر من نصف عدد الوفيات الناجمة عن الملاريا.
وتشير أيضا إلى عدم وجود جهود واسعة النطاق تستهدف الوقاية من الغرق في العالم، داعية الحكومات والوكالات الأممية والمنظمات إلى اتخاذ تدابير مجربة للوقاية من الغرق.
وتقود منظمة الصحة العالمية جهودا للوقاية من الغرق من خلال إنتاج مواد تثقيفية، واستضافة فعالية عالمية لتدشين الأنشطة الوطنية والمحلية ودعمها في البلدان والمجتمعات حول العالم.
والغرق هو الوفاة عندما يتسبب سائل في إعاقة تنفس الجسم للأكسجين من الهواء الجوي، ما يؤدي إلى الاختناق، والسبب الرئيسي للموت هو نقص الأكسجين مما يسبب توقف القلب.
تدابير وقائية
وفي مايو الماضي، دقت منظمة الهجرة الدولية ناقوس الخطر بارتفاع معدلات ضحايا الهجرة غير الشرعية عبر مياه البحر المتوسط، خلال الربع الأول من العام الجاري 2022، بمصرع 600 شخص وهو معدل غير مسبوق منذ عام 2014.
فيما أكدت المنظمة الأممية غرق نحو 2000 شخص على متن القوارب المتهالكة من دول شمال إفريقيا والمتجهة عبر البحر إلى أوروبا خلال العام الماضي 2021.
بدوره، يقول مدير عام منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبرييسوس: "كل عام يغرق مئات الآلاف من الأشخاص حول العالم، ويمكن الحيلولة دون وقوع معظم هذه الوفيات عبر حلول قائمة على الأدلة ومنخفضة التكاليف".
ويضيف تيدروس: "يمكن للمجموعات أن تستضيف فعاليات لتقاسم المعلومات بشأن السلامة المائية، أو إطلاق حملات السلامة المائية، أو الالتزام بتطوير أو تقديم برامج جديدة للوقاية من الغرق باستخدام أفضل التدخلات الموصى بها".
وتتواصل رحلات مراكب الهجرة غير الشرعية من شواطئ ليبيا ولبنان وتونس والمغرب باتجاه دول أوروبا بوتيرة شبه منتظمة، رغم الإجراءات الأمنية المشددة في هذه البلاد وتكثيف التنسيق والتعاون مع دول الاتحاد الأوروبي.
ويرى مراقبون أن المهاجرين غير الشرعيين من الجنسيات الإفريقية عادة ما يتخذون من الدول الواقعة شمالي القارة السمراء محطات للعبور إلى الدول الأوروبية، أبرزها إيطاليا واليونان وإسبانيا وقبرص، هربا من الحروب والمجاعات والفقر، وبحثا عن فرص عمل وحياة كريمة.
العبور الخطير
ومؤخرا تواترت تقارير إعلامية متلفزة عن إقبال شديد من اللاجئين السوريين واليمنيين في الأردن على تعلم السباحة، للتمكن من البقاء على قيد الحياة أثناء العبور الخطير للبحر عبر رحلة هجرة غير شرعية.
ولم يقتصر الأمر على اللاجئين العرب، بل طرق أبواب الراغبين في الهجرة غير الشرعية من دولة نيكاراغو بأمريكا الوسطى إلى الولايات المتحدة الأمريكية عبر نهر ريوغراندي.
وفي إبريل الماضي، كشف تقرير متلفز لفضائية "الحرة" الأمريكية، عن إقبال العديد من النساء في دولة نيكاراغو على تعلم السباحة، أملا في البقاء على قيد الحياة خلال رحلتهم للهجرة غير الشرعية إلى الولايات المتحدة.
بدوره، حذّر عضو الاتحاد الدولي للغوص والإنقاذ إيهاب المالحي، في تصريحه لـ«جسور بوست» من ارتفاع معدلات الوفاة بالغرق لا سيما مع تزايد معدلات الهجرة غير الشرعية في العديد من دول العالم.
وقال: "نبذل جهودا مكثفة في تنظيم الدورات التدريبية بالمدن والمحافظات الساحلية في مصر، لتدريب المواطنين على تعلم السباحة والإنقاذ والإسعافات الأولية، لخفض عدد الغرقى سنويا".
وأضاف المالحي، الذي يقود فريقاً باسم "غواصين الخير المتطوعين": "نأمل نشر التوعية بالسلامة أثناء السباحة بين جميع المواطنين، إلى جانب التدريب على إجراءات الإنقاذ السريع والإسعافات الأولية".
وتابع: "معدلات الوفاة بالغرق في زيادة مستمرة بالعالم، ويجب على الدول خاصة التي تعاني من الهجرة غير الشرعية أن تتبنى سياسات للحد من الغرق من خلال التوعية والتدريب وتشجيع المبادرات التطوعية".