جمعيات الصداقة الدولية.. دبلوماسية شعبية للتعاون والتضامن الإنساني
جمعيات الصداقة الدولية.. دبلوماسية شعبية للتعاون والتضامن الإنساني
لمواجهة التحديات والأزمات وعوامل الانقسام كالفقر والعنف والانتهاكات الحقوقية، انطلقت فلسفة تأسيس جمعيات الصداقة الدولية بين شعوب العالم.
وتؤدي الصداقة إلى تراكم الروابط وتقوية علاقات الثقة والتضامن الإنساني، ما يساهم في التحولات الأساسية الضرورية لتحقيق الاستقرار الدائم، ونسج شبكة الأمان لتعزيز الشعور بالحماية، لعالم أفضل يتحد فيه الجميع ويعملون من أجل الخير العام.
وتعد جمعيات الصداقة على اختلاف أهدافها وأحجامها وتخصصاتها واحدة من أوجه القوى الناعمة التي تلعب دورا كبيرا في مد جسور التعاون بين الدول والشعوب على مختلف الأصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وخلال العقدين الماضيين، نشطت جمعيات الصداقة لتضم في عضويتها كبار الشخصيات الدبلوماسية والعامة، وعادة ما تطرح آراء وأفكارا قد تساعد في دعم وتقوية العلاقات بين الدول، ومن ثم تساهم في رسم سياسات، وفق مستجدات الواقع والسياسة الدولية.
وتصنف جمعيات الصداقة ضمن منظمات المجتمع المدني في الدول، والتي تتشكل بهدف تنمية أواصر التعاون والإخاء والتضامن بين البلدان في جميع المجالات.
وتقول المنظمات الدولية إن تبادل الثقافات والفنون والعادات والتقاليد تعد وسائل فاعلة لمد جسور التواصل وفتح آفاق أكثر رحابة لتأكيد تميز العلاقات بين البلاد وتوطيد أواصر الصداقة والمحبة بين الشعوب.
أهداف جمعيات الصداقة
وتهدف جمعيات الصداقة إلى منع نشوب المنازعات عن طريق معالجة أسبابها الجذرية، من خلال ثقافة السلام واللاعنف والتي ينبغي أن ينبع ترويجها من الكبار وغرسها في الأطفال لتعلم العيش معا في سلام ووئام.
وتقوم فلسفة تلك الجمعيات على إدراك جدوى الصداقة وأهميتها بوصفها إحدى المشاعر النبيلة والقيمة في حياة البشر في جميع أنحاء العالم، كما تشدد على أهمية إشراك الشباب وقادة المستقبل في الأنشطة المجتمعية الرامية إلى التسامح والاحترام بين مختلف الثقافات.
وتعتبر الجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الصداقة بين الشعوب والبلدان والثقافات والأفراد يمكن أن تصبح عاملاً ملهماً لجهود السلام، وتشكل فرصة لبناء الجسور بين المجتمعات واحترام التنوع الثقافي.
وعادة ما تشجع الأمم المتحدة الحكومات، والمنظمات الدولية ومجموعات المجتمع الدولي، على القيام بأنشطة ومبادرات تسهم في الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي من أجل تعزيز الحوار بين الحضارات والتضامن والتفاهم والمصالحة.
وتتطلب الصداقة التعاطف والرحمة والاهتمام بالآخرين، ومن خلال تقدير الصداقة والاحتفاء بها يتم تعزيز هذه الخصائص وتبني نظرة أكثر امتنانًا للحياة، كما تدعو لبناء العلاقات وتقويتها على الرغم من الاختلافات في الثقافات، لخلق عالم أكثر لطفًا وسلمًا.
تشبيك وتعاون
بدوره قال رئيس جمعية الصداقة المصرية الهولندية الدكتور سعيد عثمان، إن جمعيات الصداقة الدولية تندرج ضمن منظمات المجتمع المدني الساعية إلى مد جسور التعاون والتضامن بين الدول والشعوب على جميع الأصعدة الثقافية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
وأوضح عثمان في تصريح لـ"جسور بوست" أن جمعيات الصداقة نشطت بوضوح خلال الخمسة عقود الأخيرة، وعادة ما تضم في عضويتها كبار الشخصيات الدبلوماسية والعامة والنشطاء الفاعلين في البلدين.
وأضاف: "جمعية الصداقة المصرية الهولندية على سبيل المثال تأسست عام 1974 كجمعية خيرية غير حكومية مسجلة في أمستردام، بهدف توطيد العلاقات وتبادل الثقافات وتقريب وجهات النظر بين الشعبين".
وتابع: "بدأنا بتنظيم الأنشطة الثقافية والفكرية لتعزيز التعاون والتعايش بين الشعبين المصري والهولندي، لا سيما وأن مصر وهولندا بلدان تمتلكان إرثا ثقافيا وتاريخا حضاريا كبيرا وعميقا".
ومضى عثمان، قائلا: "الآن تركز الجمعية اهتمامها على التعاون في المجال الطبي والصحي، خاصة مع وجود أطباء مصريين بأعداد كبيرة في هولندا -الجالية المصرية تقدر بنحو 40 ألفا- إذ تقوم بشراء الأجهزة الطبية من المستشفيات الهولندية ونقلها إلى المستشفيات المصرية الأكثر احتياجا في صعيد مصر".
وأوضح: "تتواصل الجمعية مع وزراء الصحة والسفراء ورجال الأعمال والأكاديميين والفنانين في البلدين، لتعزيز التشبيك بين الفاعلين بمختلف المجالات في الجانبين على السواء".
واختتم عثمان حديثه، قائلا: "جمعيات الصداقة تعمل كدبلوماسية شعبية لديها رؤية في استشعار المستقبل ووضع الحلول التي من شأنها تنمية وتعزيز العلاقات بين الدول لما تمتلكه من كوادر أكاديمية وفكرية ودبلوماسية".