فيروز.. جارة القمر التي اجتمع حولها اللبنانيون

فيروز..  جارة القمر  التي اجتمع حولها اللبنانيون

 

اعتاد اللبنانيون الجمعَ بين عيد الاستقلال وعيد ميلاد المطربة الكبيرة فيروز، ليس فقط لأنهما يصادفان اليوم نفسه، بل لأن فيروز تمثل في وجدان اللبنانيون رمز لبنان الموحد، المستقل، العابر للطوائف والمناطق والأحزاب، لبنان الفن والإبداع والجمال.

 

وظلت فيروز صوتاً ورمزاً، مرجعاً فنياً ووطنياً، لا سيما في أغنياتها الوطنية التي يهواها الجمهور العريض من كل الطوائف والأديان والانتماءات السياسية، حتى بدت أغانيها -وبخاصة أغنية “بحبك يا لبنان”- الجامع المشترك الذي يلتقي حوله اللبنانيون المنقسمون.

 

ما تبقى من “لبنان الإبداع”

ضج موقع “تويتر” بآلاف التغريدات التي عبّر من خلالها المتابعون عن حبهم وفخرهم بأيقونة لبنان، متمنين لها دوام الصحة والسعادة، مؤكدين أنها ما تبقى من لبنان الجمال والفن والإبداع والحياة.

 

ويكتسب عيد ميلاد فيروز مثله مثل عيد الاستقلال، هذا العام، طابعاً وطنياً مختلفاً، ففي الوقت الذي تدخل فيروز عامها الخامس والثمانين، بينما يدخل الاستقلال عامه الثامن والسبعين، بدأ اللبنانيون الاحتفال بالعيدين واستعادة أيقونة “فيروز”، وسط أجواء انتفاضة شعبية وشبابية، بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها البلاد من أكثر من عامين.

 

فيروز “الرمز”

وفيروز هي الرمز، ليس بصوتها وأغنياتها فقط، بل بوطنيتها، فهي ابنة هذا الشعب الثائر، نشأت في عائلة فقيرة وعاشت في بيت من غرفتين في بيروت، وعانت في طفولتها وصباها ما يعانيه أبناء الطبقات الفقيرة.

 

وتؤمن فيروز التي اعتادت عدم إعلان موقف سياسي، بإنسانية الشعب اللبناني، فلا تنحاز إلى جماعة دون أخرى أو طائفة دون أخرى.

 

ولم تغب أغاني فيروز الوطنية عن الساحات والشوارع، لا سيما في ساحة البرج التي كانت الشاهدة الأولى على إعادة الحياة إليها عام 1994 فجمعت في حفلة أقامتها في تلك الساحة العريقة المنطقتين الشرقية والغربية ولبنانيين من سائر المدن والقرى التي طالما فصلت بينها الحرب الأهلية.

 

وفي الساحات اليوم، يصر المتظاهرون على سماع أغنية “بحبك يا لبنان” التي غنتها فيروز مطلع الحرب الأهلية التي اندلعت عام 1975، ولعل ما يبحث عنه المتظاهرون في الأغنية فكرة ولادة لبنان الجديد “الجمهورية الثالثة” كما يروج البعض على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي عبر شبكة الإنترنت، الذي هو لبنان الثورة الشابة، لبنان مقاومة الفساد، لبنان العدالة، لبنان الحرية.

 

مواقفها السياسية

لا يمكن لأحد التشكيك في وطنية وعروبة الأيقونة فيروز التي طالما غنت لعمان ولبيروت ولبغداد ولدمشق وللقدس ولمكة ولبعلبك ولتدمر وبقيت مواقفها ثابتة مهما تغير الرؤساء والملوك، ومن مواقفها:

 

في سنة 1957، رفضت “فيروز” الغناء أمام الشاه الإيراني محمد رضا بهلوي بالقصر الجمهوري في القنطاري احتفالا بزيارته لبيروت، وتحدثت وسائل الإعلام وقتها عن غضب الرئيس كميل شمعون، لكنه لم يقطع علاقته بالعائلة الرحبانية لأن لـ”فيروز” وزنهاً وطنياً وعربياً.

 

وفي سنة 1965، رفضت فيروز الغناء أمام الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة وذلك لتغيير مكان الحفل بساعة قبلها من طرف الرئيس شارل الحلو، وهو ما جعل بورقيبة يمنع أغنيات “فيروز” من الإذاعة التونسية لمدة عامين رغم أن الشعب التونسي يعد من أكثر الشعوب تعلقاً بصوتها.

 

وفي سنة 2020، التقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “فيروز” في منزلها بالرابية واستمر اللقاء نحو 75 دقيقة، منحها خلاله وسام جوقة الشرف، وسمع آراءها حول ما يحدث بلبنان وأبدى إعجابه بأغنية “لبيروت”، قائلاً: “نحن نحب ونحترم فيروز، لأنها أعطتنا من عمرها وعلمتنا معنى التنوع والجمال والرقي والحب”.

 

وُلدت فيروز في جبل الأرز بلبنان في الحادي والعشرين من نوفمبر عام 1935 لوالديها وديع حداد وليزا البستاني، ونشأت في حي زقاق البلاط في بيروت، حيث كان والدها يعمل في محل طباعة صغير.

 

ودرست في مدرسة القديس جوزيف في بيروت، حتى اضطر والدها لنقلها إلى مدرسة عامة خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ومنذ صغرها كانت تحب أن تغني أغاني أسمهان وليلى مراد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية