الأمم المتحدة تحذر من "تدهور خطِر" في أوضاع المحامين بتونس
الأمم المتحدة تحذر من "تدهور خطِر" في أوضاع المحامين بتونس
حذرت مقررتان خاصتان تابعتان للأمم المتحدة من تدهور خطِر شهدته أوضاع المحامين في تونس خلال العام الماضي، متهمتين السلطة التنفيذية بمحاولة "إسكات" الأصوات المنتقدة للمسار السياسي القائم.
ووفق بيان أممي مشترك أوردته وكالة "فرانس برس" الاثنين، عبرت كل من مارغريت ساترثويت، المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين، وأيرين خان، المقررة الخاصة المعنية بحرية الرأي والتعبير، عن بالغ قلقهما من القيود المفروضة على حرية التعبير والاستقلال المهني للمحامين في تونس، مؤكدتين أن "المحامين، مثل جميع البشر، لديهم الحق في حرية التعبير والرأي".
استقلالية مهنة المحاماة
وصدر البيان الأممي عقب اتصال هاتفي أجرته المقررتان بالحكومة التونسية لعرض مخاوفهما بشأن الممارسات المتزايدة التي تمس استقلالية مهنة المحاماة، معتبرتين أن الإجراءات المتخذة "تتدخل بشكل مباشر في استقلال المهنة وتقوض قدرة المحامين على تمثيل موكليهم، بل وتبدو كأنها تهدف إلى إسكات الأصوات المنتقدة للسلطة التنفيذية".
واستشهد البيان بقضية القاضي السابق والمحامي المعروف أحمد صواب، الذي تم توقيفه في 21 أبريل الماضي، على خلفية تصريحات أدلى بها خلال محاكمة في ما يُعرف بـ"قضية التآمر على أمن الدولة"، والتي أدين فيها أكثر من أربعين معارضًا، صدرت بحقهم أحكام قاسية بالسجن.
كما نددت المقررتان بحالات أخرى لمحامين وناشطين قانونيين، اعتقلوا أو حُكم عليهم بالسجن فترات طويلة، على خلفية آرائهم أو مرافعاتهم المهنية، ومن بينهم دليلة مصدّق، وإسلام حمزة، وعياشي الهمامي، وغازي الشواشي، ومهدي زغروبة، ولزهر العكرمي.
قضية المحامية والإعلامية سنية الدهماني
وسلّط البيان الضوء كذلك على قضية المحامية والإعلامية سنية الدهماني، التي أوقفت في 11 مايو 2024 بطريقة وصفت بأنها "عنيفة وغير قانونية" من داخل مقر نقابة المحامين في تونس، على يد عناصر شرطة ملثمين.
وتواجه الدهماني، المعروفة بمعارضتها للرئيس التونسي قيس سعيد، محاكمات في خمس قضايا تتعلق بتصريحات إعلامية، بموجب "المرسوم 54" الذي يثير جدلاً واسعًا بين المدافعين عن حرية التعبير، نظرًا لصياغته "الفضفاضة" بحسب وصف حقوقيين.
وأكدت المقررتان الأمميتان أن "استهداف العاملين في المجال القانوني فقط بسبب دورهم في النظام القضائي أو بسبب ممارسة حقهم في التعبير، يشكل تهديدًا مباشرًا لنزاهة الإجراءات القضائية في تونس، وقد يعرض الحق في المحاكمة العادلة للخطر".
ويأتي هذا التحذير الأممي في ظل تصاعد الانتقادات الدولية والمحلية منذ تولّي الرئيس قيس سعيد سلطات استثنائية في 25 يوليو 2021، حيث شهدت تونس تراجعا ملحوظًا في مؤشرات الحقوق والحريات، وكان قطاع المحاماة من بين أبرز المتضررين من هذا المسار.
وتصاعدت الضغوط على المحامين، سواء من خلال محاكمات وملاحقات قضائية بسبب آرائهم أو مرافعاتهم، أو عبر تضييقات إدارية وتشريعية تهدد استقلالية مهنتهم، حيث تشير تقارير صادرة عن منظمات حقوقية محلية ودولية إلى استهداف ممنهج لمحامين بارزين، خاصة المرتبطين بملفات ذات طابع سياسي أو المدافعين عن حقوق الإنسان.
وعبرت نقابة المحامين التونسيين مرارًا عن رفضها لهذه السياسات، محذّرة من تقويض أركان العدالة والمس بمبدأ الدفاع الحر والمستقل، كما نظّمت النقابة وقفات احتجاجية وإضرابات جزئية رفضًا لمحاولات إخضاع المهنة للسلطة التنفيذية.
وتعتبر هذه التطورات تهديدًا خطِرًا لسيادة القانون في تونس، كما تضعف من ثقة المواطنين في استقلال القضاء وضمانات المحاكمة العادلة، وهو ما دفع الأمم المتحدة وعددًا من الهيئات الحقوقية إلى توجيه انتقادات متكررة للحكومة التونسية في هذا الشأن.