وفاة مهسا أميني في الحجز تُسقط إيران في "إناء الماء المغلي"

وفاة مهسا أميني في الحجز تُسقط إيران في "إناء الماء المغلي"
احتجاجات في إيران

خبير في الشؤون الإيرانية لـ"جسور بوست": إسقاط النظام يتوقف على قدرة الأعراق المتناحرة في إيران على التنسيق والتعاون

بموجة اضطرابات شعبية ساخنة، سقطت إيران على مدى أسبوعين في إناء الماء المغلي -بحسب التعبير الشائع- على وقع وفاة فتاة بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق جراء مخالفة قانون الزي الموحد.

والفتاة القتيلة هي مهسا أميني، كردية تبلغ من العمر 22 عاما، ولدت في مدينة سقز (شمال غربي إيران)، أوقفتها الشرطة وهي رفقة أخيها، بدعوى عدم التزامها بقواعد الزي المفروضة على النساء.

ونقلت على أثر ذلك إلى مركز الاحتجاز بمستشفى قصري في طهران، وقالت الشرطة إنها توفيت بسبب قصور مفاجئ في القلب، لكن ذويها قالوا إن هناك كدمات في جسدها تشير إلى تعرضها للضرب.

ومنذ 16 سبتمبر الجاري، اندلعت مظاهرات طلابية في العاصمة طهران وعدد من المدن الإيرانية، أدت إلى مقتل وإصابة العشرات واعتقال المئات، فيما أعلنت السلطات عن مقتل وإصابة عدد من رجال الأمن.

وشرطة الأخلاق الإيرانية تشكلت عام 1979 كقوة شبه عسكرية من المتطوعين، وتم دمجها في الحرس الثوري عام 1981، وتنتشر قواتها في مختلف الجامعات الإيرانية لمراقبة ملابس وسلوك النساء.

وحظيت المظاهرات الإيرانية باهتمام دولي واسع، إذ لاقت ردودا أممية وأمريكية وبريطانية وكندية وإسرائيلية، للتنديد بانتهاكات الشرطة الإيرانية والمطالبة بفرض عقوبات عليها.

تحذيرات أمنية

بدورها، حذّرت قيادة الشرطة الإيرانية، في بيان الأربعاء، من أن وحداتها ستواجه "بكل قوتها" المتظاهرين الذين يحتجون على مقتل الشابة مهسا أميني.

وقالت الشرطة: "اليوم يسعى أعداء جمهورية إيران وبعض مثيري الشغب إلى العبث بالنظام العام وأمن الأمة باستخدام ذرائع مختلفة، عناصر الشرطة سيواجهون بكل قوتهم مؤامرات مناهضي الثورة والعناصر المعادية، وسيتصرفون بحزم ضد من يخلّون بالنظام العام وبالأمن في كل أنحاء البلاد".

ومن جانبه، أعلن المتحدث باسم الحكومة علي بهادري جهرمي أن "الحكومة ستطلب من السلطة القضائية إرغام منفذي أعمال الشغب والمحرضين عليها، على إصلاح الأضرار التي لحقت بالأملاك العامة خلال التظاهرات".

واتهم جهرمي "مجموعات انفصالية بدعم منفذي الاضطرابات"، مشيرا إلى أن معلومات استخباراتية أفادت باستفادتهم من "دعم مالي وتعاون وثيق من بعض وسائل الإعلام المعادية وشبكات تواصل اجتماعي لتدمير أملاك عامة وسقوط قتلى وجرحى".

ودعا مدعي عام إيران، محمد جعفر منتظري، إلى الحكم بـ"السرعة والدقة والحزم خصوصا على من قتلوا أو جرحوا قوات الأمن، ودمروا وأحرقوا أملاكا ومباني خاصة وعامة، والناشطين على شبكات التواصل الاجتماعي الذين حرضوا مثيري الشغب".

انتفاضة افتراضية

ومؤخرا تداول مغردون عبر منصات التواصل الاجتماعي، صورا ومقاطع مصورة لأعمال عنف في الشوارع والميادين، وإحراق أكبر صورة للخامنئي في وسط طهران.

وقال حساب سعودي باسم "بندر الخثعمي" عبر تويتر: "هؤلاء إيرانيون تعبوا من النظام الإرهابي الذي يصرف أموالهم لدعم الإرهاب في كل مكان، أنتم مكروهون من شعبكم".

وغرد حساب باسم "الموتايري" عبر تويتر، قائلا: "يسقط حكم الملالي الفاسد الإرهابي.. ندعم الشعب الإيراني في ثورته المباركة".

بدورها، قالت تيارا عبر تويتر: "لا يقتصر الأمر على الحجاب فقط، فالنساء الإيرانيات غير مسموح لهن بالغناء وركوب الدراجات والسباحة في المياه المفتوحة ودخول الملاعب والطلاق ومغادرة البلاد دون إذن أزواجهن".

وأوضح حساب باسم "مسي إلينيجاد" عبر تويتر: "امرأة إيرانية أخرى قتلت على يد قوات الجمهورية الإسلامية لاحتجاجها على وفاة مهسا أميني المأساوية".

وتساءل الحساب قائلا: "كم عدد الأرواح التي يجب قتلها لكي يتخذ العالم الحر إجراءات قوية؟".

ودشن مغردون عبر منصات التواصل الاجتماعي، هاشتاغا (وسما) باسم "إرهاب دولة الملالي"، تداولوا من خلاله رسومات تعبر عن معاناة المرأة الإيرانية مع سلطات بلادها.

وبخلاف ذلك، شاركت العديد من النساء حول العالم مقاطع مصورة قصيرة، يقمن فيها بخلع الحجاب، تضامنا مع الفتاة ومع كل النساء الإيرانيات.

وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية (غير حكومية، مقرها النرويج) إنها سجلت مقتل أكثر من 70 متظاهرا في 14 محافظة حتى يوم الاثنين، بينهم 6 نساء و4 أطفال، محذرة من أن القيود المفروضة على الإنترنت تتسبب في تأخير إرسال التقارير.

العامل الحاسم

ويرى الباحث في الشؤون الإيرانية، إسلام المنسي، أن مدى نجاح المظاهرات في تحقيق أهدافها معتمد على قدرة الأقليات العرقية في إيران على التنسيق والتعاون.

وقال المنسي في تصريح لـ"جسور بوست": إن الانتفاضة الشعبية في إيران تجاوزت الأسباب التي أدت إلى اندلاعها، لتصل إلى مواجهة كامل أوجه الاستبداد والقمع في الدولة.

وأضاف: "المظاهرات أخذت طابعا نوعيا وعرقيا (في إشارة للأكراد)، لكنها حظيت بتضامن مختلف أطياف الشعب الإيراني ضد الممارسات القمعية والقيود الدينية التي يفرضها النظام".

وتابع: "قدرة الأعراق في إيران على التنسيق فيما بينها قد تبشر بإسقاط النظام، لكن معظم تلك الأعراق والتي يأتي أبرزها الفرس والأذريون والجيلاك والأكراد والعرب والبلوش والتركمان في حالة تناحر شبه دائم".

واستبعد المنسي حدوث سيناريو إسقاط النظام الإيراني لعدم وجود إرادة دولية، لا سيما وأن استمرار وجود النظام الحالي يخدم القوى الكبرى، متوقعا الانقضاض سريعا على الانتفاضة الشعبية.

وفي غضون هذه التطورات، تحدث الرئيس إبراهيم رئيسي عن الحاجة إلى "اتخاذ إجراءات حاسمة ضد معارضي الأمن والسلام في البلاد".

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية