خبير إيراني لـ«جسور بوست»: إجراء تعديلات اقتصادية واجتماعية ضرورة لإخماد التظاهرات (2-2)

خبير إيراني لـ«جسور بوست»: إجراء تعديلات اقتصادية واجتماعية ضرورة لإخماد التظاهرات (2-2)
الأكاديمي والكاتب الإيراني عماد آبشناس

ما زالت إيران تتقلب فوق صفيح ساخن، منذ اندلاع شرارة الغضب عبر مسيرات ووقفات ومظاهرات شعبية حاشدة، على وقع مقتل الفتاة الكردية مهسا أميني، بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق جراء مخالفة قانون الزي الموحد.

ومنذ 16 سبتمبر الماضي، تندلع مظاهرات طلابية في العاصمة طهران وعدد من المدن الإيرانية، أدت إلى مقتل نحو 108 أشخاص وإصابة العشرات واعتقال المئات، فيما أعلنت السلطات عن مقتل وإصابة عدد من رجال الأمن.

ومهسا أميني، فتاة كردية تبلغ من العمر 22 عاما، ولدت في مدينة سقز (شمال غربي إيران)، أوقفتها الشرطة وهي رفقة أخيها، بدعوى عدم التزامها بقواعد الزي المفروضة على النساء.

ولا تزال المظاهرات الإيرانية تحظى باهتمام دولي واسع، إذ تلقى ردودا أممية ودولية واسعة، للتنديد بانتهاكات الشرطة الإيرانية، كما فرضت بعض الدول الأجنبية عقوبات جديدة على طهران.

في الحلقة الثانية من حوار «جسور بوست» مع الأكاديمي والكاتب الإيراني البارز عماد آبشناس، الخبير في الشؤون الدولية، يكشف تفاصيل بشأن مطالب الشارع الإيراني وتأثير الاحتجاجات الشعبية على تعطيل الوصول إلى اتفاق نووي.

هل يمكن أن تجبر الاحتجاجات الشعبية النظام الإيراني على إحداث بعض الإصلاحات الداخلية؟

أتصور أنه في النهاية يجب على السلطات الإيرانية إجراء بعض التعديلات في السياسات الداخلية، خاصة في ما يتعلق بالسياسات الاقتصادية والاجتماعية، ولكن يصعب تصور أن تكون هذه التعديلات جذرية في الوقت الراهن، فقيام النظام الإيراني بتعديلات سيكون على الأرجح بما يتفق مع أصول النظام الإسلامي في البلاد.

الجيل الجديد من الإيرانيين لديهم مطالب مشروعة، ويجب على الحكومة أن تقوم بتحقيقها وهذا ما سوف يحدث في المستقبل القريب، ولكن التصور بأن الحكومة ستتراجع عن أمور تعتبرها ضمن أيديولوجية النظام الإيراني فهو مستبعد جدا.

البعض يرى أن الشارع الإيراني يدفع فاتورة 4 عقود من تورط الحرس الثوري في أزمات بالمنطقة.. فما رأيك؟ 

إيران تدفع فاتورة الدفاع عن نفسها ومحاربة الإرهاب في المنطقة، فهناك دول مثل الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية قامت بمخططات ومؤامرات لمحاصرة إيران لتنفيذ المخطط المعروف بـ"مشروع برنارد لويس" لتفتيت العالمين العربي والإسلامي إلى دويلات صغيرة متصارعة فيما بينها بلا حدود، حتى تستطيع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال هذه السياسات الاستعمارية الجديدة السيطرة الكاملة على هذه الدويلات بسهولة وبدون مقاومة.

الدولة الإيرانية تمكنت على مدى عقود من إفشال كل هذه المخططات في المنطقة، ولذلك فهي -إذا جاز التعبير- تدفع فاتورة مواجهة تلك المخططات والتصدي لهذه القوى الدولية الراغبة في تقسيم وتفتيت المنطقة العربية وإيران.

هل يمكن أن يؤدي استمرار وتفاقم الاحتجاجات الشعبية في إيران إلى تقويض شرعية النظام الإيراني الحالي؟

حتى الآن لا تنذر الاحتجاجات الشعبية بتهديد مباشر للنظام الإيراني الحالي، وذلك رغم محاولات وسائل الإعلام الممولة من الولايات المتحدة وإسرائيل للاصطياد في الماء العكر وتضخيم القضية، إلا أن الأمر لم يصل إلى مستوى تقويض شرعية النظام السياسي حتى الآن، خاصة أن الدولة الإيرانية شهدت احتجاجات شعبية أشد قوة وانتشارا بكثير من قبل ومع ذلك لم يسقط النظام.

برأيك هل ستؤثر العقوبات الجديدة المفروضة على إيران في مسار المفاوضات النووية؟

الولايات المتحدة لم يعد لديها أي أوراق ضغط على إيران في المفاوضات النووية، واشنطن وبعض العواصم الأوروبية قامت بمجاراة الولايات المتحدة في فرض أقصى العقوبات الاقتصادية الممكنة على طهران، إلى الحد الذي بات فيه الحديث عن فرض عقوبات جديدة لا يخيف السلطات الإيرانية أو يغير شيئا من الأمر الواقع أو الوضع الراهن.

في هذا السياق، فإن جميع الأوراق الأخرى التي كانت موجودة لدى الولايات المتحدة قد خسرتها في ملف المفاوضات النووية، وبالتالي فإن واشنطن تأمل أن تحصل على أوراق من خلال إثارة الفوضى في الداخل الإيراني.

السبب وراء تعطيل وتجميد ملف المفاوضات النووية هو تلاعب الولايات المتحدة سياسيا بالمجتمع الدولي، لعدم رغبة واشنطن في عودة الجميع على طاولة التفاوض والوصول إلى اتفاق نووي جديد بسبب الظروف الدولية الحالية، خاصة الحرب الروسية الأوكرانية، حيث تعد الرابح الأكبر من هذه المعطيات.

الولايات المتحدة باتت مؤخرا تستطيع أن تبيع الطاقة لديها سواء الغاز الطبيعي أو النفط إلى أوروبا، وتفرض على تلك الدول أن تشترى مصادر الطاقة بأكثر من ثمانية أضعاف تكلفتها بالمقارنة مع الأسعار التي كانت تبيع بها روسيا، كما تفرض على تلك الدول أيضا أن يشتروا الأسلحة الأمريكية المخزنة في المخازن الأمريكية، ومن ثم فإن الولايات المتحدة تعد المستفيد الأول والرابح الأكبر من عدم الوصول إلى اتفاق نووي نهائي لعدم إتاحة بيع النفط والغاز الإيراني في الأسواق الأوروبية.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية