بسبب سيطرة الحوثيين على سوق الدواء.. حياة اليمنيين في خطر

بسبب سيطرة الحوثيين على سوق الدواء.. حياة اليمنيين في خطر

أزمات متتالية ضربت الحياة اليمنية في مقتل، إثر نشوب الحرب في 2014، خاصة في مجال الصحة، ما تسبب في انتشار الكثير من الأمراض والأوبئة، وتكرار كوارث صحية أدخلت المواطنين في فصولٍ من المعاناة، بين أنين وآلام الأمراض، وصعوبة توفير الأدوية التي تضاعفت أسعارها بشكل جنوني وصل إلى 300%، مقارنة بما كانت عليه قبل اندلاع الحرب، نتيجة لسيطرة ميليشيا الحوثي على سوق الدواء هناك.

مؤخرًا ووفقًا لشهادات الأهالي وتقارير بهذا الشأن، أخفت ميليشيا الحوثي -الذراع الإيرانية في اليمن- أدوية عدد من الأمراض المزمنة، من سوق الدواء في مناطق سيطرتها، وأطلق بنك الدواء اليمني، نداء استغاثة حول انعدام أدوية لعدد من الأمراض المزمنة في صنعاء.

وقال البنك في بيان مقتضب نشره بصفحته على موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، تناولته وسائل الإعلام، إنه يوجه نداء استغاثة حول انعدام معظم أدوية السرطان واللوكيميا وللثلاسيميا وزراعة الكبد والفشل الكلوي والأدوية الهرمونية من السوق اليمني، ودعا كل الجهات ذات العلاقة لتبني مبادرات صحية إنسانية عاجلة لتفادي الكارثة الصحية المتوقعة.

من جهة أخرى، ينفي تجار الأدوية بالجملة ووكالاتها مسؤوليتهم عن رفع الأسعار متهمين المستوردين الكبار بذلك.

ووفقًا لتقارير متخصصة، فقد ارتفعت أسعار أصناف الأدوية المستوردة في كل مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، بنسبة 100% بسبب فرض جبايات بالدولار الأمريكي على شركات استيراد الأدوية. 

وأقدمت هيئة الأدوية التابعة لها على فرض رسوم على شحنات الأدوية المستوردة بالدولار الأمريكي، أو ما يعادله بالريال اليمني بسعر السوق والذي يصل إلى 600 ريال للدولار الواحد، عوضاً عما كان يدفع من رسوم بالريال اليمني بعد احتساب سعر الدولار بـ250 ريالًا.

ومنذ استيلائها على مؤسسات الدولة في سبتمبر 2014، دأبت ميليشيا الحوثي على اختلاق العراقيل أمام وصول العلاجات والأدوية المقدمة من المنظمات الخارجية لصالح مرضى السرطان ومرضى آخرين.

"جسور بوست"، حققت في الأمر للوقوف على السبب الرئيسي لمعاناة يتكبدها آلاف المرضى اليمنيين.

حكومة اليمن: وفاة 18 طفلا بجرعة دواء منتهية الصلاحية بصنعاء

الحوثيون والسيطرة على سوق الدواء

القصة بدأت منذ اندلاع الحرب والانقسام في البلاد وغياب مؤسسات الدولة وضعفها، فقد عمدت شركات الأدوية الكبرى إلى احتكار بعض أصناف من الأدوية وتوزيعها لشركات توزيع محلية معينة تعمل على توريدها للسوق السوداء بأسعار مضاعفة تمامًا على سعرها الحقيقي أو لعدم توفيرها للسوق ورفع الطلب عليها، وبالتالي يرتفع معه منسوب السعر، ولكن مَن وراء ذلك؟

القضية شرحها الإعلامي اليمني صادق القدمي بقوله إن المشكلة تكمن في أن القيادة الحوثية تُحكم قبضتها على سوق الأدوية، وبعد كارثة أطفال السرطان الذين حقنوا بالدواء الفاسد والمزور وذهب ضحيتها عشرات الأطفال بدأ الحوثيون بتقييد حركة استيراد الأدوية لكنهم لم يوفروا البدائل، وظلوا يعتمدون على الدواء المهرب من قِبل قيادات حوثية تعمل في تجارة تهريب الأدوية بما فيها المزورة.

وتابع صادق: مع استمرار الكارثة لم يعد مرضى السرطان الذين يتجاوزون 70 ألف مريض المهددين الوحيدين من انعدام الأدوية، بل انضم لهم مرضى الدم الوراثي والفشل الكلوي وزراعة الكبد، مؤكدًا أن الأدوية الهرمونية جميعها نفدت من السوق وصارت معدومة حسب المناشدة التي أطلقها بنك الدواء اليمني. 

صادق القدمي (@qkIx2UozBS6r7fR) / Twitter

وعن الحلول التي يمكن طرحها لإنهاء الأزمة، أردف: لا حل متاحاً سوى تدخل المنظمات الدولية العاملة في المجال الصحي والإنساني لإمداد البنك بالأدوية اللازمة بشكل عاجل لإنقاذ عشرات الآلاف من المرضى، ودعم القطاع الصحي والدوائي بشكل خاص، بتوفير أدوية الأمراض المزمنة والإشراف على توزيعها من قبل تلك المنظمات لضمان وصولها إلى المستفيدين وعدم تركها عرضة لنهب تجار الأدوية الحوثيين، ثم البدء بإيجاد آلية لمنع تهريب الدواء وتفعيل الرقابة على استيراد الادوية وتمكين رقابة الهيئة العليا للأدوية.

مضيفًا: يظل تعنت قيادات الميليشيات الحوثية وعدم مبالاتهم بعشرات الآلاف من المرضى الذين يعانون حالات مزمنة هي المعضلة الكبرى، وتظل عودة الدولة وإنهاء الانقلاب الحوثي هو الحل لكل المشكلات، حسب وجهة نظري.

الدواء لمن يملك المال

وفقًا لمصادر صحفية، فرضت ميليشيا الحوثي في صنعاء زيادة بنسبة 30% في الرسوم الجمركية تطبق في جميع المنافذ الجمركية الخاضعة لها، وتشمل كذلك جميع السلع المستوردة والقادمة من ميناء عدن والمنافذ البرية الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، وهذا ساهم في ارتفاع الأسعار أيضًا خصوصًا أن اليمن يعتمد على استيراد أكثر من 80% لتغطية احتياجاته الأساسية من الأدوية. 

هذا الارتفاع الجنوني في الأدوية أرهق المرضى وفاقم من معاناتهم كثيرًا، وخاصة في فترة تفشي جائحة كورونا، الضيف الذي أثقل كاهل اليمنيين بفترتي تفشيه الأولى والثانية، وفتح الآفاق لشركات وتجار الأدوية لاحتكارها والمبالغة في أسعارها، واستغلال حاجة المرضى.

تعقيبًا، قال المدير العام التنفيذي للهيئة العليا للأدوية والمستلزمات الطبية اليمنية، عبدالقادر الباكري: إن الأزمة التي يعاني منها اليمنيون بسبب الدواء سببها الفقر ونقص الإمكانات، خاصة أصحاب الأمراض المزمنة حيث إن تكلفتها عالية جدًا، كما أن سوق الأدوية يتحكم به تجار، فمن يملك المال هو من يستطيع شراء الدواء ومن لا يملكه لا يحصل عليه.

وتابع في تصريحات خاصة لـ" جسور بوست"، الأدوية موجودة ولكن يعاني اليمنيون من بطالة عالية، ومن يعمل بعضهم لا يتعاطى رواتب وبعضهم ذوو رواتب منخفضة جدًا، الدولار يساوي خمسة أضعاف ومن لديه مرض مزمن يتعثر عليه شراء الدواء، الأمر فقط في استطاعة المقتدرين وهم قلة، بخلاف أن الحكومة اليمنية مدينة من التجار ولا تستطيع دفع فواتيرها مما يزيد الأمر صعوبة.

مدير عام الهيئة العليا للأدوية لـ«26 سبتمبر»:سحبنا ٢٧ صنفاً دوائياً من  السوق المحلية بناء على بلاغات تلقتها الهيئة خلال 2019م - سبتمبر نت

وأكد عبدالقادر مساندة منظمات المجتمع المدني للحوثيين، بينما تركت عدن للفقر والمرض، كذلك فإن هناك شركات عالمية مثل "نوفو نورديسك"، أوقفت تصدير الأدوية لليمن، مناشدًا منظمات المجتمع المدني التبرع لليمنيين ومساندتهم في محنتهم الحالية.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية