نيويورك تايمز: الإمارات تكثف جهودها لخفض الانبعاثات
نيويورك تايمز: الإمارات تكثف جهودها لخفض الانبعاثات
ماجدة القاضى
في واحدة من أحدث المبادرات التي تخص قضايا المناخ، تعهدت الإمارات العربية المتحدة، بأن يكون صافي انبعاثات الكربون لديها صفر بحلول عام ٢٠٥٠، وهي أول حكومة في المنطقة تصدر مثل هذا البيان، وتنضم الإمارات العربية بذلك إلى قائمة متنامية من الدول التي تقدم التزامات بعيدة المدى في التنفيذ وصعبة في الوقت نفسه .
ونشرت نيويورك تايمز اليوم تقريرا قالت فيه إن السيد سلطان الجابر، الرئيس التنفيذي لكبرى مؤسسات النفط، وهي الشركة الوطنية للنفط بأبو ظبي، التي توفر وحدها حوالي 3% من نفط العالم، كما يشغل أيضا منصب المبعوث الخاص لقضايا المناخ لدولة الإمارات العربية المتحدة، والمؤسس لواحدة من كبريات شركات الاستثمار في مجال الطاقة المدعومة بمليارات الدولارات، يحاول أن يضع الإمارات في موقف الدولة الرائدة في مجال قضايا البيئة، بتوجيه من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
قد يبدو أن العمل كمدافع عن البيئة ومسؤول تنفيذي لبيع الوقود هو أمر متناقض، لكن ليس في الإمارات العربية المتحدة، حيث اتحاد فيدرالي من سبع إمارات، بما في ذلك أبوظبي التي يمول إنتاج النفط لديها الإمارات الست الأخرى.
وعلى لسان السيد جابر في مقابلة أجريت معه في وقت سابق هذا العام قال “إن الإمارات لا تنظر إلي الضغط من أجل الطاقة الخضراء على أنه تهديد، بل فرصة فريدة يمكن من خلالها الاستفادة من خبرتها وقوتها المالية “.
وتريد الإمارات الحفاظ على سوق الاحتياطيات النفطي الهائل لديها التي تكفي لأكثر من 60 عاما من الإنتاج بالمعدلات الحالية.
وتنتج الإمارات حاليا نحو ثلاثة ملايين برميل من النفط يوميا، معظمها من خلال شركة بترول أبوظبي الوطنية أو أدنوك. وتضمن إيرادات البترول جزء كبير من اقتصاد الدولة، وتحاول الحكومة وتساعد في دعم البنية التحتية المتنامية في أبو ظبي ودبي .
لكن يبدو أن الإمارات قررت أن تكون جزءا من الحل في مشكلة الاحتباس الحراري، بالشراكة مع الكثير من دول العالم، حيث سبق وأن عرضت من قبل استضافة “المؤتمر السادس والعشرين للتغير المناخي”، وبذلك تعد الإمارات من الدول التى تسعى لإيجاد الحلول لأزمة المناخ وتغيراته.
يقول المحللون إن الوصول إلى هدف صفر انبعاثات بحلول عام 2050 ليس سهلا، والإمارات واحدة من أعلى الدول في معدلات انبعاث ثاني أكسيد الكربون في العالم للفرد، ومعظمها من محطات الطاقة الكهربائية، وأن النفط الذي تصدره أبوظبي يعد انبعاثات من العملاء الذين يحرقونه، مثل الصين واليابان، وليس من الدول المنتجة له، ومع ذلك من المرجح أن يحفز الهدف العمل والاستثمار بصورة أكبر.
ويقول نائب الرئيس الأول للبحث والتطوير في جامعة خليفة في أبو ظبي، ستيفين غريفيث “أنت بحاجة إلى هدف طموح لتحريك الأمور في الاتجاه الصحيح” والإمارات ربما تعد في أفضل وضع بين جميع دول الخليج للقيام بذلك بالفعل .
وتخطط الإمارات لإنفاق 600 مليار درهم “نحو 163 مليار دولار” على مدى العقود الثلاثة المقبلة لتقليل الانبعاثات الحرارية من محطات الطاقة التي تحرق الآن كميات هائلة من الغاز الطبيعي جزئيا لتبريد المباني، في ظل حرارة الخليج الشديدة، ويذهب جزء كبير من الأموال إلى مزارع الطاقة الشمسية، والتي يمكن إنشاؤها عبر رمال الإمارات.
هناك أيضا مصدر آخر للطاقة سعت إليه الإمارات وهو أربعة مفاعلات نووية بناها مؤخرا مقاولون كوريون جنوبيون في أبو ظبي، والتي يتم الآن تشغيلها تدريجيا.
يقول محللون إن إنفاق الكثير من الأموال لابد أن يكون له تأثير كبير على بلد يبلغ عدد سكانها 9.9 مليون نسمة، وهو بالفعل متقدم على الدول المصدرة للنفط المجاورة؛ مثل المملكة العربية السعودية والكويت في تنويع اقتصاداتها بعيدا عن النفط في الإمارات، على سبيل المثال لا الحصر، للأنشطة الأخرى بالإمارات مركز إقليمي للتمويل والخدمات اللوجستية والسياحة المتنامية بشكل كبير.
ومن المرجح أن يتم توفير المزيد من التمويل لدعم الأجندة الخضراء، مثل تعديل المبانى، بحيث لا تستهلك الكثير من الطاقة لتكثيف الهواء، أو تحويل وسائل النقل إلى الطاقة الكهربائية أو الهيدروجين بالإمارات، على حد قول المتخصصين هى إحدى تلك الأماكن التي تتمتع بالثروات والإرادة لتنفيذ مشاريع قد تبدو خاسرة، ولكنها في الحقيقة تبني مستقبل.
الالتزامات التى تفرضها التحديات المناخية الحالية، والتي تدرك الدول النفطية الكبرى أهميتها، تؤكد على الحاجة لوضع تدابير لمعالجة ظاهرة الاحتباس الحرارى، وتشير إلى أن تواجد الجميع على طاولة واحدة يسمح للمشاركين بتشكيل العالم الجديد واقتصاد المناخ القادم لا محالة.