2022 عام الجوع واللجوء

2022 عام الجوع واللجوء

قد لا يكون عام 2022 مثالياً، كما لا يمكن الإشادة به كعام متميز بالنسبة لحقوق الإنسان في دول العالم، فما شهده العالم من انتهاكات لحقوق الإنسان على مختلف المجالات وفي كثير من الأوقات، يجعلنا نتوقف قليلاً أمام ما يحدث في العالم ونتمعن فيما يواجهه الإنسان من انتهاكات صارخة لحقوقه.. فإذا ما نظرنا إلى المجاعات المنتشرة في العالم هذه السنة نجدها قد زادت، وإذا ما نظرنا إلى أعداد اللاجئين سنجدها قد زادت، وإذا ما أمعنّا النظر في الحريات سنجدها قد تراجعت كثيراً، وإذا نظرنا إلى حالة السلام والأمان في العالم نجد أن الإنسان أصبح يعيش في الحروب وهو أبعد ما يكون من الشعور بالأمان، وإذا نظرنا إلى صحة الإنسان وتوفر الدواء سنجد أن كثيراً من شعوب دول العالم ما تزال تعاني.
بالإضافة إلى كل ما سبق، فإن الحروب وتداعيات التغير المناخي والكوارث الطبيعية كانت لها كلمتها المؤثرة على البشر، فالفيضانات وموجات الجفاف زادت من جوع البشر وشردت الملايين منهم! فارتفع عدد الذين يعانون من الجوع ليصل إلى 345 مليون شخص، وارتفع عدد النازحين لأكثر من 100 مليون شخص مقابل نحو 90 مليونا في 2021!
وفي ظل هذا الوضع الصعب، يحتفي العالم اليوم، العاشر من ديسمبر، بالذكرى الـ74 للإعلان عن ميثاق العالمي لحقوق الإنسان، الذي وبلا شك يستحق احتفالاً عالمياً به، ففي مثل هذا اليوم اختار العالم أن يضع ميثاقاً لنفسه يتم من خلاله احترام حقوق الإنسان في كل مكان، بغض النظر عن الأصل الإنساني ولونه ودينه وشكله وجنسه… ‏إلخ.
أما الأرقام السابقة وغيرها فتجعلنا نتساءل والعالم يحتفل بهذه المناسبة: هل تقدم العالم في مجال حقوق الإنسان، وهو سيحتفل بالذكرى الماسية له في السنة المقبلة؟ أم أن الحقوق ما زالت لم تراوح محلها؟ أم أن الحقوق تراجعت أكثر عن ما كانت عليه؟
جميلٌ الشعار الذي أطلقته الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان مع احتفالاتها باليوم العالمي لحقوق الإنسان العام 2022 وهو: "الكرامة والحرية والعدالة للجميع"، فهذا ما يحتاج إليه البشر، وبالتأكيد أن العالم على مدار الأشهر المقبلة سيقبل على ترسيخ هذه المفاهيم، لكن من المهم أن يكون منطلق ترسيخ هذه المفاهيم من الاهتمام بالإنسان والتفكير العميق في الحفاظ على حقوقه، بعيداً عن التسييس وبعيداً عن المصالح الاقتصادية، وبعيداً عن تجاذبات القوى الكبرى، فقد أصبح الإنسان يشعر بأنه رهينة لكل هذه "الأولويات" وأصبحت حقوقه تأتي بعدها!
 والحقيقة أنه على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذلها الأمم المتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان، إلا أن وضع الإنسان وحقوقه في أسوأ حالاتها، وذلك لافتقاد التعاون المطلوب من الدول مع أهداف الأمم المتحدة ومفوضيتها السامية لحقوق الإنسان، ولعدم احترام بعض الأنظمة وبعض الدول في العالم المواثيق والمعاهدات والقوانين الدولية، التي من شأنها أن تحافظ على حقوق الإنسان، وكذلك بسبب إصرار أنظمة أخرى على تسييس قضايا حقوق الإنسان واستغلال منظومة حقوق الإنسان ومعاهداتها لتحقيق أغراض سياسية محدودة.
كما أن من المهم الالتفات إلى ما قاله بهذه المناسبة فولكر تورك، مفوّض الأمم المتّحدة السامي لحقوق الإنسان: "من الواضح تمامًا أنّه يجب أن نعيد إلى حقوق الإنسان عالميّتها وشموليّتها وعدم قابليتها للتجزئة، كما أنّنا بحاجة إلى إيجاد طاقة جديدة تحفز الشباب في جميع أنحاء العالم".. فعالمية حقوق الإنسان تكمن في احترام الميثاق العالمي، وكذلك احترام المواثيق الإنسانية المحلية وخصوصيات المجتمعات وثقافتها التي تحمي حقوق الإنسان والتي تحافظ على كرامته والتي لا تتعارض مع الميثاق العالمي.
كما أن الاهتمام بالشباب وتحفيزهم لما يخدم قضايا الإنسان أصبح ضرورة يجب أن توضع لها الخطط والبرامج التي تجعل الشباب جزءاً أساسياً من المنظومة الدولية لحقوق الإنسان، وأن يكونوا من يحملون راية الحقوق والحريات في بلدانهم والعالم، دون أن يتعارض ذلك مع قناعاتهم وتطلعاتهم للمستقبل، فبدون إيمان الشباب وحماسهم لقيم ومبادئ الميثاق العالمي لحقوق الإنسان، ستفقد تلك القيم والمبادئ حيويتها وديمومتها.
 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية