أحمد الطيب.. إمام السلام وسفير الأخوة الإنسانية
أحمد الطيب.. إمام السلام وسفير الأخوة الإنسانية
"تحية تقدير وإكبار إلى كل محبي السلام في العالم، وإلى كل متطلع لعالم يسوده الخير والتسامح، وتظله المودة والسلام والتضامن مع الفقراء والضعفاء والمهجرين من ديارهم وأوطانهم خوفًا ورعبًا من وباء العنف والإرهاب حتَّى ينعموا بالأمان والاستقرار"، إحدى مقولات الإمام الأكبر أحمد الطيب شيخ الأزهر الذي تعده الأمة الإسلامية إمام السلام وسفير الأخوة في العالم أجمع.
وهب “الطيب” حياته لنشر ثقافة التعايش والسلام والاندماج الإيجابي والأخُوة الإنسانية، وكان دائما -ولا يزال- مدافعًا عن قضايا الأمة الإسلامية ومواقفها الثابتة، وهو ما جعله يحظى بمكانة رفيعة في العالم العربي والإسلامي وعلى الساحة الدولية، فضلا عن تقلده العديد من الأوسمة والتكريمات العالمية.
اُختير على رأس قائمة أكثر 500 شخصية مسلمة تأثيرًا في العالم لعامي 2016 و2017 على التوالي، وذلك في التصنيف الذي يصدره مركز الدراسات الاستراتيجية الملكي الإسلامي في عمان بالأردن.
ولهذا وغيره، كان الإمام الأكبر، الشخصية الأنسب التي لن تتحقق أهداف "وثيقة الأخوة الإنسانية" إلا بمباركتها.
انطلقت الوثيقة من الإمارات قبل 3 أعوام، بتوقيع الأمام الطيب وبابا الفاتيكان، ويخلد العالم ذكرى خروجها للنور هذه الأيام في احتفالية دولية سنوية، يبدأ الاحتفال بها لأول مرة 4 فبراير 2021، بعد إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم يوما عالميا للأخوة الإنسانية.
وفيما يلي عرض مبسط لتاريخ العالم الجليل إمام الأئمة أحمد الطيب:
من أجل السلام
برسوخ وقف العالم الجليل ذو الكلمة المسموعة والضمير الحاضر، ليزف إلى العالم موقفه من وثيقة الأخوة الإنسانية ويقول فيها كلمة فاصلة، فقال: “إنَّ وثيقة الأخوة الإنسانية التاريخية التي انطلقت من أبوظبي في فبراير 2019، أضحت أنموذجًا ونهجًا يمثل أساسًا للبناء من أجل السلام والوئام والاحترام المتبادل والتسامح بين الناس”.
وتهدف وثيقة الأخوة الإنسانية، إلى تنسيق الجهود لتدعيم الحوار بين الأديان لمجابهة الإرهاب، وتتعامل مع المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية بإيجابية.
وصدرت "وثيقـة الأخــوة الإنســانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك" عن "المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية" الذي ينظمه مجلس حكماء المسلمين في أبوظبي، برعاية صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة وقت أن كان وليا لعهد أبوظبي ونائبا للقائد الأعلى للقوات المسلحة.
إمام السلام وعالِم الأمة
لم يتربع إمام المسلمين على عرش قلوبهم من فراغ، وإنما لسماحة تتسم بها روحه، ورقي يحظى به عقله، وحكمة تشمل أفعاله، فاستحق كونه رمز الوسطية وشيخ الاعتدال في العالم الإسلامي.
أحمد محمد أحمد الطيِّب الحساني، هو شيخُ الأزهرِ الشَّريفِ، رئيس مجلس حكماء المسلمين، مفتي الديار المصرية الأسبق، رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وهو (الإمام الثامن والأربعون) للجامع الأزهر، تولى مشيخة الأزهر الشريف في 3 ربيع الثاني 1431هـ، الموافق 19 مارس 2010م خلفًا للإمام الراحل الدكتور محمد سيد طنطاوي.
ينتمى الإمام الطيب لأسرة صوفية عريقة ونَسَبٍ هاشِميٍّ عَلَوِيٍّ شريف، وهو أستاذ في العقيدة الإسلامية وصاحب فكرٍ إصلاحي معتدل، لا يميل إلى التشدد في الدين ولا يقبل التفريط فيه، بل يفضل الوسطية التي يراها أفضل ما يميز الدين الإسلامي، مجسدًا في ذلك المنهج الأزهري الوسطي الأصيل بكل ما يحمله من إعمال للعقل وقبول للآخر وانفتاح على الحضارات والثقافات المختلفة.
تدرج في سلم التعليم الأزهري حتى حصل على العالمية (الدكتوراه) من كلية أصول الدين بالقاهرة.
وفي سيرته الذاتية، درس الطيب اللغة الفرنسية في المركز الثقافي الفرنسي بالقاهرة بعدما تخرج من أصول الدين وقضى به قرابة 5 سنوات، وكان يعرف الإنجليزية من دراستها في المرحلة الثانوية الأزهرية (1960- 1965) والكلية، وترجم عددًا من المراجع الفرنسية إلى اللغة العربية.
ويولي الإمام الأكبر أهمية كبرى للحوار بين الحضارات والثقافات والأديان المختلفة، مع الإيمان بخصوصية كل منها وضرورة احترام الاختلاف بين الأمم وأتباع الديانات.
وُلِدَ أحمد محمد أحمد الطيب الحسَاني، بقرية القُرنةِ التابعة لمحافظة الأَقْصُر في صعيد مصر، في 3 صفر 1365هـ الموافق 6 يناير عام 1946م، لأسرةٍ صوفية زاهدةٍ، وبيتِ عِلمٍ وصلاحٍ، ويعود نَسَبُ أسرتهِ إلى سيدنا الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
نشَأ في القُرنة في كَنَفِ والدِه، وحفظَ القرآنَ وقرأَ المتونَ العلميَّةَ على الطريقةِ الأزهريةِ الأصيلةِ، والتحقَ بمعهدِ (إسنا الدينيِّ)، ثم بمعهدِ (قنا الدينيِّ).
ثم التحق بقسم العقيدةِ والفلسفةِ بكليةِ أصولِ الدينِ بالقاهرةِ، حتى تخرَّجَ فيها بتفوقٍ عامَ 1969م.
تلقَّى العلمَ في الأزهر على يدِ كبارِ علمائِه في جميع مَراحِله التعليميَّة، وقد حَرِصَ منذُ صِغَرِه على حُضورِ مجالسِ العلماء والصالحين، وتعلُّمُ أصولَ التربيةِ والسلوكِ والحكمةِ في الطريق إلى الله.
شهد -في صغره- مجالسِ المُصالَحاتِ والمحاكمِ العُرفيَّةِ التي قادَها جَدُّه الشيخُ أحمد الطيِّب، ووالده الشيخ محمد الطيب في "ساحة الطيب"، وعندما بلغ من العمر 25 عامًا أصبح مشاركًا ومحققًا في مجالس المصالحات وفض النزاعات مع والده وأشقائه، ولا يزال حتى الآن يشارك شقيقه الأكبر الشيخ محمد في هذه المهام.
مواقف إنسانية في حياة الإمام
للدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، العديد من المواقف الإنسانية التي نعرض بعضها في السطور التالية:
- لقاءات شيخ الأزهر المستمرة بأهالي محافظة الأقصر وتجهيز العرائس اليتيمات ومساعدة غير القادرين، وعقد اللقاءات مع الأهالي في ساحة الشيخ الطيب.
- قراره بتكفل الأزهر الشريف بمصاريف الطلاب الأيتام وغير القادرين تسهيلا عليهم في استكمال دراستهم.
- مساعدة عدد من الحالات الإنسانية التي شغلت الرأي العام ومن بينها مساعدة الطفل صابر، والسيدة بائعة الكتب، فضلا عن مساعدة صندوق الزكاة بالأزهر المئات من المرضى وغير القادرين.
- تقديم المساعدة للطلاب الأجانب الذين يدرسون في الأزهر الشريف والتوجيه بتقديم كافة الرعاية اللازمة لهم ودعمهم ماديا ومعنويا.
- - إجراء قوافل طبية لجميع محافظات الجمهورية كجزء من دور الأزهر الشريف المجتمعي.
- - الاهتمام بنشر الفكر الوسطي في الدول المختلفة من خلال البعثات والدور المستنير في مواجهة الأفكار المتطرفة.
ولد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، في قرية القرنة بالأقصر في السادس من يناير عام 1948، وتدرج في المناصب حتى وصل إلى منصب مفتي الديار المصرية ورئيسا لجامعة الأزهر، ثم تولى مشيخة الأزهر الشريف في عام 2010 ليصبح شيخ الأزهر رقم 48 في تاريخ الأزهر.
ويُعدُّ الدكتور أحمد محمد الطيب الإمام الأكبر، شيخ جامع الأزهر، شخصية تجمع بين الباحث والأستاذ الأكاديمي المتخصِّص في الفلسفة التي درس أصولها في فرنسا، وصاحب البحوث العلمية الجادة، والمنهج التدريسي الناجح في جامعات عربية متعدِّدة.
وشخصيته، إلى جانب ذلك، هي شخصية العالم المسلم الورع الذي يمثل الوسطية الإسلامية البعيدة عن الغلوّ، والداعية إلى ثقافة التسامح والحوار والدفاع عن المجتمع المدني.
وقد تجلَّت أبعاد هذه الشخصية من خلال مواقفه التي برزت أثناء مشيخته لـ(الأزهر الشريف)، ودعواته المتكررة لنبذ الفرقة والعنف، والاحتكام إلى العقل، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه.
ويجمع الدكتور الطيب بين العالم والداعية المستنير الذي يقدم الفكر الإسلامي من خلال معرفة دقيقة باللغتين الفرنسية والإنجليزية فضلاً عن العربية