وثيقة الأخوة الإنسانية.. فكرة إماراتية نالت ترحيباً عالمياً وإقراراً أممياً

وثيقة الأخوة الإنسانية.. فكرة إماراتية نالت ترحيباً عالمياً وإقراراً أممياً

منذ توقيع “وثيقة الأخوة الإنسانية” وإقرارها أمميًا والاحتفال بها عالمياً مرت الوثيقة برحلة حافلة، منذ أن كانت فكرة إماراتية ملهمة للعالم، تبرز قيم التسامح ونشر السلام وتعزز ثقافة الحوار واحترام الأديان وتترجم قيمة الأخوة الإنسانية وأهمية التعاون الدولي قولاً وفعلاً في مبادرات إنسانية رائدة. 

ووقّع هذه الوثيقة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، والبابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، على أرض دولة الإمارات في 4 فبراير عام 2019، برعاية الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الإماراتي، الذي كان وقتها ولياً للعهد ونائباً للقائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.

ويأتي الاحتفال بتلك المناسبة بعد قرار أممي يعلن يوم 4 فبراير "يومًا دولياً للأخوة الإنسانية"، تقديرًا وتخليدًا للوثيقة.. تلك الرحلة تستعرضها "جسور بوست" في ما يلي:

فكرة ملهمة 

لم تبدأ رحلة اليوم الدولي للأخوة الإنسانية بتوقيع وثيقة الأخوة الإنسانية في 4 فبراير 2019، بل كانت لحظة التوقيع هي تتويج لسلسلة طويلة من الجهود التي بذلتها دولة الإمارات في سبيل تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً. 

واعتاد محللون الحديث عن أن قيم الأخوة الإنسانية التي تضمنتها الوثيقة هي نهج وسياسة إماراتية منذ تأسيس الدولة عام 1971، فمنذ تأسيسها قدّمت الإمارات مساعدات خارجية غير مشروطة على الصعيد العالمي لدعم النمو الاقتصادي في الدول النامية وتوفير الخدمات الاجتماعية الأساسية للمجتمعات المحلية التي تحتاج ظروفها المعيشية إلى الحد من الفقر، وتعزيز السلام والازدهار، مع إيلاء اهتمام خاص بالنساء والأطفال أثناء الكوارث الطبيعية وفي مناطق الصراع. 

وبلورت دولة الإمارات تلك الجهود عبر مبادرات ملهمة في السنوات الأخيرة حققت فيها سوابق عالمية عديدة. 

محمد بن راشد: سنواصل حمل راية الأخوة الإنسانية ودعــم السـلام في العـــالم

وزارة للتسامح

كانت دولة الإمارات سبّاقة عالمياً في الإعلان عن تشكيل وزارة للتسامح في فبراير 2016 لتضطلع بمهمة ترسيخ التسامح كقيمة أساسية في المجتمع والعالم. 

وكانت الإمارات سباقة على مستوى دول المنطقة في وضع الأطر القانونية والسياسات والإجراءات التي تضمن لرعايا 200 دولة يعيشون على أراضيها من جميع الديانات ممارسة شعائرهم الدينية بكل يسر وسلاسة، وبناء وتشغيل دور العبادة الخاصة بهم مثل المعابد، والكنائس وغيرها. 

لا ينسى العالم اللفتة الإنسانية الكبيرة، عندما وجّه الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، عام 2017، بإطلاق اسم "مريم أم عيسى" عليهما السلام على مسجد الشيخ محمد بن زايد في منطقة "المشرف" وذلك ترسيخاً للصلات الإنسانية بين أتباع الديانات التي حثَّنا عليها ديننا الحنيف والقواسم المشتركة بين الأديان السماوية. 

عام للتسامح 

كانت دولة الإمارات أول دولة في العالم تخصص عاماً للتسامح في 2019. 

وفي العام نفسه، استضافت الإمارات المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية، بهدف تفعيل الحوار حول التعايش والتآخي بين البشر وسبل تعزيزه عالمياً، والتصدي للتطرف الفكري وسلبياته وتعزيز العلاقات الإنسانية وإرساء قواعد جديدة لها بين أهل الأديان والعقائد المتعددة تقوم على احترام الاختلاف. 

وبالتزامن مع المؤتمر، وكما نشر بوسائل الإعلام، اجتمع على أرض دولة الإمارات قداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف خلال الفترة من 3 إلى 5 فبراير 2019، تلبية لدعوة الشيخ محمد بن زايد. 

وشارك الرمزان الكبيران في المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية الذي نظمه مجلس حكماء المسلمين 4 فبراير ووقعا "وثيقة الأخوة الإنسانية"، التي تهدف إلى تعزيز العلاقات الإنسانية وبناء جسور التواصل والتآلف والمحبة بين الشعوب، إلى جانب التصدي للتطرف وسلبياته. 

وطالبت الوثيقة قادة العالم وصناع السياسات الدولية والاقتصاد العالمي بالعمل جدياً على نشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام، والتدخل فوراً لإيقاف سيل الدماء البريئة، ووقف ما يشهده العالم حالياً من حروب وصراعات.

وثيقة الأخوة الإنسانية دستور عمل لكرامة الإنسان

جائزة باسم الإنسانية 

شهد حفل توقيع الوثيقة: الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، والمشاركون في "المؤتمر العالمي للأخوة الإنسانية"، الذي احتضن أكثر من 500 قائد ديني وروحي من مختلف دول العالم. 

وخلال مراسم التوقيع على الوثيقة ودعماً لأهداف الوثيقة، أعلن الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم إطلاق الإمارات "جائزة الأخوة الإنسانية.. من دار زايد"، التي ستكرم في كل دورة منها شخصيات ومؤسسات عالمية بذلت جهوداً صادقة في تقريب الناس من بعضهم البعض. 

وأعلن منح الجائزة في دورتها الأولى لقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف "لجهودهما المباركة في نشر السلام في العالم". 

إشادة عالمية

ضمن جهودها لتطبيق أهداف الوثيقة ونشرها على نطاق عالمي، قدمت دولة الإمارات بالتعاون مع البحرين ومصر والسعودية، مبادرة للأمم المتحدة لاعتماد يوم 4 فبراير يوما دوليا للأخوة الإنسانية. 

وفي 22 ديسمبر 2020، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً بالإجماع يعلن يوم 4 فبراير "اليوم الدولي للأخوة الإنسانية"، تقديرا وتخليدا للمبادرة الإماراتية التاريخية. 

وأشار القرار الأممي إلى اللقاء الذي عُقد بين فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي أسفر عن التوقيع على "وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك". 

وثيقة الأخوة الإنسانية» في مقدمة مبادرات 2019 - صحيفة الاتحاد

وأُعرب القرار عن القلق العميق إزاء الأعمال التي تحرّض على الكراهية ضد الأديان وتقوّض روح التسامح، خاصةً أن العالم يواجه أزمة غير مسبوقة ناجمة عن انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19". 

ووفقًا لما نشر حينها، سلّط القرار الضوء على الحاجة إلى وجود استجابة عالمية للجائحة قائمة على الوحدة والتضامن والتعاون متعدد الأطراف.  

وأكد القرار ضرورة المساهمات القيمة للشعوب من جميع الأديان والمعتقدات للإنسانية، وعلى دور التعليم في تعزيز التسامح والقضاء على التمييز القائم على أساس الدين أو المعتقد، وأثنى على جميع المبادرات الدولية والإقليمية والوطنية والمحلية والجهود التي يبذلها القادة الدينيون لتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات.   

وكان أول احتفال في 4 فبراير 2021، واحتفل العالم للمرة الأولى باليوم الدولي للأخوة الإنسانية في 4 فبراير 2021، بفعاليات عديدة حول العالم. 

وخلال احتفالية دولة الإمارات بتلك المناسبة، كرّمت اللجنة العليا للأخوة الإنسانية الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش والناشطة الفرنسية من أصول مغربية المناهضة للتطرف لطيفة بنت زياتين بجائزة زايد للأخوة الإنسانية لعام 2021، تقديراً لما قدماه من أعمال جليلة ومبادرات مؤثرة وفاعلة جاءت منسجمة مع قيم ومبادئ الأخوة الإنسانية. 

ويعد غوتيريش وزياتين أول فائزين بالجائزة بعد فوز الإمام الأكبر الشيخ الطيب والبابا فرانسيس بها شرفياً عند الإعلان عن تأسيسها فبراير 2019. 

وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قد قال إن الجائزة ستلهم الجميع لمواصلة الجهود الرائدة التي يبذلها فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر وقداسة البابا فرانسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية للنهوض بالحوار بين الأديان وتعزيز الإنسانية المشتركة. 

وقرر الأمين العام التبرع بقيمة نصيبه في الجائزة، 500 ألف دولار، لمفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين "لدعم جهودها التي لا غنى عنها لحماية الأكثر استضعافا في الأسرة البشرية وهم النازحون قسرا". 

وسميت جائزة زايد للأخوة الإنسانية باسم "الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان" تكريماً له وتجسيداً لقيم التواضع والإنسانية التي عُرف بها عبر تاريخه وأرسى قواعدها في شعبه.   

الاحتفال الثاني 

في 4 فبراير 2022 تم ثاني احتفال بهذا اليوم، منذ إقراره أممياً في أجندة الأيام العالمية، بعد أن تم الاحتفال به للمرة الأولى عام 2021. 

وبالتزامن مع اليوم العالمي للأخوة الإنسانية، انطلقت فعاليات مهرجان الأخوة الإنسانية في إكسبو 2020 دبي، واستمرت أنشطته المحلية والعربية والدولية على مدى 5 أيام بمشاركة دولية بارزة. 

وأعلنت وزارة التسامح والتعايش عن مشاركة أكثر من 40 وزارة وهيئة حكومية في مهرجان الأخوة الإنسانية الذي تنظمه الوزارة بالتعاون مع اللجنة العليا للأخوة الإنسانية، بحضور ومشاركة الأزهر والفاتيكان، وبرعاية وحضور الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش. 

وتركز الأنشطة التي تشارك بها هذه الجهات على ورش العصف الذهني والمنتديات، وورش العمل، وذلك تحت مظلة المبادرة الوطنية "الحكومة حاضنة للتسامح"، كما ستنظم لجان التسامح المنتشرة بكل المؤسسات الحكومية أنشطة فرعية وداخلية في إطار المهرجان ضمن احتفالاتها باليوم العالمي للأخوة الإنسانية. 

واستقبل الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتذاك، في قصر البحر، أعضاء اللجنة العليا للأخوة الإنسانية.  

ورحّب بالجهود التي تبذلها اللجنة لتعزيز قيم "وثيقة الأخوة الإنسانية" والتي جوهرها التآلف والتعايش والتفاهم بجانب إطلاق مبادرات تخدم البشرية جمعاء. 

وثيقة الأخوة الإنسانية

وأكد -خلال اللقاء- مواصلة نهج دولة الإمارات في العمل من أجل ترسيخ قيم التعايش والتآخي الإنساني والتآلف، مشيراً إلى أهمية تعزيز هذه القيم اليوم أكثر من أي وقت مضى خاصة في ظل التحديات المشتركة التي يواجهها العالم، فقد أكدت جائحة ”كوفيد-19" الحاجة الملحة للتعاون والتضامن الإنساني بين المجتمعات والدول لمواجهتها وتجاوز آثارها. 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية