يغذي الكراهية.. ردود فعل دولية غاضبة من عودة التطرف الديني عبر بوابة السويد
يغذي الكراهية.. ردود فعل دولية غاضبة من عودة التطرف الديني عبر بوابة السويد
مجدداً وعبر بوابة السويد، يعود اليمين المتطرف المحَّمل بمشاعر "الإسلاموفوبيا" في أوروبا ليحتل صدارة المشهد، بعد أن أجج إقدام زعيم حزب "سترام كورس" اليميني المتشدد الدنماركي راسموس بالودان، على حرق نسخة من القرآن.
لم تكن الأحداث الأخيرة في السويد الأولى التي يثيرها راسموس بالودان، المولود عام 1982 لأسرة تحمل الجنسيتين الدنماركية والسويدية، إحدى أكثر الشخصيات السياسية الأوروبية المثيرة للجدل، عبر آرائه المتطرفة والمناهضة للإسلام والمسلمين، وفق شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
وفي عام 2019، أحرق بالودان، الذي ينشر تسجيلات على موقع التواصل الاجتماعي "يوتيوب"، مصحفاً ملفوفاً في لحم خنزير مقدد، ما أحدث صداماً بين الجالية المسلمة والشرطة السويدية، وذلك في وقت حظر فيه "فيسبوك" حسابه لمدة شهر بعد أن نشر صورة تربط بين الهجرة والجريمة.
وبعد أيام من منحه جنسية السويد في أكتوبر عام 2020، اعتقل بالودان بفرنسا في نوفمبر من العام نفسه، وسجن لمدة شهر ثم تم ترحيله، كما اعتقل 5 نشطاء آخرين في بلجيكا بعد ذلك بتهمة السعي إلى "نشر الكراهية" إثر إحراقهم مصحفاً في بروكسل.
وحاول بالودان التخطيط لإحراق مماثل للمصحف في دول أوروبية أخرى، بما في ذلك فرنسا وبلجيكا.
اضطرابات عنيفة
وفي نهاية أغسطس من عام 2021، كان بالودان وراء إحراق نسخة من المصحف في مدينة مالمو السويدية، ما أدى إلى اضطرابات عنيفة بالمدينة في أعقاب قرار كانت اتخذته ستوكهولم بإيقافه على الحدود ومنعه من دخول البلاد لمدة عامين.
وتقول شبكة "سي إن إن" الأمريكية: "إن الأفكار المتطرفة والشاذة لبالودان كانت دوماً محل جدل في السويد، فبعد إحراقه نسخة من القرآن في عام 2020 حكم عليه بالسجن لمدة 3 سنوات، بتهمة الترويج لآراء عنصرية".
ويقول مراقبون، إن تزايد ظاهرة "الإسلاموفوبيا" في السويد خلال السنوات الأخيرة "بات يهدد التعايش في المملكة الأوروبية الهادئة".
وأدين بالودان قبل نحو عامين بنشر مقاطع فيديو معادية للإسلام على وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لحزبه (الخط المتشدد)، كما واجه 14 تهمة منها العنصرية والتشهير والقيادة الخطرة.
وفي عام 2019، كان بالودان قد فُصل لمدة 3 سنوات كمحامٍ جنائي ومُنع من القيادة لمدة عام.
وفي العام نفسه، لم يتمكن حزبه من دخول البرلمان الدنماركي في الانتخابات الوطنية عام 2019، إذ حصل على نسبة 1.8 في المئة من الأصوات وهو أقل بقليل من عتبة اثنين في المئة اللازمة لدخول البرلمان.
وجاء في التصريح الذي حصل عليه من الشرطة، أن احتجاجه مناهض للإسلام وما سماه محاولة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، التأثير على حرية التعبير في السويد.
ردود فعل دولية غاضبة
وتوالت ردود الفعل من الدول العربية والإسلامية، بعدما أحرق السياسي المناهض للهجرة من اليمين المتطرف، نسخة عن القرآن الكريم أمام السفارة التركية في السويد.
وأدانت دولة الإمارات بشدة ما أقدم عليه أحد المتطرفين في السويد، من حرق لنسخة من القرآن الكريم.
وأكدت وزارة الخارجية والتعاون الدولي في بيان لها، رفض دولة الإمارات الدائم جميع الممارسات التي تستهدف زعزعة الأمن والاستقرار والتي تتنافى مع القيم والمبادئ الإنسانية والأخلاقية.
ومن جانبها، عبرت وزارة الخارجية السعودية عن "إدانة واستنكار المملكة الشديدين، لسماح السلطات السويدية لأحد المتطرفين بإحراق نسخة من المصحف الشريف".
وأعربت مصر في بيان صادر عن وزارة الخارجية، عن "إدانتها الشديدة لإحراق نسخة من القرآن الكريم في ستوكهولم، في تصرف مشين يستفز مشاعر مئات الملايين من المسلمين في كافة أنحاء العالم".
وحذرت مصر من "مخاطر انتشار هذه الأعمال التي تسيء إلى الأديان وتؤجج خطاب العنف والكراهية".
كراهية وتطرف
وعبر وزير الخارجية الكويتي عن إدانته واستنكاره لـ"حرق متطرف لنسخة من المصحف الشريف"، داعيا "المجتمع الدولي إلى وقف مثل هذه الأعمال المرفوضة ونبذ كافة أشكال الكراهية والتطرف ومحاسبة مرتكبيها".
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان: "نندد بأشد العبارات بهذا الهجوم الدنيء على كتابنا المقدس.. السماح بهذا العمل المعادي للإسلام، والذي يستهدف المسلمين ويهين قيمنا المقدسة تحت غطاء حرية التعبير، أمر غير مقبول على الإطلاق".
ومن ناحيتها، قالت وزارة الخارجية القطرية: "تدين دولة قطر وتستنكر بأشد العبارات، سماح السلطات السويدية بإحراق نسخة من المصحف الشريف أمام سفارة الجمهورية التركية في ستوكهولم".
وشددت قطر على أن هذه الواقعة الشنيعة تعد عملا تحريضيا، واستفزازا خطيرا لمشاعر أكثر من ملياري مسلم في العالم.
وقالت وزارة الخارجية المغربية: "تدين المملكة المغربية بشدة إقدام متطرفين سويديين" على إحراق نسخة عن المصحف الشريف، و"تعبر عن رفضها المطلق لهذا الفعل الخطير".
وأدانت وزارة الخارجية وشؤون المغتربين الأردنية "إحراق نسخة من المصحف الشريف، مؤكدة رفض وإدانة المملكة لهذا الفعل الذي يؤجج الكراهية والعنف، ويهدد التعايش السلمي".
وأدان الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، حسين إبراهيم طه، "بأشد العبارات، العمل الدنيء الذي أقدم عليه نشطاء من اليمين المتطرف بحرق نسخة من القرآن الكريم وبترخيص من السلطات السويدية".
واستنكر الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، نايف الحجرف، "سماح السلطات السويدية لقيام أحد المتطرفين" بإحراق نسخة عن المصحف الشريف "والتي من شأنها تأجيج مشاعر المسلمين حول العالم واستفزازهم".
تصاعد التوتر بين السويد وتركيا
أدت احتجاجات تضمنت حرق المصحف في ستوكهولم، السبت، إلى تصاعد حدة التوتر بين السويد وتركيا في وقت تحتاج فيه الدولة الإسكندنافية إلى دعم أنقرة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي.
وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان: "نندد بأشد العبارات بهذا الهجوم الدنيء على كتابنا المقدس.. السماح بهذا العمل المعادي للإسلام، والذي يستهدف المسلمين ويهين قيمنا المقدسة تحت غطاء حرية التعبير، أمر غير مقبول على الإطلاق".
وتقدمت السويد وفنلندا العام الماضي بطلبين للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا، لكن يتعين على جميع الدول الأعضاء الثلاثين الموافقة على الطلبين.
وتقول تركيا إن على السويد على وجه الخصوص أن تتخذ أولا موقفا أكثر وضوحا ضد من تعتبرهم إرهابيين، ومعظمهم من المسلحين الأكراد والجماعة التي تحملها مسؤولية محاولة الانقلاب عام 2016.