المرأة المغربية.. إجراءات تنهض بحقوقها والحركة النسائية تطالب بالمزيد
بمناسبة يومها الدولي في 8 مارس من كل عام
سامي جولال- المغرب
قيادية في جمعية "تطلعات نسائية": المملكة انضمت لاتفاقية سيداو الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة
رئيسة جمعية "أيادي حرة": لا يمكن أن ننكر الإرادة الملكية للنهوض بحقوق النساء في المغرب خلال 2022
مديرة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة": المجتمع المدني لديه ملفات متكاملة من أجل تغيير قانون الأسرة
رئيسة الرابطة الديمقراطية لحقوق النساء: عدم الوضوح في المسؤولية والواجبات في مدونة الأسرة يتسبب في ارتباك المجتمع
ناشطة في قضايا المرأة: هناك بعض القرارات القضائية الجريئة ومنها عدم إسقاط الحضانة عن الأم المطلقة بعد زواجها مرة أخرى
تحتفل المملكة المغربية هذا العام باليوم الدولي للمراة وقد شهدت جملة من القرارات والتحركات الرامية إلى النهوض بحقوق النساء، وتعزيزها، خلال عام 2022، كان أهمها دعوة ملك البلاد، محمد السادس، إلى مراجعة مدونة الأسرة، وهو المطلب الذي ظلت الحركة النسائية المغربية تنادي به منذ سنوات، والتوجه نحو مساواة المرأة بالرجل على مستوى الشهادة عند إبرام العقود، واهتمام برنامج الحكومة المغربية الجديدة بالرفع من مستوى وجودهن في المؤسسات، وفي مناصب القرار، وغيرها من الإجراءات، التي تهدف إلى تحسين حياة المغربيات، وحمايتهن، وضمان حقوقهن.
ويحتفل العالم في الثامن من مارس كل عام باليوم الدولي للمرأة، والذي أقرته الأمم المتحدة عام 1975؛ تخليدا لمظاهرات نيويورك 1908، والتي خرجت فيها 15 ألف امرأة إلى الشوارع؛ للمطالبة بتقليل ساعات العمل، وتحسين الأجور، و الحق بالتصويت في الانتخابات.
وشهد عام 2022 استمرار مطالبة الحركة النسائية المغربية بإخراج مؤسسات دستورية إلى الوجود، من بينها هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والشباب، ووضع قوانين تتلاءم مع الدستور المغربي، لتحقيق وحفظ وتحصين الحقوق الكاملة للنساء المغربيات، إلى جانب استمرار "معاناة النساء، بحسب فاعلات مغربيات في مجال قضايا المرأة تحدثت إليهم "جسور بوست"، من إحباطات وانتكاسات في مجموعة من المجالات، وعدم مراعاة السياسات الترابية، على مستوى الجماعات، أو الأقاليم، أو الجهات، لاحتياجات النساء كما تراعى احتياجات الرجال، إضافة إلى استمرار الإجهاض السري، الذي أودى بحياة مجموعة من المغربيات، في ظل تجريم الإجهاض في البلاد، وعدم السماح به إلّا في حالات استثنائية.
ويفوق عدد النساء في المغرب عدد الرجال، بحسب المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية تعنى بتتبع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب)، التي كشفت -في مذكرة إخبارية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) عام 2019- أن عدد النساء في المغرب بلغ سنة 2018 نحو 17.67 مليون امرأة، أي ما يمثل 50.1% من مجموع السكان، وهو ما أوردته أيضا في مذكرة إخبارية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة (8 مارس) عام 2021.
بروتوكول "سيداو"
قالت القيادية في جمعية "تطلعات نسائية" المغربية، حياة النديشي، إن "أول إنجاز شهدته سنة 2022 في مجال حقوق النساء هو قيام المغرب، في إبريل المنصرم، بإيداع الصكوك المتعلقة بالانضمام إلى البروتوكول الاختياري لاتفاقية سيداو الخاصة بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، والبروتوكول الاختياري الأول الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، في انتظار التنفيذ على أرض الواقع، من خلال قوانين وسياسات نافذة".
تعديل مدونة الأسرة
من جانبها، أفادت المستشارة بمجلس النواب المغربي، ورئيسة جمعية "أيادي حرة" المغربية، ليلى أميلي، بأنه "لا يمكن أن ننكر أن الإرادة للنهوض بحقوق النساء في المغرب كانت موجودة كثيرا في عام 2022، من خلال الخطب السامية والقديرة للملك محمد السادس، التي أصرت وحثت على أنه لا بد أن تكون هناك قراءة أخرى وتعديل لمدونة الأسرة (اعتمدت عام 2004)، وإنصاف النساء في مجموعة من المجالات"، معبرة عن "طموحها لأن يقود هذا الزخم المفتوح إلى تغيير شامل وجذري".
وقال الملك محمد السادس، في خطاب عيد العرش في 31 يوليو 2022، إنه "إذا كانت مدونة الأسرة قد شكلت قفزة إلى الأمام، فإنها أصبحت غير كافية، لأن التجربة أبانت أن هناك عدة عوائق تقف أمام استكمال هذه المسيرة، وتحول دون تحقيق أهدافها، ومن بينها عدم تطبيقها الصحيح، لأسباب سوسيولوجية متعددة، لا سيما أن فئة من الموظفين ورجال العدالة ما زالوا يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء، والواقع أن مدونة الأسرة ليست مدونة للرجل، كما أنها ليست خاصة بالمرأة، وإنما هي مدونة للأسرة كلها".
وشدد على "ضرورة التزام الجميع بالتطبيق الصحيح والكامل لمقتضياتها القانونية، وتجاوز الاختلالات والسلبيات، التي أبانت عنها التجربة، ومراجعة بعض البنود، التي تم الانحراف بها عن أهدافها، إذا اقتضى الحال ذلك"، مردفا أنه "بصفته أمير المؤمنين، وكما قال في خطاب تقديم المدونة أمام البرلمان، فإنه لن يحل ما حرم الله، ولن يحرم ما أحل الله، لا سيما في المسائل التي تؤطرها نصوص قرآنية قطعية، ومن هنا يحرص أن يتم ذلك في إطار مقاصد الشريعة الإسلامية، وخصوصيات المجتمع المغربي، مع اعتماد الاعتدال والاجتهاد المنفتح، والتشاور والحوار، وإشراك جميع المؤسسات والفعاليات المعنية".
ومن جانبها، أبرزت مديرة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" المغربية، بشرى عبدو، أن "من الإيجابيات القوية والمهمة على مستوى قضايا النساء في المغرب في عام 2022، هناك الخطاب الملكي في عيد العرش أواخر شهر يوليو، الذي أعطى فيه الملك محمد السادس إشارات قوية، من أجل تعديل قانون الأسرة، واعتبر أن الوقت قد حان للقيام بذلك، لأنه عرف اختلالات، ومشكلات، ومعاناة النساء المغربيات"، معتبرة أن "هذا تطور كبير جدا، وأن المجتمع المدني، خاصة الجمعيات النسائية، لديه ملفات مطلبية ملموسة ومتكاملة، من أجل تغيير قانون الأسرة، في ما يخص الولاية على الأطفال، وزواج القاصرات، وتقسيم الممتلكات، وإثبات النسب، والطلاقات، وغيرها من الأمور الأخرى".
وقالت الرئيسة الشرفية لفيدرالية الرابطة الديمقراطية لحقوق النساء، فوزية العسولي، إن "قرار صاحب الجلالة الخاص بأن مدونة الأسرة الحالية أدت مهامها، وصادفت عدة عراقيل في التطبيق، وابتعدت عن روحها، وظهرت فيها بعض الثغرات، ولا بد من تغييرها بعد كل هذه التحولات الاجتماعية، التي حدثت في المجتمع، وتأكيده أن حقوق النساء ليست حقوقا ضد الرجال، بل هي حقوق مشروعة تضمن التوازن، وضرورية لتقدم المجتمع، وأن التنمية وتقدم المجتمع لا يمكن أن يكونا بدون إقرار الحقوق الكاملة للنساء، وهو ما يعتبر، بحسب العسولي، توجيها مهما، حدد مسارا لا بد فيه من إعادة النظر من جهة في التشريع، ومن جهة أخرى في السياسات العمومية بشكل عام، لتجيب عن هذه التحديات، التي ما زالت موجودة.
وأضافت العسولي، لـ "جسور بوست"، أنه "يجب مراجعة مجموعة من الأمور في مدونة الأسرة، ذكرت منها الولاية والنيابة الشرعية على الأبناء، والنفقة، وألا يتحكم في القضاء فكر ذكوري ما زال يعكس القوامة والولاية"، موضحة أن "مدونة الأسرة الحالية جاءت في إطار تجاذبات، وتقاطبات، وصراع قوي ما بين اتجاهين، وبالتالي كان لا بد من تقديم تنازلات وتوافقات، أدت إلى لبس في القانون، الذي ينطبق على المجتمع، ويمكن أن يعرقل تطوره"، معتبرة أن "الزواج مشروع أسري ومجتمعي، وليس فقط أسريا، وبالتالي جميع الأطراف يجب أن تتعاون وتتكامل فيه، وتكون لها حقوق متساوية".
وأبرزت أن "عدم الوضوح في المسؤولية والواجبات في مدونة الأسرة الحالية، يتسبب في ارتباك داخل المجتمع، وتناقض بين ما يتطلبه تطور البنيات الاجتماعية والاقتصادية داخل المجتمع، وما بين التشريع، الذي ظل، بحسب العسولي، خاضعا للقوامة بمفهومها القديم، في حين أن أسسها لم تعد موجودة داخل المجتمع المغربي، ويجب أن يتعاون الطرفان"، مبيِّنة أنه "نجد أن السياسات العمومية تريد أن ترفع من نشاط النساء، وليست هناك بنيات لتسهيل عمل النساء، مع ضمان رعاية الأطفال بشكل جيد".
وأوضحت العسولي أن "الخطاب الملكي طالب بنقاش هادئ حول الموضوع"، مردفة أنه “بطبيعة الحال هناك تجاذبات الحلال والحرام، لكن الحلال والحرام يتطور وفق المجتمع، وأن الأساس في الحرام هو شيء غير معقول، ويضر بالآخر والمجتمع، وأن هناك أشياءً كانت حلالا وأصبحت حراما”، وفق العسولي، التي ضربت مثالا بالعبودية، إذ قالت إنها كانت حلالا، وليس هناك أي نص يمنعها، وأصبحت الآن حراما، ولا يمكنك الخروج والدفاع عنها بمبرر أنها خصوصية ثقافتنا، ما يعني، بحسب المتحدثة، أن هذا قابل للنقاش الهادئ، الذي يهدف إلى تطوير المجتمع.
مناصب استراتيجية
وتحدثت المستشارة بمجلس النواب المغربي، ورئيسة جمعية "أيادي حرة" المغربية، ليلى أميلي، لـ "جسور بوست"، عما جاء في البرنامج الحكومي للحكومة المغربية الجديدة (عينها الملك في 7 أكتوبر 2021)، ومن ضمنه الرفع من مستوى وجود النساء في المؤسسات، وفي مناصب القرار، وما جاء في البرلمان"، مبرزة أن "هذه الحكومة يسجل عليها أنها حكومة النساء، إذ استطاعت هؤلاء اختراق بعض المجالات، التي كانت حكرا على الرجل، ومن بينها وزارتا المالية والتعمير، اللتان تقودهما حاليا امرأتان، وهو أمر جيد، لكن هناك طموحا إلى ما هو أكثر"، بحسب أميلي، التي اعتبرت أن "كل هذه النقط إيجابية ومهمة".
وتضم الحكومة المغربية الحالية بقيادة حزب التجمع الوطني للأحرار (ليبرالي من يمين الوسط) 28 وزيرا، ضمنهم 6 نساء، يقدن وزارات الاقتصاد والمالية، التي تسند لأول مرة في تاريخ المغرب إلى امرأة، وإعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، والسياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، والانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، والتضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، والانتقال الرقمي وإصلاح الإدارة، مقابل 9 وزيرات في الحكومة المغربية السابقة بقيادة حزب العدالة والتنمية (إبريل 2017-أكتوبر 2021)، قبل أن يتم تقليص العدد إلى 4 وزيرات في تعديل حكومي أجري عام 2019.
وجرى لأول مرة في تاريخ المغرب انتخاب 3 نساء في منصب العمدة في مدن الرباط العاصمة، والدار البيضاء (وسط)، ومراكش (جنوب).
وفي هذا الجانب، أفادت أميلي بأنه "في المغرب نرى النساء في مجموعة من المجالات، وأن إحصائيات عام 2022 لم تظهر بعد، لكن إحصائيات المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية تعنى بتتبع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب) لعام 2021 أظهرت أن هناك تطورا في وجود النساء في مجموعة من المجالات".
وفي المقابل، أبرزت أميلي أن “وجود النساء في مراكز القرار جاء في المذكرات، وفي البرنامج الحكومي، وعلى لسان مجموعة من الناس، الذين يقولون إنه يجب أن ننصف النساء، لكنها تتساءل كم عدد النساء اللاتي نُصِفْنَ في هذا الجانب؟ وأنه رغم أن النساء عرفن تطورا أساسيا، ورغم أن الفئة الشابة في المغرب كثيرة، والفتيات أكثر، ورغم تميز الطالبات والتلميذات بمعدلات جيدة في البكالوريا، أو الإجازة، أو غيرها من المستويات الدراسية الأخرى، لماذا لا يوجدن في مراكز القرار؟ ولماذا ليست هناك ترقية كثيرة في صفوفهن؟ ولماذا ليس لدينا الكثير من رؤساء الأقسام من النساء؟”.
فتح النقاش حول القانون الجنائي
وقالت القيادية في جمعية "تطلعات نسائية" المغربية، حياة النديشي، لـ"جسور بوست"، إن "هناك أشياء أخرى إيجابية، من بينها فتح النقاش العمومي حول قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، ومدونة الأسرة، وأن ذلك التفاتة مهمة، لأن الحركة النسائية والحقوقية في المغرب تنادي منذ سنوات بالتغيير الجذري والشامل للقانون الجنائي والمسطرة الجنائية، لأنه أصبح متراجعا عن التحولات الاجتماعية، التي يعرفها المغرب اليوم، لأنه قانون وضع في الستينيات، وما زلنا نعيش به اليوم، ويؤثر على حياة النساء، وعلى نمط عيشهن في عام 2023".
واعتبرت أن "فتح النقاش العمومي حول قانون المسطرة الجنائية والقانون الجنائي، ومدونة الأسرة، شيء إيجابي، في انتظار الطرح الذي يمكن أن تقدمه وزارة العدل في هذه القوانين، التي تعتبر مفصلية ومحورية في حياة النساء، وأن فتح النقاش حولها، وإخراجها للوجود، مهم، لكن الأهم هو أن تتضمن نصوصا تمكن النساء من عدالة جنائية وأسرية قائمة على المساواة".
وقررت الحكومة المغربية، في أواخر عام 2021، سحب مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي من مجلس النواب، وذلك بعد إحالته على البرلمان في عام 2016، من قِبل حكومة عبدالإله ابن كيران (يناير 2012-إبريل 2017) بقيادة حزب العدالة والتنمية (إسلامي)، إذ أثار جدلا داخل المؤسسة التشريعية، على مستوى مجموعة من النقاط، من بينها الفصل 8-256 المتعلق بـ"الإثراء غير المشروع"، ما حال دون مناقشته خلال ولاية الحكومة المذكورة، وأيضا خلال ولاية حكومة سعد الدين العثماني (إبريل 2017-أكتوبر 2021)، والتي كان يقودها أيضا حزب العدالة والتنمية.
وقال الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان والناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، مصطفى بيتاس، إن "قرار سحب المشروع جاء من أجل إتاحة الفرصة للبرلمان، لمناقشة المشروع بشكل شمولي وغير مجزأ، ولصعوبة مناقشة مشروع القانون بشكل منفصل".
وأبرزت مديرة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" المغربية، بشرى عبدو، في حديثها مع “جسور بوست”، أن “المجتمع المدني، وخاصة الجمعيات النسائية، تتحدث عن كيفية مراجعة القانون الجنائي، في الوقت الذي تفتح فيه وزارة العدل نقاشا مع المجتمع المدني، من أجل تعديل هذا القانون، وكذلك حماية النساء من العنف الممارس عليهن، من خلال نقط ملموسة، من بينها اغتصاب الزوجات”، الذي قالت عبدو، إنهم يطالبون بأن يكون حاضرا في القانون الجنائي.
وأشارت إلى أنه "يجب كذلك حذف الفصل 490 الذي يجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، وأنهم يطالبون الدولة بتحمل مسؤوليتها في ما يخص توفير الدلائل والإثباتات في حوادث العنف ضد النساء، وذلك يعوض المعنفة، التي تبحث دائما عن الأدلة والإثباتات، من أجل أن تبين وتبرز أن هناك عنفا ممارسا عليها".
توصيات النموذج التنموي الجديد
وأفادت فوزية العسولي، لـ"جسور بوست"، بأن "سنة 2022 شهدت محاولة تفعيل التوصيات الكبرى للجنة النموذج التنموي، التي من ضمن توصياتها الأساسية رفع نشاط النساء، الذي ينخفض باستمرار، ويعرقل تنمية البلاد، ولن تمكن معالجته بأشكال تقنية، بل لا بد من معالجة شمولية، تبدأ بالتشريع وانسجامه، لأن التشريع هو الإطار القانوني الذي يضبط ويوجه سلوك المجتمع، وبالتالي لا بد أن يكون منسجما".
مساواة شهادة الرجل والمرأة
وتحدثت العسولي عن مسألة "مساواة شهادة الرجل والمرأة، بدل كون شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل واحد"، موضحة أنه "حتى في مدونة الأسرة الحالية لم يكن هناك أي شيء يحد من شهادة المرأة، ولكن التطبيق والثقافة الذكورية جعلا التأويل يذهب في اتجاه عدم مساواة شهادة المرأة بشهادة الرجل، وأنه ما دام أن المرأة أصبحت من العدول، فكيف يعقل أنها تقوم بمهمة توثيق عقود الزواج، وليس لها الحق في شهادة كاملة مثل الرجل"، مبرزة أن "هذه الخطوة تعد تصحيحا، وتضع حدا للتأويل، وأن الفراغات داخل التشريع تترك المجال إلى تأويل ينسجم مع ثقافة ما زالت مهيمنة، خاصة في الجسم القضائي بشكل عام، وأن ذلك موجود في العالم كله، وداخل جميع المجتمعات، سواء أوروبية أو عربية-إسلامية، وليس في المغرب فقط، إذ يكون العدل والجسم القضائي أكثر محافظة".
ووافق الملك محمد السادس، في يناير 2018، على ممارسة المرأة لمهنة العدول، التي تسمح لها بتحرير وتوثيق الالتزامات، وعقود الزواج، والطلاق، والإرث، بعد أن كانت هذه المهنة حكرا على الرجال.
ويتجه المغرب نحو معادلة شهادة المرأة لشهادة الرجل، وهي إحدى النقاط التي يتضمنها مشروع القانون الجديد لمهنة العدول، الذي أحاله وزير العدل المغربي، عبداللطيف وهبي، على الأمانة العامة للحكومة.
وقال وهبي، أثناء مروره بمجلس النواب المغربي في يناير الماضي، إن النقاش حول شهادة المرأة أصبح متجاوزا، فالشهادة هي نفسها، سواء كانت شهادة المرأة أو الرجل.
قرارات قضائية جريئة
وتحدثت الناشطة في قضايا المرأة، حياة النديشي، عن "بعض القرارات القضائية الجريئة، ومن بينها عدم إسقاط الحضانة عن الأم المطلقة بعد زواجها مرة أخرى"، ما وصفته بأنه "قرار جريء ومهم جدا، ينادون به في إطار المدونة، التي ينتظرون تعديلها"، مبرزة في المقابل أنه "يجب انتظار حكم محكمة النقض، لأن المغرب شهد في السنوات الماضية سوابق في هذا الاتجاه، ومن بينها اعتراف بالأبوة البيولوجية، ولكن تم التراجع عن الحكم في مرحلة النقض".
وقضت المحكمة الابتدائية الاجتماعية بالدار البيضاء، الاثنين 20 فبراير، في سابقة من نوعها، بإسقاط ولاية الممثل المغربي، أمين الناجي، عن ابنه (12 عاما) لصالح طليقته الممثلة، جميلة الهوني، التي لجأت إلى القضاء بعد رفض طليقها تمكينها من وثائق إدارية، من أجل استخراج جواز سفر ابنها، الذي كان يريد زيارة مركز نادي برشلونة، معتبرة، في تصريحات إعلامية، أن هذا الحكم "سيمكنها من إيجاد جميع الحلول المناسبة لضمان مستقبل ابنها، وتسهيل كل المعاملات الإدارية التي تخصه، بدون إحراج، أو عرقلة لمسيرته".
خطة لمحاربة زواج القاصرات
قالت الحقوقية بشرى عبدو، إنه "في ما يخص زواج القاصرات، فقد كشفت النيابة العامة عن تسجيل نسب عالية وخطيرة، لكنها في الوقت نفسه أصدرت خطة مندمجة لمحاربة زواج القاصرات، واعتبرت هذه الخطة ملزمة بالنسبة لكل مؤسسات الدولة؛ كل الوزارات المعنية، من أجل محاربة زواج القاصرات، وأنه من الضروري إزالة هذه الآفة، ومواجهتها بكل الطرق الملموسة، وخاصة توفير السيارات، من أجل تنقل الأطفال إلى المدارس، خصوصا في المناطق الوعرة، وتعميم التعليم، ومجانية التعليم، وأن تتحمل المؤسسات المنتخبة مسؤوليتها، من أجل نشر التوعية والتحسيس لفائدة الأسر المعوزة، والأسر التي تزوج بناتها في سن صغيرة".
وأردفت أن “رئاسة النيابة العامة، ووزارة العدل، قدمت إحصائيات مرعبة في غالبية الأحيان في ما يتعلق بالعنف الممارس على النساء”، وقالت إنه "على كل مؤسسات الدولة، والمجتمع المدني، المساهمة في محاربة العنف ضد النساء بكل أشكاله"، موضحة أن "كل مؤسسات الدولة اليوم داخل المغرب تجتمع على ضرورة محاربة العنف من جذوره".
وكشف الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض رئيس النيابة العامة، مولاي الحسن الداكي، أن سنة 2022 شهدت تقديم نحو 20097 طلبا، للحصول على الإذن بزواج القاصر، استجيب لـ13652 طلبا، في حين رفض 6445 طلبا.
وقال الداكي، في كلمته أثناء افتتاح السنة القضائية، إن النيابات العامة عرفت خلال 2022 تفعيل الإجراءات القانونية المناسبة تجاه 75240 شكاية تخص العنف ضد النساء، ما ترتب عنه فتح 25195 قضية، ومتابعة 29698 شخصا.
العنف الرقمي
وقالت المستشارة بمجلس النواب المغربي، ليلى أميلي، إن "وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة خرجت هذا العام باستراتيجية من أجل إنصاف النساء، وأقرت العنف الرقمي"، مردفة أن "العنف الإلكتروني والرقمي ما زال مسكوتا عنه، ومن الصعوبة إثباته"، إضافة إلى “مخطط جسر، الذي تستعد الوزارة المذكورة لإطلاقه، والذي يعد استراتيجية مهمة”، بحسب أميلي، التي قالت إنها تتمنى بكل أمل أن يتحقق على أرض الواقع.
وتستعد وزارة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة لإطلاق استراتيجية "جسر"، ما بين عامي 2022 و2026، بغرض إدماج اجتماعي مبتكر ومستدام لأسر البلاد.
وتهدف هذه الاستراتيجية، في شقها المتعلق بالنساء، بحسب وسائل إعلام مغربية، إلى المساهمة في رفع نسبة نشاطهن، وولوجهن إلى مناصب المسؤولية، وتقليص انتشار العنف ضدهن.
تهدف هذه الاستراتيجية إلى تعميم تمدرس الأطفال في وضعية إعاقة المنحدرين من أسر تعيش في وضعية هشاشة، والمساهمة في تحسين نسبة تشغيل الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا تقوية التكفل بالأطفال المحرومين من السند الأسري، وتعميم التكفل بالأشخاص المسنين، الذين يعيشون في وضعية هشاشة، وبدون مأوى.
مؤسسات دستورية منتظرة
وفي المقابل، قالت أميلي، لـ"جسور بوست"، إن "عام 2022 شهد تحقق مجموعة من المسائل على مستوى ملف حقوق المرأة، ولكنها لن تقول إن لها تأثيرا، وإنه كان منتظرا من الحكومة الجديدة في عام 2022 إخراج بعض النصوص، التي جاءت في الدستور (اعتمد عام 2011)، والمتعلقة بهيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز ضد النساء، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة والشباب، التي يجب أن تنزل على أرض الواقع، وأن المجتمع المدني كان يتمنى ألّا تمر سنة 2022 دون أن يكون فيها التركيز على هذه المسألة".
وأوضحت أنه “من الصعوبة بمكان الآن في هذا الفترة، ومع بداية ولاية تشريعية جديدة، أن نشهد التصويت على قوانين جديدة، على غرار ما كان بالنسبة لمدونة الأسرة في عام 2004، أو قانون العنف، والسماح للنساء بمزاولة مهنة العدول، في عام 2018، وأنها تتفهم أن هذه سنة ونصف السنة مرت على مجيء حكومة جديدة، وعلى بداية هذه الولاية التشريعية، رغم أنها تؤمن بأنه يجب أن تكون هناك آلية واستراتيجية خاصة بالامتداد والاستمرارية، وليس القطيعة، وبدء كل حكومة وبرلمان من جديد”.
وأشارت إلى أن "الأساس هو أنه لن يتقدم أي مجتمع ونصفه (النساء) مشلول، أو ما زال يعرف الحكَرة، أو إشكالات عدم إمكانيات اقتصاديات مهمة، وأن هذا النصف يجب أن يكون مندمجا اندماجا حقيقيا، ولا يحس بالإقصاء، أو عدم تكافؤ الفرص، أو الإهانة".
وقالت وزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة، عواطف حيار، إن الحكومة بدأت في اتخاذ التدابير الضرورية لتفعيل هيئة المناصفة ومكافحة كل أشكال التمييز، والمجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، مبينة أن الحكومة تشرف على تهيئة الترسانة القانونية للهيئة، في حين أن التعيينات هي من اختصاصات المؤسسة الملكية.
معاناة اقتصادية
وفي ما يخص التمكين الاقتصادي للنساء، أفادت أميلي بأن “ما هو مكتوب، وما هو اقتراحات، مهم جدا، ولكن عندما نأتي إلى أرض الواقع ما زالت النساء يعانين الأمرين، وخصوصا أن فيروس كوفيد-19 أظهر لنا إلى أي حد كانت هناك معاناة اقتصادية حقيقية للنساء”.
وقالت إن أمل "المجتمع المدني أن يكون هناك فعلا تنزيل لهذه القوانين، وكل الآليات التي يمكن أن تحمي النساء من العنف وغيره، لأنه في فترة كوفيد، وما بعدها، خُلقت منصات في عام 2021 في المحاكم، ومنصة "كلنا معك" لمساعدة ودعم النساء المعنفات، وهي آليات وقائية وحمائية للنساء"، متسائلة في المقابل “هل هناك فعلا جانب وقائي للنساء، في ظل كون الفقر والأمية بصورة أكثر في صفوف النساء بالمغرب”.
وهذا يحتم -بحسب أميلي- أن نرى تأثير هذه الآليات على الناس، وتحس بها النساء، وتصل إلى الجميع، وخصوصا في العالم القروي وأعالي الجبال، وأن يتم تفعيلها، لأن المرأة المعنفة تكون في حالة انهيار وألم، وتحس بالإحباط، وتحتاج إلى آلية حمائية وقائية، وإلى من يقدم لها الاستشارة والمساعدة في تلك الفترة.
وفي ظل إكراهات الحجر الصحي، وإعلان حالة الطوارئ الصحية، الذي فرضه انتشار الفيروس، أطلق الاتحاد الوطني لنساء المغرب، تنفيذا للتوجيهات السامية لرئيسته، صاحبة السمو الملكي الأميرة لالة مريم، منصة "كلنا معك"، الموجهة أساسا لفائدة النساء والفتيات في وضعية هشة، من أجل الالتزام طيلة فترة الحجر الصحي، وعلى مدى كل أيام الأسبوع، بتقديم المساعدة الكاملة، والدعم اللازم للنساء والفتيات ضحايا العنف، وذلك عبر خط الهاتف المباشر "8350"، أو عبر التطبيق المحمول.
مطالبة بتطبيق الاقتراحات
وأوضحت أميلي، لـ"جسور بوست"، أنه "رغم كون سنة 2022 قد شهدت مجموعة من الاقتراحات الجيدة على مستوى ملف حقوق المرأة، سواء من طرف الحكومة، أو الفاعلين، أو الأحزاب، لكنها ليست ممتازة، ولا تزال هناك أمور ناقصة"، متمنية أن "يتم تطبيق المقاربة الديمقراطية التشاركية الموجودة في الدستور، عبر إشراك المجتمع المدني، باعتباره الأقرب إلى المواطنات والمواطنين، وهو الذي ينزل إلى القرى، ويشتغل فيها، ويكون هناك تفاعل من طرف الجميع، من أجل إنزال هذه الاقتراحات على أرض الواقع"، مردفة أنهم "لا يريدون أن تكون المسائل مكتوبة، بل يريدون رؤيتها على أرض الواقع".
وشكرت أميلي "جسور بوست" على مبادرة تسليط الضوء على "تطورات ملف حقوق النساء في المغرب خلال عام 2022"، متمنية أن "يتم هذا الرصد كل سنة، لأنه يجب الوقوف كل سنة، وطرح أسئلة (ماذا فعلنا خلال هذه السنة؟ وأين هو الخطأ؟ وأين تقدمنا؟ وأين لم نتقدم؟) لافتة أنها بحكم اشتغالها في المؤسسة التشريعية كانت تأمل دائما أن كل نص صدر، مثلا قانون العنف، يجب الجلوس لتقييم إلى أي حد فعلا استطعنا من خلاله حماية النساء من العنف، وأوجدنا لهن آليات حماية".
إحباطات وانتكاسات
وأوضحت الحقوقية حياة النديشي، أن "النساء ما زلن يعانين من مجموعة من الإحباطات والانتكاسات، سواء على المستوى التشريعي، أو السياسي، والاقتصادي، أو على مستوى الحياة بصفة عامة"، مستشهدة بالتقرير الذي أصدرته المندوبية السامية للتخطيط (مؤسسة رسمية تعنى بتتبع المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية بالمغرب) في 2022، والذي يكشف أن 80% من النساء خارج الاقتصاد المهيكل، مردفة أنه "عندما نقول إنها خارج الاقتصاد المهيكل في ظل أزمة غلاء الأسعار، وفي ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، فربما نتخيل وتتبادر إلى ذهننا وضعية النساء على المستوى الاقتصادي في هذا الشق".
وبيَّنت النديشي أن المندوبية السامية للتخطيط أصدرت تقريرا كشف أن تكلفة العنف عالية جدا، وترهق ميزانية الدولة، وأن ذلك إن دل على شيء فإنه يدل، وفق المتحدثة، على أن العنف ضد النساء ليس فقط معضلة اجتماعية، بل لها أيضا آثار على الشق الاقتصادي، ما يعني أنه يجب الانتباه إليها.
واستشهدت النديشي على “معاناة النساء”، بحسب تعبيرها، بنساء شركة سِيكُومْ المتخصصة في النسيج في مدينة مكناس (شمال شرق)، اللاتي يدخلن، وفقها، تقريبا طيلة السنة في اعتصامات، بسبب عدم تسوية وضعهن الاقتصادي، بعد طردهن بشكل جماعي، ما يعني، بحسب النديشي، أنه لا يوجد اهتمام بالمرأة.
أزمة "الجنس مقابل النقط"
واسترجعت النديشي، في حديثها مع "جسور بوست"، قضية "الجنس مقابل النقط"، التي هزت الجامعة المغربية، وتُبيِّن، وفق النديشي، الأوضاع التي تعيشها الطالبات داخل الحرم الجامعي.
ويتعلق الأمر بقيام أساتذة جامعيين في كلية الحقوق بجامعة الحسن الأول بسطات (وسط المغرب) بابتزاز طالبات، من خلال إرغامهن على ممارسة الجنس معهم، مقابل درجات جيدة، ما عرف إعلاميا بقضية "الجنس مقابل النقط"، التي ظهرت في سبتمبر عام 2021، وخلفت غضبا شعبيا كبيرا، واستمرت خلال عام 2022، من خلال المحاكمات، التي شهدت إصدار أحكام حبس في حق أساتذة جامعيين متورطين، وغرامات مالية، وتعويضات لفائدة مطالبتين بالحق المدني.
استمرار الإجهاض السري
وسلَّطت النديشي الضوء على واقعة وفاة طفلة، بسبب قيامها بعملية إجهاض سرية، وحدث ذلك في منطقة بومية بإقليم ميدلت (جنوب شرق)، بعد تعرض الطفلة مريم، البالغة من العمر 14 عاما للاغتصاب، وقيامها بإجهاض سري غير آمن للتخلص من الجنين، نتج عنه نزيف حاد، تسبب في وفاتها، علما أن الإجهاض في المغرب غير مسموح به قانونيا إلا إذا كان الحمل يشكل خطرا على حياة الأم، أو ناتجا عن زنى المحارم، أو التشوه الخلقي للجنين.
وأبرزت النديشي أنهم "ينادون منذ القدم بتحرير هذا الفعل من دائرة التجريم، وإحالته على مدونة الصحة، لكن للأسف ما زالوا يرون بناتهم ينتحرون بهذا الفعل"، مردفة أن "الإجهاض السري بطرق عشوائية يجعل البنت تضيع حياتها، وصحتها الجسدية والنفسية، نظرا لآثاره على صحة المرأة، وأن الأرقام تبين أن هناك أكثر من 600 إلى 800 حالة إجهاض سري يوميا".
المرأة في برامج التنمية
وأوضحت النديشي أن "السياسات في المغرب، على مستوى الجماعات، أو الجهات، أو الأقاليم، تبين أنه ما زلنا لا نتوفر على برامج تنمية تراعي احتياجات النساء كما تراعي احتياجات الرجال"، مردفة أنه عندما نتحدث عن الاحتياجات المستجِيبة، أو على البرامج التي يجب أن تكون مستجيبة للنوع الاجتماعي، فيجب أن تصل النساء بالفعل إلى التنمية، وتتحكم في ثروة التراب، الذي تقطن به كما يتحكم فيها الرجل، وهذا غير موجود لحد الآن، بحسب النديشي، "رغم اعتماد المغرب نموذجا تنمويا جديدا، واقتراب عام 2030، وما زالت التنمية بعيدة كل البعد عن الاستجابة لحاجيات النساء".
وترأس الملك محمد السادس، في 25 مايو 2021، بالقصر الملكي بفاس (أقصى شمال شرق المغرب)، مراسيم تقديم التقرير العام، الذي أعدته اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد للبلاد، وذلك بعدما دعا جلالته، في خطاب ملكي في يوليو 2019، بمناسبة عيد العرش، إلى تشكيل لجنة لوضع نموذج تنموي جديد، بعدما أصبح النموذج التنموي المعتمد حينها "غير مواكب للحاجيات المتزايدة لفئة من المواطنين".
تطبيق قانون العاملات المنزليات
وتحدثت مديرة جمعية "التحدي للمساواة والمواطنة" المغربية، بشرى عبدو، عن “قانون 19.12 الخاص بتحديد شروط الشغل والتشغيل المتعلقة بالعاملات والعمال المنزليين”، وقالت إنه "يجب على الدولة تسليط الضوء عليه، وتطبيقه بحذافيره، لأنه لا يزال المغرب أمام آفة خطيرة، وخاصة مأساة العاملات المنزليات، وعدم توفير الحقوق الكاملة لهن، وخاصة الضمان الاجتماعي، وكذلك تحديد ساعات العمل، واحترام حقوق العاملة المنزلية، التي يجب أن يحميها قانون الشغل بشكل كبير".
وقالت "عبدو" لـ"جسور بوست"، إنه "من الضروري وضع قوانين وضعية تتلاءم مع الدستور المغربي، الذي يعتبر دستورا متقدما، لنقدر على تحقيق، وحفظ، وتحصين، الحقوق الكاملة للنساء المغربيات".
وبيَّنت فوزية العسولي، أن “المرأة المغربية ما زالت تعاني عراقيل كثيرة على مستوى الواقع، ليس فقط في الجانب الثقافي، بل أيضا في جانب حقوق الشغل”، ضاربة مثالا بقطاع الفلاحة، الذي قالت إنه لا يحترم فيه القانون، ولا ساعات العمل، إضافة إلى التحرش الجنسي، والعنف، لكنها أبرزت في المقابل أنه "بفضل كل السياسات العمومية، وبفضل النقاش العمومي، وبفضل ما يقوم به المجتمع المدني، أصبح هناك وعي داخل المجتمع بأن العنف شيء سلبي، وبأن التحرش ممنوع، ويعاقب عليه القانون، وأن السلوك التمييزي بشكل فاضح هو عنف تجاه النساء، وغير مقبول.
لكن هذا الوعي -بحسب العسولي- ليس عاما، وهناك تفاوتات فيه ما بين منطقة وأخرى، وما بين مستوى ثقافي وآخر، وما بين مستوى تعليمي وآخر، وأنه ما زالت هناك تحديات كبيرة في مجال التعليم، وزواج القاصرات رغم انخفاضه، و80% تقريبا من النساء العاملات في وضعية عمل هشة؛ إما يعملن في القطاع غير المهيكل، أو في القطاع المهيكل، ولكن لا تُحترم حقوقهن.