تقرير أممي يناقش آثار الاقتصاد الرقمي على التمتع بحقوق الإنسان

في إطار انعقاد الدورة الـ52

تقرير أممي يناقش آثار الاقتصاد الرقمي على التمتع بحقوق الإنسان

ناقش تقرير أممي تأثيرات الاقتصاد الرقمي في التمتع بحقوق الإنسان في الحياة اليومية للمواطنين بجميع أنحاء العالم.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الفترة من 27 فبراير الماضي حتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وقدمت الخبيرة المستقلة المعنية بآثار الديون الخارجية للدول، عطية واريس، تقريرا بشأن آثار الاقتصاد الرقمي في التمتع بحقوق الإنسان، وإمكانية جني منافع هذا التقدم التكنولوجي مع تقليل احتمالات الضرر.

وقالت واريس: "لا بد من أن يستند الاستحداث ‏ونشر التكنولوجيا الجديدة التي تشكل جزءا من الاقتصاد الرقمي، استناداً راسخاً إلى حقوق الإنسان".‏

التفاوت الاجتماعي

وتناولت الخبيرة المستقلة في تقريرها قضايا انعدام الشفافية في المعاملات المالية العابرة للحدود، ‏وصعوبة مقاضاة الجناة في القضايا التي تنطوي على تدفقات مالية غير مشروعة في العالم الرقمي.

كما ناقشت أيضا صعوبة ‏فرض الضرائب على المنصات أو الشركات الرقمية، إلى جانب قلة سبل الوصول إلى الموارد التكنولوجية في ‏البلدان النامية، وتزايد أوجه التفاوت الاجتماعي والاقتصادي.‏

وركز التقرير الأممي على ممارسات الإقراض الرقمي الجديدة والخدمات المالية الرقمية ‏والعملات المشفرة وكتل القواعد والبيانات المتسلسلة والقسائم الرقمية غير القابلة للاستبدال ونظم التشفير وغيرها.

‏ولمجابهة هذه التحديات، دعت عطية واريس إلى إعمال الحقوق وتطبيق المبادئ المتعلقة بالخصوصية ‏والحصول على المعلومات والمشاركة والمساءلة والشفافية والشرعية المالية، فضلاً عن التعاون والمساعدة ‏الدوليين لتطوير ونشر التكنولوجيات الرقمية في المجال الاقتصادي.‏

وذكر التقرير أن تجارب الأفراد والمؤسسات والدول تتنوع وتتعدد في مجال النظم الرقمية، ففي بعض الحالات ‏تكاد جميع الأنشطة المتعلقة بحياة الفرد بجميع جوانبها تتضمن عنصراً من عناصر التكنولوجيا الرقمية، ويؤثر ‏استخدام التكنولوجيات الرقمية وسرعتها وطريقة تشغيلها وقدرتها ووتيرتها ونموها في كل شخص وكيان ودولة ‏في جميع أنحاء العالم.

وأوجد التطور المستمر لهذه التكنولوجيا سياقاً تعجز فيه القوانين واللوائح والمبادئ ‏التوجيهية والقواعد الضريبية والتجارية والمالية عن مواكبة هذا التطور.‏

قوانين الحماية

ويؤثر الاقتصاد الرقمي سريع النمو في حقوق الإنسان والاقتصاد والهيكل المالي الدولي والقواعد التي تنظمه ‏في سياق أوجه التفاوت متعددة الأبعاد السائدة والمستفحلة، وتعتمد النظم الرقمية بما فيها نظم الضرائب ‏الرقمية اعتماداً كبيرا على معالجة البيانات الشخصية في مجال الاقتصاد الرقمي.

وأشار إلى أهمية صياغة قوانين حماية ‏البيانات، بما يتماشى مع حق الأفراد في الخصوصية، وفي الوقت الراهن تجد الدول نفسها في حيرة بشأن ما إذا كان ينبغي اعتبار حماية البيانات مجالاً يستحق وضع قواعد تنظيمية قائمة بذاتها، أم إسناد هذا ‏الدور إلى الهيئة التضمينية المالية القائمة.‏

وبحثت الخبيرة المستقلة في هذا التقرير المجالات الرئيسية للمعاملات المالية، نشأتها وحركتها وتخزينها ‏واستخدامها واستعراضها وتحليلها، والسبل التي ينبغي أن تطبق بها النهج المتبعة في هذه المعاملات منظوراً ‏قائماً على حقوق الإنسان.‏

وفي سياق الديون الخارجية والتدفقات المالية غير المشروعة والالتزامات المالية الدولية وتأثيرها على حقوق ‏الإنسان، توجد مجموعة من الأبعاد والشواغل المحددة المتعلقة بالاقتصاد الرقمي.

فيما يتعلق بحجم تدفقات ‏النقدية، جعل التقدم الرقمي من التحويلات المالية التي تعد واحداً من أكبر مصادر النقد الأجنبي وأكثر استقراراً ‏لا سيما في البلدان النامية، مصدراً متزايدا للإيرادات الضريبية في العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، ‏وكذلك من خلال أساليب منظمة وغير منظمة للتحويلات المالية الرقمية.‏

ويستفيد مقدمو خدمات تحويل الأموال عبر الهاتف المحمول من هذا النظام في معاملاتهم اليومية، كما ‏تستفيد منه جميع الجهات الأخرى في الاقتصادات المشاركة في المعاملات العابرة للحدود، وفي العالم الرقمي ‏تسهم مسألة التحويلات المالية عندما ترتبط بمسائل أخرى في مجال تمويل التنمية.‏

ويؤدي استخدام البيانات وتحليلها من خلال الذكاء الاصطناعي في الاقتصاد الرقمي إلى تحول في نماذج ‏العمل التجارية، من خلال تيسير استحداث منتجات وخدمات جديدة مصممة على نحو يلائم احتياجات ‏المستخدمين على نحو أفضل.‏

الشفافية والمساءلة

وتعود زيادة الشفافية بالنفع على الجميع عند استحداث نظم أكثر إحكاماً ‏تتمتع بالشرعية المالية، ومع ذلك فإن كثيرا ما تكون إمكانيات اطّلاع عامة الجمهور على العقود المالية العامة ‏محدودة، ولا يزال يتعذر على عامة الجمهور الاطلاع على العقود الثنائية في الحصول على المعلومات.

كما يعد التعتيم العام مشكلة مستعصية للغاية في استخدام النظم الرقمية، لا سيما أن الجهات التي تحتفظ بالبيانات هي ‏إما مؤسسات خاصة تتخذ من البلدان ذات الدخل المرتفع مقراً لها، أو تلك البلدان ذات الدخل المرتفع نفسها.‏

وأكد تقرير صدر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد)، الدور الحاسم الذي تؤديه ‏البيانات وتدفقات البيانات عبر الحدود في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

وأشار التقرير أيضا فيما يتعلق ‏بالمسألة المحورية المتمثلة في تدفقات البيانات عبر الحدود، إلى أن البيانات تتسم بطابع اقتصادي وغير ‏اقتصادي في آن واحد معاً، وأنها تؤثر في الخصوصية وحقوق الإنسان والأمن.‏

ورغم إنتاج وتخزين وتبادل كم هائل من البيانات العالمية في مجال المعاملات التجارية، فإن حصة كبيرة من ‏هذه البيانات لا ترتبط ارتباطاً مباشراً بتلك المعاملات، وإنما بجوانب أخرى من حياة الإنسان.‏

وتحظى المشاركة والمساءلة والشفافية بأهمية بالغة لتحسين فعالية استخدام المعلومات والموارد العامة في ‏الاستثمار في حقوق الإنسان، ومن المتفق عليه عموماً أن زيادة الشفافية منفعة عامة يُسترشد بها في صنع ‏السياسات المالية.

ومع ذلك كثيراً ما تكون إمكانية اطلاع عامة الجمهور على العقود المالية العامة محدودة، ‏ولا يزال يتعذر على عامة الجمهور الاطلاع على العقود الثنائية، ذلك أن الشفافية بشأن مبادلة الديون وخدمة ‏الديون وإعادة هيكلة الديون وبخاصة لدى الدائنين من القطاع الخاص وحاملي السندات، ليست متاحة في ‏جميع الأحوال.‏

الإقراض الرقمي

ومن بين التحديات التي تواجه البلدان في تتبع كمية الموارد المتآكلة من خلال الأساليب المحددة العوائق ‏التكنولوجية الناجمة عن الرقمنة، وذلك أن افتقار البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل للموارد التكنولوجية، يجعل ‏من الصعب عليها تتبع المعاملات الخارجية والمريبة.

وتستخدم أنظمة التكنولوجيا بطرق شتى للتعتيم على ‏شفافية المعاملات المالية والتمكين من تدفق الأموال بشكل غير مشروع إلى خارج البلدان النامية، ما ‏يؤثر سلباً على قدرة تلك البلدان على تحمل الديون.‏

وتعد البيانات الضخمة إحدى محطات الربط بين الضرائب والبيانات والتكنولوجيا، وتستغل التدفقات المالية غير ‏المشروعة التقدم التكنولوجي في الولايات القضائية التي تكفل سرية المعاملات المالية.

وتعد ممارسات ‏الإقراض الرقمية الجديدة عبر تطبيقات الهاتف المحمول من العوامل الهامة التي تسهم في ارتفاع نسبة ‏الديون الخاصة عموماً والمديونية المفرطة في أوساط الأسر المعيشية.‏

وشدد التقرير على أن المشاركة والمساءلة والشفافية ركائز أساسية للشرعية المالية، من أجل ضمان المشاركة الفعالة في وضع السياسات ‏واللوائح وغيرها من التدابير المتعلقة بالمجالات الرئيسية للمعاملات المالية (أي نشأتها وحركتها وتخزينها ‏وتحليلها).

ومن الأهمية بمكان تحسين استخدام الموارد العامة استخداماً فعالاً يكفي لاستثمارها في حقوق ‏الإنسان، بما يشمل الحق في الحصول على المعلومات والآليات المالية والتقنية الضرورية لتعزيز الحصول على ‏المعلومات في الوقت المناسب، بما يضمن مساءلة صناع القرار وتقديم التوجيه الفعال للدول وأصحاب ‏المصلحة الآخرين.‏

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية