"الدولي لحقوق الإنسان" يناقش تأثير تغيرات المناخ على الحق في السكن

في إطار دورته الـ52

"الدولي لحقوق الإنسان" يناقش تأثير تغيرات المناخ على الحق في السكن

أفاد تقرير أممي بأن أزمة المناخ تهدد فرص التمتع بالحق في السكن اللائق ‏بجميع أنحاء العالم تهديداً شديداً.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي خلال الفترة من 27 فبراير الماضي حتى 4 إبريل المقبل، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وقال المقرر الخاص المعني بالسكن اللائق بالاكريشنان راجاغوبال، في تقريره، إن سياسات التخفيف من آثار تغير المناخ قد تقود إلى تهديد بعض الفئات المهمشة بفقدان السكن اللائق، ما يستلزم إشراكها في الاستجابات المناخية على جميع ‏المستويات.‏

وأسهم الإسكان نفسه إسهاماً كبيراً في تغير المناخ، من خلال بناء المساكن والزحف الحضري العشوائي ‏وتصلب التربة واستهلاك الطاقة واستخدام المياه والملوثات وإزالة الغابات والتصحر وفقدان التنوع البيولوجي.

‏ولذلك من الضروري القيام بتدخل في قطاع الإسكان يكون جيد التصميم، ويشمل ‏ذلك تكثيف الجهود لتحسين كفاءة الطاقة واتخاذ تدابير لتوفير الكهرباء للأسرة للمعيشة ودمج الاستدامة في ‏قوانين معايير البناء واستخدام أساليب ومواد البناء منخفضة الكربون والاستفادة بشكل أكثر إنصافا من ‏المساكن القائمة.‏

الدعم المالي

ولم يتغير المناخ والقدرة على التكيف مع المناخ في التخطيط الحضري، ومن الضروري تحقيق انتقال عادل ‏نحو مساكن مراعية للحقوق المتقيدة بها ومقاومة للمناخ وخالية من الكربون.

يأتي ذلك إلى جانب أهمية إقامة التعاون ‏الدولي لتوفير الدعم المالي والاستثمارات الكبيرة لدعم هذا التحول، بما في ذلك إنشاء صندوق لدعم تدبير ‏التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه في قطاع الإسكان للبلدان النامية المعرضة بوجه خاص للآثار ‏الضارة لتغير المناخ.

كما يجب أن ينطوي الانتقال العادي أيضا على سبل انتصاف دولية وتعويض عن ‏الخسائر والأضرار الناجمة عن المناخ في مجال الإسكان، وتقاسم تكاليف التحول في قطاع الإسكان تقاسماً عادلاً فيما بين البلدان وداخلها وفيما بين السلطات ‏العامة ودافعي الضرائب وأصحاب المنازل والمستأجرين أو غيرهم من الفئات المتضررة، لضمان ألا يتخلف ‏أحد عن الركب.‏

ويعتبر بالاكريشنان راجاغوبال أن السكن اللائق عنصر من عناصر الحق في مستوى معيشي مناسب والحق ‏في عدم التمييز بين المواطنين.

وأدى الاحترار العالمي الذي بلغ 1.1 درجة مئوية ‏بالفعل إلى زيادة تواتر وشدة الظواهر الجوية المتطرفة فضلاً عن العمليات البطيئة الحدوث، وكلاهما يهدد ‏بشدة إعمال الحق في السكن في جميع أنحاء العالم.

استثمارات التكيف

وتنعكس هذه الآثار بشكل غير متناسب على الناس في ‏البلدان المعرضة بوجه خاص للآثار الضارة لتغير المناخ والأشخاص الذين يعيشون في أوضاع هشة.

‏ ويسهم الإسكان من خلال قطاع البناء والإنفاق على الطاقة للمباني إسهاما كبيرا في تغير المناخ، حيث ‏بلغ في عام 2020 نسبة 37 بالمئة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المرتبطة بالطاقة. 

ودعا المقرر الخاص ‏إلى التدخل في قطاع الإسكان في الوقت المناسب وبشكل جيد للتصميم، ويشرح ما يمكن أن يشكل نهجاً ‏قائماً على حقوق الإنسان للانتقال العادل نحو إسكان قادر على الصمود في وجه تغير المناخ وخالٍ من ‏الكربون.

ويتطلب تغير المناخ مستويات غير مسبوقة من الاستثمار في التخفيف والتكيف وكذلك في إعادة ‏بناء المساكن في أعقاب الأحداث المتطرفة.‏

ويرى المقرر الخاص أن أزمة المناخ تستلزم الاعتراف بعنصر إضافي من عناصر السكن (الاستدامة)، ولا ‏ينبغي السعي إلى ما لا نهاية إلى تحقيق أهداف الإسكان بطريقة تدمر الكوكب، حيث تقوض أزمة المناخ  فرصة الحق في العيش في مكان آمن.

وأوضح التقرير أنه يتعين على الدول أن تبني القدرة على الصمود وأن تعزز التخفيف من آثار تغير المناخ والتكيف معه والحد ‏من البصمة الكربونية للإسكان نفسه، بحيث يمكن للجميع التمتع بالحق في السكن اللائق بما في ذلك الأجيال ‏المقبلة.‏

اتفاق باريس

وتوافقت الدول في إطار اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية المتعلقة بتغير المناخ على تحقيق استقرار تركيزات ‏الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي، عند مستوى يمنع التدخل البشري الخطير في النظام المناخي.

ويهدف اتفاق ‏باريس إلى الحد من الاحترار إلى أقل بكثير من درجتين فوق مستويات ما قبل الحقبة الصناعية، ومواصلة ‏الجهود الرامية إلى حصر ارتفاع درجة الحرارة في حد لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل ‏الحقبة الصناعية.‏

وفي اتفاق باريس، تقر الدول الأطراف بأنه عند اتخاذ إجراءات للتصدي لتغير المناخ ينبغي لها احترام ‏التزاماتها بشأن حقوق الإنسان وتعزيزها والنظر فيها، ويتوقع من الدول الأطراف أن تعد مساهمات متتالية ‏متعددة وطنيا وتبلغ عنها وتحافظ عليها (تدابير التخفيف والتكيف المحلية) التي تعتزم تحقيقها.‏

وتؤثر أزمة المناخ بالفعل تأثيراً شديداً على جميع جوانب التمتع بالحق في السكن في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى الأضرار والدمار الناجمين عن الظواهر الجوية المتطرفة الأكثر تواتراً.

ويجبر تغير المناخ الناس على الهجرة من المناطق الريفية، بسبب ‏فقدان سبل العيش والمياه العذبة للزراعة والشرب، وينتقلون إلى المدن التي غالبا ما تكون مثقلة بالأعباء غير ‏قادرة على ضمان توفير السكن اللائق للجميع، وهكذا يضطر العديد من الأشخاص إلى إقامة منازلهم في ‏مستوطنات غير رسمية، حيث يعيش الكثيرون في ظروف غير ملهمة أو غير إنسانية، غالبا ما يكون ‏ذلك في غياب صارخ لأي أمن للحيازة.‏

ظواهر جوية مدمرة

أصبح الدمار الذي تحدثه الظواهر الجوية المتطرفة الناجمة عن المناخ -بما في ذلك الأعاصير والأعاصير ‏المدارية والفيضانات وحرائق الغابات، إلى جانب الخسائر في الأرواح البشرية- واضحاً بشكل مؤلم في السنوات ‏الأخيرة.

‏وتسببت العواصف الناجمة عن المناخ وتغير أنماط الرياح الموسمية وغيرها من الأحداث المتصلة بالطقس ‏-بما في ذلك زيادة معدل ذوبان الأنهار الجليدية- في إلحاق أضرار بالمساكن وتدميرها على مستويات كارثية.

وأكد المقرر الخاص أن زيادة تواتر وشدة موجات الحر هي أداة قتل صامت تؤدي إلى وفاة الآلاف في منازلهم، عندما ‏تفتقر المنازل إلى العزل أو التبريد الكافي.

وتشكل الحرارة الشديدة مخاطر محددة على كبار السن والأشخاص ‏ذوي الإعاقة والأطفال، وتزيد من سوء النتائج الصحية لحديثي الولادة.‏

ومع أن تغير المناخ سيقلل من خطر الثلوج والجليد والحاجة العامة للتدفئة في المناطق الباردة تقليدياً، إلا أنه ‏قد يزيد في الواقع من خطر وشدة البرد القارس المتقطع، بسبب الاضطرابات التي يسببها لأنماط الطقس ‏التقليدية مثل الدوامة القطبية.‏

والواقع أن العديد من الأحداث بطيئة النشوء المعروفة مثل ارتفاع مستوى سطح البحر وارتفاع درجات الحرارة ‏وتحمض المحيطات وانحسار الأنهار الجليدية، وما يتصل به من آثار والتملح وتصحر الأراضي والغابات ‏وفقدان التنوع البيولوجي والتصحر، لها تأثير على التمتع بالسكن اللائق وخاصة فيما يتعلق بصلاحيتها للسكن ‏وموقعها.‏

استنتاجات وتوصيات

في إطار الحق في السكن اللائق، يقع على عاتق الدول الالتزام باستخدام أكثر ما تسمح به مواردها المتاحة ‏لمعالجة آثار تغير المناخ على السكن والتخفيف من حدته وتجنب الضرر المتوقع.‏

وللظواهر الجوية المتطرفة والظواهر بطيئة النشوء آثار كبيرة ودائمة على التمتع بالحق في السكن وتواتر ‏مخاطر الظواهر الجوية المتطرفة، فضلا عن التأثير طويل الأجل للأحداث بطيئة النشوء.‏

وخلص التقرير إلى عدة نقاط يجب أن تلتزم بها الدول، أبرزها العمل باستمرار بالتشاور مع المتضررين ومشاركتهم، لتحسين المرونة المناخية للإسكان والتأهب للكوارث ‏المناخية.‏

إلى جانب إشراك المستوطنات غير النظامية والسكانية في أي تخطيط للتكيف مع المناخ وتوفير الماء والأمن الكافي، ‏والمساعدة في إعادة الإعمار بعد الأحداث المناخية، والعمل في حالة الهجرة الناجمة عن المناخ مع مجموعات ‏المصالح، لضمان حلول إسكان متوافقة مع الحقوق ومرنة ودائمة.‏

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية