الحصاد الإفريقي في نهاية عام 2021

الحصاد الإفريقي في نهاية عام 2021

باسم ثروت

 

 

مضى عام آخر من عمر هذه القارة الشابة في الموارد والمصادر والعجوز في التقدم والاستقرار، لم يختلف العام 2021 عن سابقاته من الأعوام فقد كأن عاماً مليئاً بالأحداث المعهود رؤيتها في هذه القارة المضطربة على صفيح ساخن.

 

تصارع هذه القارة منذ نوال دولها الاستقلال في خمسينات وستينات القرن الماضي للوصول إلى  حالة من الاستقرار السياسي والأمني، أو الوصول للهدف الأسمى وهو التحول الديمقراطي.

 

كأن العام 2021، يعج بالأحداث واحداً تلو الآخر من انقلابات عسكرية وإرهاب ومجاعات وحروب أهلية، ناهيك عن متحور كورونا الجديد أوميكرون الذي ظهر في الجنوب الإفريقي، عاماً ينضح فيه الحصاد الوفير، فدعونا نلقي نظرة على أهم أحداث هذا العام.

 

 

قطار الانقلابات العسكرية:

 

حققت إفريقيا رقماً قياسياً جديد يضاف إلى سجل أرقامها القياسية حيث شهدت خلال العام 4 أنقلابات عسكرية، ففي أكتوبر 2021، سيطر الجيش السودأني بقيادة عبدالفتاح البرهأن، على الحكومة، في انقلاب عسكري أدى إلى تغيير مجريات ومقدرات الأوضاع في السودأن، الأمر الذي خلق حالة من الاحتقان في الداخل السودأني وخرجت مسيرات حاشدة مؤيدة للديمقراطية.

 

كما أثار هذا الانقلاب ردود الأفعال الدولية فقد تم فرض بعض العقوبات كتخفيض المساعدات، حيث طالبت القوى الدولية بعودة سريعة للحكم المدني.

 

لم تكتفِ قوات الامن بالانقلاب إنما شرعت في استخدام العنف والتحرش الجنسي، كما ظهرت ادعاءات بالاغتصاب، بهدف إبعاد النساء عن حضور المسيرات، خاصة أنهن يشكلن ركيزة أساسية للاحتجاجات المستمرة المطالبة بالديمقراطية.

 

ومن السودأن إلى غينيا ففي سبتمبر 2021، نفّذت القوات المسلحة الغينية انقلاباً أطاح بالرئيس ألفا كوندي الذي احتل سدة الحكم من (2010-2021)، ليحل محله زعيم الانقلاب مامادي دومبويا، قائد القوات الخاصة الغينية، والضابط السابق في فيلق اللفيف الأجنبي بالجيش الفرنسي.

 

ومن غينيا إلى مالي ففي مايو 2021، قام العسكريون الماليون بانقلابهم الثاني بقيادة الجنرال غويتا في غضون 10 أشهر. حيث قام العسكريون بانقلاب على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد ضد الرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا، الذي اتُهمت حكومته بالفساد والمحسوبية والفشل في معالجة الأزمة الأمنية المتفاقمة في البلاد.

 

كما نالت تشاد دوراً في ركوب قطار الانقلابات العسكرية، فقبل انقلاب مالي بأسابيع، استولى الجنرال محمد إدريس ديبي على السلطة في تشاد من خلال تعليق الدستور وحل البرلمأن بعد وفاة والده في ساحة المعركة.

 

 

حمى الحروب الأهلية:

 

أندلعت المعارك بالإقليم الشمالي في نوفمبر 2020، بين القوات الحكومية التابعة لرئيس الوزراء آبي أحمد، وقوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، أسفرت عن مقتل الآلاف، ونزوح 2.2 مليون شخص، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

 

واستمر القتال العنيف في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا، وامتدت المعارك إلى إقليمي الأمهرة والعفر المجاورين، واقتربت المعارك من العاصمة أديس أبابا، قبل أن يتراجع مقاتلو التيغراي إلى ما وراء حدود إقليمهم ولا يزال الصراع مستمراً إلى وقت كتابة هذا الحصاد.

 

 

نيران الإرهاب:

 

تعأني هذه القارة ويلات الإرهاب الذي اشتعلت نيرانه بشكل ضارٍ خلال العقد الماضي وخصوصاً بعد ثورات الربيع العربي وظهور تنظيمات جديدة مثل تنظيم الدولة (داعش)، فقد استمرت حوادث الإرهاب في حصد الأرواح في إفريقيا خلال عام 2021.

 

فكانت الصومال وموزمبيق ونيجيريا وأوغندا ومنطقة الساحل من أكثر المناطق اشتعالاً بنار الإرهاب الغادر، حيث تشهد تقارير شبه يومية عن تفجيرات انتحارية في الصومال نفذتها حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة في الصومال، والتي تقاتل منذ سنوات للإطاحة بالحكومة.

 

كما سجلت أوغندا، بين أكتوبر ونوفمبر، العديد من الهجمات بالقنابل، وتفجيرات انتحارية، نفذت من قِبَل القوات الديمقراطية المتحالفة، وهي جماعة متمردة أوغندية تنتمي إلى تنظيم الدولة (داعش) الإرهابي، ومقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة لأوغندا.

 

وفي موزمبيق، استمرت القوات الإقليمية من جنوب إفريقيا في مهمتها لتهدئة الأوضاع في شمال موزمبيق، بعد سيطرة عناصر داعش على منطقة بالما في مقاطعة “كابو ديلغادو.

 

 

سيادة القانون:

 

شهدت جنوب إفريقيا حدثاً غريباً من نوعه لكن يدل على قوة وسيادة القانون، فللمرة الأولى يتم اعتقال واحتجاز رئيس جنوب إفريقي سابق.

 

ففي يوليو، دخل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا جاكوب زوما سجن “إستكورت”، في مقاطعة كوازولو ناتال، لقضاء عقوبة بالسجن لمدة عام ونصف تقريباً، بتهمة ازدراء المحكمة حيث رفض المثول أمام لجنة قضائية تحقق في اتهامه بالفساد خلال فترة رئاسته، التي استمرت من 2009 حتى 2018.

 

لم يمر سجن الرئيس السابق زوما مرور الكرام، إنما أدى إلى احتجاجات عنيفة أودت بحياة أكثر من 300 شخص، وخسائر بمليارات الدولارات للشركات التي نهبها أو خربها مؤيدوه. لكن حصل زوما لاحقاً على إفراج طبي مشروط في 5 سبتمبر، بعد أن أمضى شهرين فقط في السجن.

 

لم يطل هذا الإفراج كثيراً، حيث أمرت محكمة في العاصمة بريتوريا بإعادته إلى السجن في ديسمبر، لأن الإفراج الطبي مُنح له بشكل غير قأنوني، لكن زوما قدم طلباً باستئناف القرار.

 

 

الفيروس الشائه ومتحوراته (أوميكرون):

 

بينما تصارع إفريقيا في تحمل وطأة وباء فيروس كورونا، وحصولها على حفنة من جرعات اللقاح التي بالكاد تكفي السكأن، أعلن علماء من جنوب إفريقيا، في نوفمبر، اكتشافهم متحوراً جديداً من فيروس كورونا يحمل اسم “أوميكرون”، ويتميز بعدد كبير من الطفرات مقارنة بالمتحورات السابقة.

 

ونتيجة لذلك، فرضت الدول الغربية حظر سفر على دول جنوب إفريقيا، ودول إفريقية أخرى، خوفاً من المتحور الجديد، ما أثار موجة من الغضب على مستوى القارة الإفريقية.

 

كما أصيب العديد من الرؤساء والوزراء الأفارقة بفيروس كورونا، مثل نتائج الرئيس الناميبي حاج جينجوب، والسيدة الأولى مونيكا جينجوس، اللذين أصيبا بالفيروس في مايو2021، في حين أصيب رئيس جنوب إفريقيا  سيريل رامافوزا بالفيروس في ديسمبر، كما أصيب العديد من الوزراء والسياسيين المعارضين في جنوب إفريقيا بالفيروس.

 

 

 

 



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية