إثيوبيا وأفغانستان الأبرز.. اشتعال الصراعات في عدة مناطق حول العالم في 2021
إثيوبيا وأفغانستان الأبرز.. اشتعال الصراعات في عدة مناطق حول العالم في 2021
شهد عام 2021 العديد من الصراعات والحروب والاشتباكات في مناطق عديدة حول العالم، فيما كانت مناطق أخرى على شفا الانزلاق في الحروب، قبل أن يلجأ أطرافها لصوت العقل، ليسجل عام 2021 نفسه كواحد من أسوأ الأعوام على صعيد الصراعات السياسية، والتي اتخذ بعضها أبعاداً عسكرية وإنسانية مؤلمة.
ففي إثيوبيا، اتخذ الصراع بين حكومة رئيس الوزراء آبى أحمد وقادة إقليم تيغراي أبعادا غير إنسانية وصلت إلى منع المساعدات الدولية وتجويع الملايين، وكان الحدث الأبرز هو استعادة حركة طالبان السيطرة على أفغانستان ودخولها كابول، وعلى صعيد الصراع بين القوتين العظميين أمريكا وروسيا تدفع ثمنه اليوم أوكرانيا وتايوان كميادين جديدة للمناوشات العسكرية بين الجانبين.
أفغانستان
يعتبر الحدث الأبرز في عام 2021، هو استعادة حركة طالبان السيطرة على أفغانستان، بعد انهيار الحكومة الأفغانية، إثر قرار الولايات المتحدة وحلفائها بالانسحاب من الأراضي الأفغانية.
وكان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أبرم صفقة مع طالبان تقضي بسحب جميع قوات بلاده بحلول 1 مايو 2021، لكن قبل أسبوعين من هذا الموعد النهائي، أمر الرئيس جو بايدن بإنهاء الانسحاب الكامل في موعد أقصاه 11 سبتمبر.
ومع استمرار انسحاب القوات الأمريكية، انهار الجيش الوطني الأفغاني واجتاحت طالبان البلاد، لتسقط في أيدي مقاتلي الحركة في 15 أغسطس، ما أدى إلى محاصرة آلاف الأجانب في العاصمة.
وأثارت عودة طالبان للحكم حالة من ردود الأفعال والجدل والمخاوف من حالة الفراغ والفوضى التي سادت البلاد، خاصة المشاهد المروعة التي ظهرت في مطار كابول واحتشاد الآلاف من المواطنين للهروب من الحركة التي جاءت مجددًا، وخروج النساء في مظاهرات احتجاجية خشية قمعهن ومنعهن من التعليم والعمل.
الصين وتايوان
يبدو أن سنوات من التراضي بين الصين وتايوان قد انتهت مع اصطدام الحلول السياسية بجدار الحديث عن الانفصال الكامل والحشد الدولي.
رسمياً، انتهت الحرب بين تايبيه وبكين، لكن العلاقة بين العاصمتين ظلّت بعيدة كل البعد عن ذلك، وفي 2021 بدت التوترات العسكرية بين تايوان والصين في أسوأ حالاتها منذ أكثر من 40 عاماً، إلى حد قول وزير الدفاع التايواني تشيو كو تشنغ في أكتوبر، إن الصين ستكون قادرة على شن غزو “واسع النطاق” بحلول عام 2025، في حين تعهدت الرئيسة تساي إنغ ون، خلال الاحتفالات بالعيد الوطني لتايوان، بمقاومة الضم من قبل الصين، وأعقب خطابها استعراض نادر لقدرات تايوان الدفاعية.
جاء خطاب تساي شديد اللهجة مع استمرار تصاعد التوترات عبر المضيق، وسط مخاوف متزايدة من توغل عسكري، وقبل يوم واحد فقط من تصريحات تساي، تحدث الرئيس الصيني شي جينبينغ، الذي يضغط منذ فترة طويلة على المجتمع الدولي لعدم الاعتراف بسيادة تايوان، في خطاب متلفز في بكين بأنه “يجب الوفاء بالمهمة التاريخية لإعادة التوحيد الكامل للوطن الأم”، وفي حديث آخر تعهد بـ”تحطيم” أي محاولة لاستقلال تايوان رسمياً، وتلا ذلك استعراض غير مسبوق للقوة، إذ قامت بكين بـ56 طلعة جوية في منطقة تحديد الدفاع الجوي التايوانية، ونشرت ما يقرب من 150 طائرة مقاتلة، مما أجبر الطائرات التايوانية على التدافع رداً على ذلك.
وأمام الإقرار بالتفوّق العسكري الصيني على تايوان، وتحذير قائد القوات الأميركية في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، الأدميرال فيليب ديفيدسون، من قدرة الصين على غزو تايوان في السنوات الـ6 مقبلة، بدأت معالم استراتيجية إدارة الرئيس جو بايدن تجاه الصين تتضح في الشهرين الماضيين، والتي وصلت إلى بإعلان بايدن صراحةً بأنّ الولايات المتحدة ستدافع عن تايوان عسكرياً إذا تعرّضت لهجوم.
روسيا وأوكرانيا
جذور الصراع بين روسيا وأوكرانيا عميقة، لكن أساسها هو أن موسكو لا تتقبل استقلالية كييف، ولطالما قاومت روسيا تحرك أوكرانيا نحو المؤسسات الأوروبية، ومطلبها الرئيسي هو عدم انضمامها إلى الناتو أو امتلاك بنية تحتية للناتو على أراضيها.
عندما عزل الأوكرانيون رئيسهم الموالي لروسيا في عام 2014، استولت روسيا على شبه جزيرة القرم الجنوبية ثم ضمتها من أوكرانيا واستولى الانفصاليون المدعومون من روسيا على مساحات شاسعة من الأراضي الشرقية لأوكرانيا، يستمر هذا الصراع في الشرق حتى يومنا هذا.
وفي 2021 أعلنت أوكرانيا أن روسيا أرسلت دبابات ومدفعية وقناصة إلى الجبهة في المناطق التي يسيطر عليها المتمردون، لكن ما تردد عن وجود 90 ألف جندي روسي على مقربة من الحدود الأوكرانية هو الأكثر إثارة للقلق.
وفعليا لا يوجد تهديد وشيك، ولم يعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أنه قرر الغزو، على العكس دعا المتحدث باسم الكرملين الجميع للتحلي بـ”الهدوء”، لكن أجهزة المخابرات الغربية وكذلك الأوكرانية تعتقد أن ذلك قد يحدث في وقت ما في أوائل عام 2022.
ويقول وزير الدفاع الأوكراني، أوليكسي ريزنيكوف: “الوقت الأكثر ترجيحًا للوصول إلى الاستعداد للتصعيد سيكون نهاية شهر يناير”، وتقول المخابرات الأمريكية إن ما يصل إلى 175 ألف جندي روسي يمكن أن يشاركوا في هذه التحركات في وقت مبكر من يناير.
ويعتقد مدير وكالة المخابرات المركزية، وليام بيرنز، أن بوتين “يضع الجيش الروسي وأجهزة الأمن الروسية في مكان يتيح لهم التصرف بطريقة شاملة للغاية”.
وقبل مكالمة فيديو استمرت ساعتين بين بوتين والرئيس الأمريكي جو بايدن في 7 ديسمبر طلب خمسة زعماء غربيين من موسكو “تهدئة التوترات”.
ومن جانبها وصفت روسيا في البداية صور الأقمار الصناعية التي تظهر حشود القوات في شبه جزيرة القرم وليس بعيدًا عن شرق أوكرانيا بأنها مثيرة للقلق، لكن بحلول أوائل ديسمبر، قال مساعد رئاسي: “لدينا الحق في نقل القوات على أراضينا”، نافيا أن يكون ذلك بمثابة تصعيد.
واتهمت موسكو أوكرانيا بنقل نصف جيشها، نحو 125 ألف شخص، إلى الشرق، وزعمت أن كييف كانت تخطط لمهاجمة المناطق التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا، وتقول أوكرانيا إن هذا ليس أقل من “هراء دعاية” للتغطية على خطط روسيا الخاصة.
إثيوبيا
تحول الصراع الذي بدأه رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا إلى معارك طاحنة وحرب واسعة قادت البلاد إلى حالة أشبه بالمجاعة مع بداية عام 2021 نددت بها دول العالم والمنظمات الدولية.
ودخلت إثيوبيا في حرب أهلية مريرة، بعدما أمر آبي أحمد الجيش الإثيوبي، بالقتال ومهاجمة جبهة تحرير تيغراي، نهاية عام 2020، ليصبح الصراع على أشده في 2021، وبعدما حققت القوات الفيدرالية انتصارًا على قوات الجبهة، تغيرت الأحداث.
وبعد استيلاء قوات آبي أحمد على ميكيلي، عاصمة تيغراي، استطاعت قوات جبهة تحرير تيغراي في يونيو 2021 السيطرة على المدينة، وأخذت تتقدم جنوبا نحو العاصمة الإثيوبية أديس أبابا وشرقا نحو جيبوتي، مهددة بقطع الطريق الذي يمد البلاد بـ95 % من وارداتها البحرية.
وأعلنت منظمات عديدة، نزوح نحو مليوني إثيوبي، وارتكاب جميع أطراف النزاع جرائم حرب، داعية إلى الوصول إلى حل لإنهاء القتال الذي دمر البلاد.