هويدا الحسن: المشكلات الاجتماعية سيطرت على دراما رمضان

في العصور القديمة كانت المجتمعات تلتف حول حلقات السمر، تُحكى القصص التراثية كسيرة أبي زيد الهلالي وغيرها، فتسهم في تشكيل وعي الشعوب وثقافتهم.

هذه الوسيلة استبدلت في العصر الحديث بالدراما، خاصة المواسم الرمضانية والتي تعد قوة ثقافية مؤثرة في المجتمع لانتشارها وتأثيرها في الجماهير العريضة بشكل غير مباشر.

وعلى مدار سنوات عديدة كانت المشكلات بين الرجل والمرأة أو العلاقات الزوجية محل اهتمام وتناول الدراما، ورمضان 2023 تم تقديم هذا الجانب من الحياة الأسرية بتنويعات مختلفة، كوميدية وجادة، وفي أطر معالجة عديدة، ولكن كيف عالجت الدراما هذا العام قضايا حقوق الإنسان، وهل ذلك ينعكس على المجتمع بشكل إيجابي أم سلبي وما أفضلها؟

هذا العام جرى تناول قضايا المرأة في مصر، عبر عدة حكايات، ومنها مسلسل "تحت الوصاية" الذي تدور أحداثه حول أرملة تعيل أسرتها الصغيرة من خلال عملها على مركب صيد تمتلكه، وتتصدى لسلسلة من المشكلات التي تواجهها في محيطها العملي والأسري، حيث تتعرض للمضايقات بحكم مهنتها التي تعتبر حكرًا على الرجال، بالإضافة لمسألة الوصاية على طفليها بعد وفاة زوجها، المسلسل من تأليف خالد دياب وشيرين دياب، وإخراج محمد شاكر خضير، وبطولة: منى زكي، دياب، وممثلون كثر آخرون.

ويأتي مسلسل "كامل العدد" الذي تدور أحداثه حول قصة حب "سلمى" وهي أم عزباء لـ4 أولاد، و"أحمد" الأب الأعزب لـ3 أولاد؛ يتزوجان، لكنهما سرعان ما يكتشفان أن الاهتمام بعائلة تضم تسعة أفراد أصعب بكثير مما يتوقعان.. المسلسل من تأليف يسر طاهر ورنا أبو الريش.

المشكلات الزوجية الأبرز

وقالت الناقدة والممثلة المصرية هويدا الحسن، إن هذا العام جاء حافلًا بعدد من المسلسلات التي تتناول مشكلات اجتماعية عدة، مثل المشكلات التي تنشأ بين الأزواج بعد فترة من الزواج كـ"الهرشة السابعة" و"مذكرات زوج" أو الصعوبات التي تعيشها أم عزباء لأربع أبناء بينهم اثنان مراهقان وإن قدمت في إطار كوميدي خفيف مثل مسلسل "كامل العدد"، ورفعت بعض المسلسلات شعار امرأة واحدة لا تكفي مثل "جعفر العمدة" و"علاقة مشروعة".

وهويدا فنانة مصرية ذات طابع فني عربي، كان آخر أعمالها مسلسل الميراث الذي استمر ثلاثة مواسم وحصد إنتاجه جائزة "برودكاست برو"، كأفضل إنتاج تلفزيوني في الشرق الأوسط لعام 2020.

تقول هويدا لـ"جسور بوست": “في رأيي، إلقاء الضوء على المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها كثير من الأزواج أمر إيجابي، خاصة إذا قدم في سياق درامي يتمتع ببعد إنساني يمس قطاعا كبيرا من المشاهدين ويتصف بالحيادية تجاه ما يعانيه كلا الجنسين دون تحيز لجنس على حساب الآخر، لتبدو كأنها مرآة تعكس ما بداخلنا وتضعه أمام أعيننا لعلنا نجد الحل للكثير من المشكلات الاجتماعية التي تعاني منها أغلب الأسر المصرية والعربية ربما لغياب أسس ومفاهيم ناضجة عن علاقة الزواج كونها شراكة بين اثنين الهدف منها الاستمرارية والنجاح وليس البعد والانفصال بكل ما قد يترتب عليهما من أضرار نفسية واجتماعية ومادية لكل أفراد الأسرة”.

فوضى المصطلحات

تحت عنوان" فوضى المصطلحات"، اختارته هويدا الحسن، وأكدت من خلاله أنه في السنوات الأخيرة أصبحت وسائل التواصل الاجتماعي مشاركة بشكل أو بآخر في العملية الإبداعية، سواء بما يطرح عليها من مشكلات اجتماعية أو ما يستجد من مصطلحات تصف العلاقات العاطفية والزوجية لتصبح "ترند" ويستخدمها كثيرون في غير مكانها الصحيح، لنجد هذا المصطلح يستخدم في غير محله سواء لوصف تصرف أو شخص ما، وهو ما أدركه صناع الدراما، فقدموا بوعي شخصيات تشبهنا جميعا تخطأ وتصيب، تسيء للطرف الآخر في العلاقة دون قصد للإساءة أو الضرر وإنما نتيجة للضغوط الحياتية المختلفة التي نقع جميعا تحت وطأتها، فيكون لزاما على الطرف المخطئ الاعتذار وواجب على الطرف الآخر التسامح وقبول الأعذار، في الهرشة السابعة ومذكرات زوج، أراد صناع العمل أن يقولوا أن الحياة الزوجية ليست وردية، وهي كذلك في واقع الأمر، ربما أجمل ما في تلك الأعمال أنها تجعلنا نعرف أننا لسنا الوحيدين الذين نعاني من تلك المشكلات ولكنها أمور متكررة داخل معظم البيوت، والمختلف فقط هو طريقة تعامل كل ثنائي مع تلك المشكلات وفقا لقوة الروابط بينهما، ونضجهما، فأي علاقة إنسانية تحتاج لمجهود كبير من أطرافها للحفاظ عليها واستمراريتها.

امرأة واحدة لا تكفي

لست ضد الدراما التي تقدم الرجل المزواج أو متعدد العلاقات فهذه نماذج موجودة في الحياة، ولست ممن يحكمون على الآخرين فلكل علاقة ظروفها الخاصة التي تخص أطرافها فقط، وأرى أنه ليس من صلاحية الناقد أو المتفرج أن يفرض السياق الذي تقدم فيه هذه النماذج، فما يهمنا كنقاد أو كمشاهدين هو جودة العمل واكتمال عناصره الفنية من سيناريو وحوار وإخراج وتصوير وأداء تمثيلي إلى آخره، فالرجل الذي يتزوج من أربع نساء مثل جعفر العمدة موجود في حياتنا وهناك العديد من النساء يدعون لتعدد الزوجات سواء استنادا على مرجعية دينية لدى البعض أو لقناعات أخرى متوارثة، وهناك الرجل المتزوج من امرأة جميلة يحبها وتتمتع بكل الصفات الجيدة لكنه يقع في حب امرأة أخرى مثل عمرو في مسلسل علاقة مشروعة، لذا لا تجب محاكمة مثل تلك الأعمال من تلك الزاوية ولكن الحكم عليها يكون فنيا كما سبق وذكرت. 

"كامل العدد" الأفضل

وفي تقييمها لدراما رمضان هذا العام، قالت هويدا الحسن: “بشكل شخصي أرى أن مسلسل كامل العدد هو الأفضل بين ما قُدم في النصف الأول من رمضان، فهو مسلسل مكتمل من حيث العناصر الفنية، سواء السيناريو الذي كتب بذكاء شديد نجحت فيه كل من رنا أبوالريش ويسر طاهر في رسم الشخصيات وقدم المخرج خالد الحلفاوي العمل ببساطة ودون "فذلكة”، فخرج في أفضل صورة ليكون هو بهجة النصف الأول من رمضان مع أداء تمثيلي هو الأفضل والأصدق والأبسط من وجهة نظري لكل النجوم والوجوه الجديدة والأطفال المشاركين بالعمل.