مسؤولة أممية: النقاش حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي "اجتماعي" وليس تقنياً
مسؤولة أممية: النقاش حول أخلاقيات الذكاء الاصطناعي "اجتماعي" وليس تقنياً
في الآونة الأخيرة، دعا أكثر من ألف محترف في قطاع التكنولوجيا إلى توقف لمدة ستة أشهر في تطوير الذكاء الاصطناعي، ما أدى إلى تأجيج النقاش حول أخلاقيات هذه التكنولوجيا التي تتخلل جميع مجالات الحياة الحديثة والتي، مع ذلك، لا تمثل الإنسانية ككل.
نشر الموقع الرسمي لأخبار الأمم المتحدة في نسخته الإسبانية، حوارا مع نائبة المديرة العامة لليونسكو للعلوم الاجتماعية والإنسانية، غابرييلا راموس، عن فوائد ومخاطر الذكاء الاصطناعي والحاجة إلى تنظيم العالم الرقمي وحوكمته.
وحول الموقف المطلوب، اعتبرت غابرييلا راموس أنه غير واقعي، وأوضحت أن الغرض من هذا الطلب يتزامن مع ما اقترحته اليونسكو لمدة عامين في توصيتها بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
وعرفت "راموس" الذكاء الاصطناعي بأنه هو القدرة التي تكتسبها أجهزة الكمبيوتر بناء على توفر بيانات التخزين والبيانات والنماذج الحسابية القوية للغاية لأداء أنشطة قريبة من الذكاء البشري، مشيرة إلى أنهم قادرون على إنتاج التحليل، والتعرف على أنماط السلوك، وتقديم التنبؤات والتوصيات.
وأضافت: "نحن نواجه تقنية، بالإضافة إلى ذلك، منتشرة على نطاق واسع وتؤثر على جميع مجالات حياتنا، إنه ليس قطاعا، إنه ليس أداة، إنها تقنية تتخلل جميع القطاعات، الاقتصاد بأكمله، المجتمع بأكمله، منتشر جدا جدا، في جميع أنحاء العالم".
ورأت "راموس" أن هذه التقنية تعد دعما أساسيا للأهداف في الشركات والحكومات، على سبيل المثال، بدون الذكاء الاصطناعي، لم نكن لنتمكن أبدا من صنع أربعة لقاحات كوفيد، لأنه مع قدرة أجهزة الكمبيوتر تمكنا من إجراء تحليل أسرع بكثير للفيروس وإجراء تحليلات كانت ستستغرق من البشر وقتا أطول".
وتؤكد: "الشيء نفسه كما هي الحال في فك تشفير الجينات، كان من الممكن أن يستغرق البشر سنوات وسنوات لإجراء تحليلات معينة، والسرعة التي تقدم بها هذه التكنولوجيا هذه التحليلات أمر بالغ الأهمية، وبعد ذلك، يساعدنا على إدارة الأنظمة".
وتضيف: "لدى المرء توقعات كبيرة بأنها يمكن أن تساعدنا في تغير المناخ، ويمكن أن تساعدنا في إدارة النظام الغذائي العالمي بشكل أفضل، ويمكنها مساعدتنا في إدارة استهلاك الطاقة بشكل أفضل أو التخطيط لقضية الكوارث الطبيعية".
وتتابع: "هناك مساهمات كثيرة يمكن أن تقدمها هذه التكنولوجيا، بالإضافة إلى كل شيء آخر جعل حياتنا أسهل.. يمكن للمرء بالفعل الوصول إلى الإنترنت والحصول على العديد من الإجابات والحصول على العديد من الدعم والعيش حياة أكثر راحة.. إنه لأمر مثير للإعجاب للغاية ما يمكن أن يقدموه لنا وما قدموه لنا والذي لم تتم رؤيته: إنهم -مطوري هذه التقنية- يحسنون ويعظمون الأنظمة المصرفية ويديرون أنظمة الطاقة".
وحول تحذير العديد من خبراء وعلماء حقوق الإنسان، واليونسكو نفسها، من المخاطر التي يشكلها الذكاء الاصطناعي تقول "راموس": "ما نقوله في اليونسكو هو أن هذا ليس نقاشاً تكنولوجياً، لأن الكثير من الناس يريدون أن يروا هذا نقاش تكنولوجي، وعلينا التركيز على التكنولوجيات، كما لو أن التكنولوجيات سقطت من السماء ولم تكن من صنعنا نحن البشر".
وأضافت: "السؤال الأساسي الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا في عالم غير متكافئ للغاية -وهو أحد موروثات النموذج الاقتصادي الذي اتبعناه، ولكن أيضا كوفيد، وما إلى ذلك- هو ما إذا كانت هذه التقنيات ستساعدنا في تقليل أوجه عدم المساواة هذه أو إذا كانت ستزيدها.. مع المعلومات التي لدينا حتى الآن، يبدو أنهم يزيدونها أو على الأقل لا يتم استخدامها لتقليل الفجوات لأن لدينا نصف سكان العالم إما غير متصلين بالإنترنت، أو متصلين بالإنترنت منخفض الجودة، أو ليس لديهم المهارات اللازمة لاستخدام التقنيات بطريقة أفضل".
وتابعت: "مع ذلك وجب بذل جهد هائل حتى لا تكون مناقشة للبلدان ذات المستوى الاجتماعي والاقتصادي المرتفع أو المتوسط، ولكن أن تكون مناقشة للجميع.. التقنيات لديها النموذج الاقتصادي الذي يتم تطويرها فيه، فهي مركزة للغاية".
وقالت المسؤولة الأممية: "يشير أحدث تقرير لجامعة ستانفورد إلى أن الولايات المتحدة والصين تطوران 80٪ من هذه التقنيات، وذلك يعنى الافتقار إلى التنوع والشمول في تطوير التقنيات يؤدي إلى نتائج تمييزية، فإنها تصل إلى السوق بمعدات ذكاء اصطناعي غير متنوعة، مع بعض التحيزات، مع طرق معينة لرؤية الحياة، مع قواعد بيانات غير تمثيلية".
وأوضحت: "إذا كان نصف العالم غير متصل، فإن البيانات ليست من الجميع، بل من مجموعات معينة يمكن تمثيلها ويمكن أن تكون الخوارزميات مبهمة ومنحازة.. هذا يمكن أن يسبب الضرر بالفعل".
وحول الإطار الأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي الذي وضعتها اليونسكو، قالت "راموس": "التوصية الرئيسية هي أن نتأكد من أن هذا ليس نقاشا تكنولوجيا بل هو نقاش اجتماعي، وأن نتأكد من أن التقنيات لها اتجاه واضح لدعمنا ومجتمعاتنا وبشرنا، لتحقيق نتائج شاملة وبناء مجتمعات عادلة وسلمية".
وتوضح: "تبدأ وصية اليونسكو بأن القضية الأخلاقية تشبه البوصلة حيث يخبرك الواجب الأخلاقي عندما تكون لديك نتائج ضارة، وعندما يكون هناك ضرر وعندما لا يكون هناك ضرر، ولكن التعريف الأكثر واقعية للتوصية هو أن التقنيات يجب أن تعزز وتحمي حقوق الإنسان والكرامة الإنسانية".
وأضافت: "دعونا نتوقف عن التفكير في أن هذه مجرد قضية تجارية، أو أن هذا يجب أن تحكمه قضايا سياسية، أو أنه يجب أن تحكمه اعتبارات أخرى، يجب أن تحكمه أهم القيم التي طورناها كبشر.. تجب ترجمة هذه القيم ببعض مبادئ الشفافية، لأن التقنيات مبهمة للغاية، بالنسبة لنا، من المهم محاولة تحقيق تلك الشفافية، تلك المساءلة، وهو أمر ليس بالأمر السهل لأنه في كثير من الأحيان تتكاثر التقنيات وليس لدى المطور أي فكرة".
وتتابع: "توصيتنا تقول نعم، بالتأكيد هناك صناديق سوداء وبالتأكيد هناك تعلم آلي، والآن أيضا للتكنولوجيا التوليدية، من الواضح أنها كلمات كبيرة، ولكن في النهاية يجب أن يكون هناك دائما إنسان مسؤول ولهذا السبب تقول توصيتنا لا لإعطاء شخصية قانونية للتطورات التكنولوجية".
وخلصت “راموس” إلى أنه "إذا كانت حقوقي الإنسانية قد تأثرت، فيجب أن أسعى إلى الإنصاف وإرساء سيادة القانون عبر الإنترنت.. تم تطوير توصيتنا من قبل مجموعة متعددة التخصصات، وفي النهاية تم اعتمادها من قبل 193 دولة.. يتعلق الأمر بإعادة صياغة النقاش وجعله نقاشا للنتائج في مجتمعاتنا وليس اعتبارات جيوسياسية أو تجارية أو غيرها".
وبسؤالها ما الذي يمكننا فعله، كمواطنين، لضمان احترام التوصيات؟ وهل يمكننا ممارسة أي ضغط أو يقظة لضمان احترام هذه المعايير واحترام التوصيات واحترام الخصوصية وحقوق الإنسان؟ قالت راموس: أود أن أطلب من الجميع الذهاب إلى المشرعين، في تلك البلدان التي ليس لديها قواعد واضحة أو قوية جدا، ومطالبتهم بتطوير تلك القواعد وتلك المؤسسات.. يجب على المواطنين أن يطالبوا بالحماية من حكوماتهم، فهذا أمر أساسي، لأنه السبيل الوحيد للحصول على هذه الثقافة".
وأضافت: "من ناحية أخرى، نظرا لأن المواطنين هم أيضا الذين يستخدمون هذه التقنيات، فمن المهم جدا أن يعرفوا ويبلغوا أنفسهم بما يدور حوله".
وأعلنت المسؤولة الأممية: "سنطلق مرصدا لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي، ستكون منصة مع معهد آلان تورينج وسنعمل مع طومسون رويترز لإعلام الصحفيين ومنحهم التدريب على توصية الأخلاقيات، لأنه يتعين علينا جعلها مهمة وعلينا اعتماد اللوائح والمؤسسات على المستوى الوطني، ولكن أيضا حتى يكون الأفراد أكثر وعيا ومعرفة ما يدور حوله، إن قبولك لملفات تعريف الارتباط أو عدم قبولك ملفات تعريف الارتباط أمر قديم حقا، ويجب تحديثه وعليهم تقديم جميع المعلومات للفرد".
وتابعت:" سيكون المرصد في غضون بضعة أشهر أخرى، شهرين أو ثلاثة، وهناك سيكون لديهم الكثير من التحليلات والمعلومات العملية للغاية حول ما يجب القيام به، وما لا يجب فعله وكيفية فهم هذه التطورات التكنولوجية، وكيفية إدراك ما يمكن أن يكون له تأثير سلبي".