الحوار الوطني بمصر.. انفراجة مرتقبة أم وسيلة للهروب من الأزمات؟

انطلق يوم 3 مايو

الحوار الوطني بمصر.. انفراجة مرتقبة أم وسيلة للهروب من الأزمات؟

على مدى أكثر من عام، تشهد مصر حراكا سياسيا منذ إعلان رئيس البلاد إطلاق حوار وطني بين التيارات السياسية وإعادة تشكيل لجنة للعفو عن السجناء.

وفي 3 مايو 2023، انطلقت فعاليات جلسات الحوار الوطني لصياغة حلول توافقية تعالج مختلف التحديات وتضع رؤى واضحة للوصول لنتائج إيجابية وفتح المجال لعرض جميع الرؤى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

ومن المقرر أن تعقد الجلسات النوعية للحوار الوطني على مدى 3 أيام أسبوعيا، لمناقشة كل القضايا المطروحة من قبل القوى والتيارات السياسية والاقتصادية ومنظمات المجتمع المدني بأشكالها كافة.

وفي إبريل 2022، كلف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي بإجراء حوار سياسي يتم تنظيمه تحت مظلة الأكاديمية الوطنية للتدريب (رسمية) بحيث يكون حوارا شاملا دون استثناء أو تمييز. 

وتزامنت الدعوة الرئاسية للحوار الوطني آنذاك بإطلاق سراح عشرات السجناء بقرارات قضائية وعفو رئاسي، أبرزهم المعارضون يحيى حسين ومجدي قرقر والناشط اليساري حسام مؤنس والصحفي محمد صلاح وغيرهم.

وعقب شهرين من هذا الإعلان، تشكل مجلس الأمناء للحوار الوطني ليضم 19 عضوًا من مختلف التيارات السياسية والتوجهات الفكرية، ليعبر عن مختلف الرؤى الوطنية والخبرات الفنية والمهنية.

واتفق أعضاء مجلس الأمناء برئاسة الصحفي والأكاديمي ضياء رشوان، على مناقشة ثلاثة محاور وهي السياسي والاقتصادي والمجتمعي، بحيث تتم مناقشة العديد من القضايا في كل محور منها.

وعلى الجانب الآخر، نظم الكثير من الأحزاب والقوى السياسية لقاءات وندوات وورش عمل، لطرح مقترحات في مختلف المحاور لمناقشتها خلال جلسات الحوار الوطني، والتي ستعقد على مدى 3 أيام أسبوعيا.

كما أبدت قوى سياسية ومنظمات أهلية ترحيبا واستجابة للمشاركة في الحوار الوطني، شريطة رفع هامش الحريات العامة وإطلاق سراح السجناء على خلفية قضايا سياسية.

وخلال السنوات الماضية، واجهت مصر انتقادات دولية جراء ادعاءات بتقييد مجال العمل العام وحبس معارضين سياسيين وخفض هامش الحريات الإعلامية، رغم تأكيد السلطات مرارا التزامها بالقانون والدستور.

فيما انصب اهتمام القيادة السياسية بمصر على المشروعات الاقتصادية الكبرى، وإنشاء شبكة واسعة من الطرق والكباري، وتأسيس جيل جديد من المدن المتطورة، مقابل تجنيب الحديث عن الإصلاحات السياسية وإطلاق الحريات العامة في البلاد. بحسب سياسيين.

الأكثر شمولية

من جانبه، قال عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب النائب عمرو درويش، إن الكثير من التكتلات الحزبية تكثف جهودها وتتحضر لمناقشات جادة عبر جلسات تشاورية واجتماعات موسعة.

وأوضح درويش لـ"جسور بوست" أن الرئيس عبدالفتاح السيسي دعا قبل نحو 3 سنوات إلى حوار وطني بهدف إجراء تعديلات دستورية وتحديد الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة الجديدة. 

وأضاف: "يمكننا القول إن الحوار الوطني الجديد في مصر، هو الأكثر شمولية من الحوار الذي انطلق في 2019، حيث تمت مشاركة جميع الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل المهتمين بالعمل العام في البلاد".

وتابع: "جلسات الحوار الوطني ستركز على كل الشواغل المجتمعية، إلى جانب الاهتمام المكثف باستعادة الهوية وبناء الإنسان، خاصة مع وجود هجمات ومحاولات مستمرة في تغيير الثقافة والمكون الاجتماعي للمجتمع المصري".

ومضى قائلا: "هناك العديد من السلوكيات غير مألوفة، والتي يحاولون إقحامها على المجتمع المصري، ما يجعل هناك خطورة متعلقة بالموروث الثقافي والحضاري في البلاد".

شفافية وشمول

بدوره، أكد عضو مجلس النواب النائب أحمد عاشور، أن الحوار الوطني يعتبر وسيلة مهمة لتحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي في البلاد، وتحديد الأولويات الاقتصادية والاجتماعية للحكومة المصرية.

وأوضح عاشور لـ"جسور بوست" أن جلسات الحوار الوطني ستشمل عددا هائلا من المشاركين في الأحزاب السياسية والمجتمع المدني والمؤسسات الدينية والاقتصادية بمصر.

وتابع: "جمع كل الأطراف السياسية على طاولة واحدة للنقاش في التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه البلاد، أمر حتمي في هذا اللحظة الحاسمة من عمر الوطن".

كما أكد أن الحوار الوطني سيتسم بالشفافية التامة والشمول لجميع الفئات السياسية في البلاد دون قيود أو استثناءات، حتى يتم تحقيق الهدف الرئيسي منه الذي هو تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي ودعم التنمية الاقتصادية في مصر. 

وقال عاشور إن "الحوار الوطني يساعد في تحسين الوضع الاقتصادي في مصر، حيث يتضمن مناقشات حول القضايا الاقتصادية المهمة وتحديد الأولويات الاقتصادية للحكومة".

وأضاف: "كما يساعد أيضا في تحديد الإجراءات والسياسات الاقتصادية التي يجب اتخاذها لتعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الوضع المالي للبلاد".

فيما شدد على أهمية وضرورة توفير المنصات اللازمة لتداول الأفكار والآراء، والتي من شأنها تحقيق التوافق بين الأطراف المختلفة في البلاد حول السياسات الاقتصادية.

ومضى قائلا: "نجاح الحوار الوطني سيساعد في توجيه الاستثمارات والمشاريع الجديدة إلى المناطق التي تحتاج إليها بشكل أكبر، وتحديد الصناعات الحيوية التي يجب التركيز عليها في المستقبل، ما يسهم في دفع عجلة التنمية الاقتصادية وتحسين الأوضاع المعيشية".

وأشار عاشور إلى أن الحوار البنّاء هو الهدف من الحوار الوطني، من أجل الوصول للتكامل خاصة في القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تعد أولوية لدى المواطنين البسطاء، والذين ينتظرون أن تنعكس نتائج جلسات الحوار على حياتهم اليومية.

استثناءات وقيود

وأعلن القائمون على تنظيم الحوار الوطني بمصر، استبعاد أعضاء جماعة الإخوان وكل الذين ثبت تورطهم في ارتكاب أو المشاركة أو التحريض أو التهديد بأعمال العنف.

ومنذ أواخر عام 2013، تصنف مصر "الإخوان" جماعة إرهابية محظورة، ويقبع معظم كوادرها وقياداتها العليا والوسطى في السجون على ذمة أحكام أولية ونهائية مرتبطة بـ"الإرهاب والتحريض وارتكاب أعمال عنف".

ويترقب مراقبون وسياسيون بمصر قرار الإفراج عن نشطاء محتجزين، فيما تطالب قوى سياسية بالإفراج عن النشطاء البارزين علاء عبدالفتاح وأحمد دومة ومحمد الباقر وآخرين.

فيما يشكك آخرون، استطلعت آراءهم "جسور بوست" في جدوى الحوار الوطني ووجود إرادة سياسية لإجراء إصلاحات سياسية تستهدف فتح مجال العمل العام. 

وتواجه الدولة المصرية عدة تحديات، ومن ثم يخلق الحوار مجالًا لجميع القوى الوطنية المختلفة لإيجاد مساحة رأي مشتركة تكون نقطة انطلاق لمناقشة شتى القضايا النوعية على الساحة الوطنية، فضلًا عن تعزيز دور الأحزاب السياسية وغيرها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية