9 قتلى في فيضانات بشمال إيطاليا وإلغاء سباق "فورمولا واحد"

9 قتلى في فيضانات بشمال إيطاليا وإلغاء سباق "فورمولا واحد"

لقي تسعة أشخاص على الأقل مصرعهم في منطقة إيميليا رومانيا بشمال إيطاليا حيث تسببت الأمطار الغزيرة في فيضانات غمرت أحياء وأراض زراعية بأكملها، الأربعاء، ما أدى أيضا إلى إلغاء سباق فورمولا واحد على حلبة إيمولا الذي كان مقررا نهاية الأسبوع.

وتسببت الأمطار الغزيرة التي انهمرت على السهول في المنطقة على مدار يومين في فيضان نحو عشرين نهرا، ما أدى إلى غمر مساحات شاسعة من الأراضي بالمياه وإجلاء الآلاف من السكان، وفق وكالة فرانس برس.

وقال دافيد مالدولا، وهو أحد سكان منطقة تشيسينا: "شاهدنا من نافذة المنزل في الطابق الثاني المياه ترتفع تدريجيا" حتى غمرته بعد أن وصلت إلى ارتفاع متر ونصف المتر، ما أدى إلى غرق المنزل.

وحلقت المروحيات طوال الليل بحثا عن ناجين لإنقاذهم.

وفي مدينة فورلي المجاورة، جنوب شرق العاصمة الإقليمية بولونيا، قال رئيس البلدية جيان لوكا زاتيني إن مدينته "جاثية على ركبتيها، ومدمّرة وتتألم".

وأضاف زاتيني: "إنها نهاية العالم".

وأكدت السلطات الإقليمية مقتل تسعة أشخاص، معظمهم في منطقتي فورلي وتشيسينا.

وتأثرت آلاف المزارع في المنطقة الزراعية الخصبة، لكنّ وزير الزراعة فرانشيسكو لولوبريجيدا قال إنّ المياه يجب أن تنحسر قبل أن تتمكن الحكومة من تحديد الأضرار.

وانتشل الغواصون جثتين في فورلي صباح الأربعاء، في إطار جهود إنقاذ ضخمة شاركت فيها أجهزة الطوارئ والقوات المسلحة وأكثر من ألف متطوع.

وأظهرت لقطات فيديو عمال إغاثة وهم يحملون سكّاناً في الطرقات التي غمرتها المياه أو على متن قوارب مطاطية، بينما اندفعت السيول عبر أروقة بولونيا التي تصنفها اليونسكو من التراث الإنساني.

وفي مقاطع مصورة أخرى لخفر السواحل الإيطالي، ظهر عمال إنقاذ في مروحية وهم يسحبون شخصين مسنّين من على سطح منزل كان منسوب المياه فيه يغطي نوافذ الطابق الأول تقريبا.

وفي المناطق التي انحسرت فيها المياه، امتلأت الشوارع بالطين الكثيف والحطام.

وقبل أسبوعين فقط تعرضت منطقة إيميليا رومانيا، إحدى أكثر المناطق الغنية في إيطاليا، لأمطار غزيرة ما تسبب بفيضانات أودت بشخصين.

وقال وزير الحماية المدنية نيلو موسوميتشي إن نحو 50 سنتيمترا من الأمطار انهمرت في غضون 36 ساعة في فورلي وتشيسينا ورافينا، أي نحو نصف معدل هطول الأمطار السنوي المعتاد، وهو وضع "له سوابق قليلة".

وأضاف أنه سوف يتم الإفراج عن 20 مليون يورو من المساعدات الطارئة، لتزاد إلى 10 ملايين تم الحصول عليها كهبة منذ الفيضان الماضي.

تسببت الفيضانات في إلغاء سباق الفورمولا 1 إيميليا رومانيا الكبير الأحد المقرر في إيمولا، حيث قال المنظمون إنهم لا يستطيعون ضمان سلامة المشجعين والفرق والموظفين.

وعمل المسعفون طوال الليل لإنقاذ الأطفال وكبار السن وأصحاب الاحتياجات الخاصة من المياه التي كانت ترتفع.

وفي تشيسينا كان كريستيان سالاماندري مغطى بالوحول في نهاية اليوم.

وقال سالاماندري: "لقد جئنا لنقدم المساعدة ولمحاولة إنقاذ الناس والحيوانات"، مضيفا: "الوضع لا يزال قاسيا ومأساويا، نتمنى أن يتحسّن".

وتم إجلاء قرابة 10 آلاف شخص من منازلهم، وفق السلطات، بينهم 3 آلاف في بولونيا و5 آلاف في رافينا، فيما لا يزال نحو 5 آلاف شخص محرومين من الكهرباء.

وانقطعت الكهرباء عن نحو 50 ألف شخص، في فورلي حيث رأى مصور وكالة فرانس برس الناس في حالة صدمة أثناء فرارهم ليل الثلاثاء عبر مياه الفيضانات في الظلام وهم حفاة.

وفي مكان آخر، سبح سكان محليون في أحد طرق تشيسينا لإنقاذ طفل يبلغ ثلاث سنوات، بينما شوهد رجل يصارع المياه وهو يحمل قطته.

وجاءت الأمطار الغزيرة في أعقاب جفاف تأثرت به مناطق واسعة في شمال إيطاليا الشتاء الماضي، إضافة إلى شحّ قياسي للأمطار الصيف الماضي أتى على المحاصيل الزراعية.

وقال خبير الأرصاد الجوية في القوات الجوية باولو كابيتزي: "علينا التعوّد على ذلك في المستقبل لأنه لسوء الحظ في السنوات الأخيرة كثيرا ما تنهمر هذه الأمطار الغزيرة".

وقال إنه لا يمكن إلقاء اللوم مباشرة على ظاهرة الاحتباس الحراري، لكنّ "التكرار المتزايد باستمرار لهذه الظاهرة يمكن أن يكون بوضوح نتيجة للتغيّر المناخي المستمرّ".

وغرّدت رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني أثناء توجّهها للمشاركة في قمة مجموعة السبع في اليابان، لتأكيد دعمها للمتضررين، وقالت إن الحكومة "على استعداد للاستجابة بالمساعدات الضرورية".

ومن المتوقع أن تهدأ الأمطار الخميس في المنطقة التي غمرتها الفيضانات.

التغيرات المناخية

شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

تحذير أممي

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية