مسؤولة في منظمة الهجرة الدولية: الوضع يزداد خطورة في البحر المتوسط
مسؤولة في منظمة الهجرة الدولية: الوضع يزداد خطورة في البحر المتوسط
"الوضع يزداد سوءا".. هكذا وصفت محللة البيانات في مشروع المهاجرين المفقودين التابع للمنظمة الدولية للهجرة، ميرنا عبدالعظيم واقع ارتفاع أرقام الضحايا بين المهاجرين الذين يسلكون طرقا خطرة وعلى رأسها البحر الأبيض المتوسط، بحثا عن الأمان وهربا من الأزمات والصراعات والتهديدات المختلفة.
وكان آخر الحوادث غرق قارب قبالة سواحل اليونان، كان يحمل على متنه أكثر من 400 شخص حسب تقديرات وشهادات عدة، وتم استخراج 81 جثة وإنقاذ 104، بينما يظل المئات في عداد المفقودين.
وقالت "عبدالعظيم" في حوار مع أخبار الأمم المتحدة إن حادث اليونان أظهر أن "الوضع يزداد خطورة في البحر المتوسط"، مجددة مناشدتها منظمة الدولية للهجرة تعزيز عمليات البحث والإنقاذ وتوفير مسارات آمنة للهجرة.
وأشارت إلى أن حادث غرق مهاجرين أمام سواحل كالاماتا في اليونان الحادث الأكثر دموية منذ عام 2015 في البحر الأبيض المتوسط، لافتة إلى أن مشروع المهاجرين المفقودين ظل يدق ناقوس الخطر منذ سنوات، ولكن يبدو أن الوضع يزداد خطورة في البحر، ولذلك وجهنا نفس المناشدة حول عمليات البحث والإنقاذ ومسارات الهجرة، لأن هذا الحادث وحده كلف أكثر من 500 شخص حياتهم حسب التقديرات الحالية، وللأسف أغلبهم مفقودون كما حال الأشخاص الذين سجلناهم على طول طرق الهجرة عالميا في قاعدة بياناتنا، والغالبية العظمى، كما هو حال ركاب هذا القارب، لم يتم التعرف على هوياتهم، وتعاني أسرهم كثيرا من أجل الإجابة عن سؤال واحد: هل هم ما زالوا أحياءً أم أنهم أموات، وأين رفاتهم؟ فالوضع ليس متكررا فحسب، ولكنني أرى أنه يزداد سوءا حسب البيانات الأخيرة.
وأوضحت ميرنا عبدالعظيم أنه إذا قارنا البيانات التي تقيس معدلات الخطورة على طرق الهجرة، ومن ضمنها حالات الوفاة، نرى أيضا أن هناك ازديادا في التنقل أو في الحاجة إلى التنقل بسبب عوامل مختلفة سواء في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو الدول المجاورة التي تعاني من عدم استقرار أو من بعض الأزمات، إلى جانب تغير المناخ الذي يعد عاملا رئيسيا في المنطقة، كما تشير البيانات في هذه المنطقة من العالم.. ونرى أنه مع ازدياد حاجة الناس إلى التنقل، فليست هناك مسارات هجرة آمنة ونظامية كافية.. وبالتالي، يلجأ أولئك الأشخاص والذين يعيشون أوضاعا صعبة، إلى الطرق الخطيرة وغير النظامية.. ولهذا، نرى هذه الأرقام التي تعتبر الحد الأدنى من حالات الوفاة التي يتعرض لها الأشخاص على تلك الطرق.
وتابعت: الدليل الأكبر على هذا أنه في عام 2022، سجلنا أعلى معدل وفيات على طول طرق الهجرة عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ومنها إلى أوروبا ومناطق أخرى، حيث سجلنا أكثر من 3,700 حالة وفاة، وهو الرقم الأعلى منذ عام 2017، وهذا يشمل رحلات الموت من سواحل البحر المتوسط في شمال إفريقيا.. ويشير هذا إلى أن الوضع يتفاقم في المنطقة من خلال ارتفاع عدد الوفيات وعدم وجود الاستجابات المناسبة من خلال سياسات الهجرة، أو أن تكون هناك استجابة استباقية.
وأردفت أنه في العام الماضي سجلنا معظم الوفيات في البحر المتوسط، أكثر من 2,400 حالة وفاة، ولكن سجلنا أيضا حالات وفاة كثيرة على الطرق البرية في شمال إفريقيا وخاصة في معبر الصحراء الكبرى، وهو معبر خطير أيضا لأن معظم حالات الوفاة التي تحدث في هذا الطريق النائي والخطير والصعب، لا يتم أبدا الحصول على رفاتهم أو معرفة ما حدث لهم.. ولهذا، لا بد من إيلاء أهمية كبيرة للبحث والإنقاذ سواء في البحر أو في الصحراء.. إضافة إلى ذلك، سجلنا رقما قياسيا على الطرق البرية في الشرق الأوسط، أكثر من 790 حالة وفاة كانت أغلبها في اليمن، وكان السبب الرئيسي لحالات الوفاة على الطرق البرية في الشرق الأوسط هو العنف بمعدل 96 في المئة.
وقالت إن هناك 3 جوانب للحلول في هذا الشأن: الجانب الأول، هو الحد من خسارة الأرواح أو الوقاية.. لابد أن يكون هناك حلول قصيرة الأمد نبحث فيها عن إيلاء الأهمية لعملية البحث والإنقاذ الاستباقية في البحر وفي الصحراء، وأن يكون هناك آلية تنسيق بين الدول المختلفة في هذا الملف، وأن تكون دائما الأولوية للأشخاص الذين هم في خطر وهذا طبقا لقانون البحر الدولي.
وأوضحت أن الجانب الثاني للحل هو التعرف على الهويات والحق في تحديد الهويات.. لا بد أن تتوافر للدول الإمكانيات اللازمة كي تستطيع التعرف على الهويات من خلال التعاون الدولي والإقليمي وأن يقوموا مثلا بجمع عينات الحمض النووي (الدي إن إيه).. لا بد أن يتم التعرف على رفات المهاجرين قبل أن يتم دفنهم وأن يتم دفنهم بكرامة حتى تستطيع أسرهم التعرف عليهم.
أما الشق الثالث للحل والذي نوليه أهمية كبيرة، وهو أسر المفقودين.. فخسارة الأرواح تترك أثرا بالغا لا يستطيع أحد أن يتخيله على عائلات وبيوت وقرى ومجتمعات كاملة سواء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أو المناطق المجاورة لها، لأنه هنالك تأثيرات اقتصادية واجتماعية ونفسية جمة لا تنتهي، لأن تلك الخسارة لا توجد حتى إجابة لها، إذن لا بد من التنسيق مع الأسر وأن يتوافر الحق في اللجوء للعدالة وحماية شهود العيان.
واختتمت قائلة إن هناك ممارسات جيدة بالفعل في مناطق مختلفة.. رأينا في النيجر مثلا -وهي دولة مصدر وعبور- أنهم يهتمون بعمليات البحث والإنقاذ في الصحراء، وهذا مهم للحيلولة دون خسارة الأرواح في المقام الأول.. هناك مبادرات أخرى سواء من المنظمة الدولية للهجرة أو منظمات أممية أو دولية أخرى وعلى رأسها اللجنة الدولية للصليب الأحمر والتي لديها بالفعل برنامج تتبع المفقودين مع الأسر.. لا بد أن يكون التعاون في هذه القضية عابرا للحدود لأن هذه قضية عابرة للحدود.