تقرير أممي: منطقة "الكاريبي" تسجل أعلى ارتفاع للحرارة خلال 30 عاماً
تقرير أممي: منطقة "الكاريبي" تسجل أعلى ارتفاع للحرارة خلال 30 عاماً
أدت تبعات تغير المناخ لحدوث أضرار متزايدة في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، حيث تسبب فيضانات الأنهار والانهيارات الأرضية والجفاف وحرائق الغابات مئات الوفيات، وتؤثر في إنتاج الغذاء، وتدمر البنية التحتية وتجبر السكان على الانتقال في المنطقة، دفع وكالة الأرصاد الجوية التابعة للأمم المتحدة للدعوة إلى تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة.
ووفقا لبيان المنظمة الدولية للأرصاد الجوية، مع تسارع الاحترار طويل الأجل وارتفاع مستوى سطح البحر، تزداد حدة الظواهر الجوية المتطرفة والصدمات المناخية في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي من حيث التواتر والشدة.
وأظهر تقرير إقليمي جديد صادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية (WMO) أنه على مدى السنوات الـ30 الماضية، ارتفعت درجات الحرارة بمعدل 0.2 درجة مئوية لكل عقد، وهو أعلى معدل مسجل.
وتسلط الدراسة الضوء على الحلقة المفرغة للآثار المتزايدة على البلدان والمجتمعات المحلية، مستشهدة على سبيل المثال بأن الجفاف المطول أدى إلى انخفاض إنتاج الطاقة الكهرمائية في مناطق واسعة من أمريكا الجنوبية، ما أدى بدوره إلى زيادة حادة في الطلب على الوقود الأحفوري في منطقة ذات إمكانات كبيرة غير مستغلة للطاقة المتجددة.
وأدت الحرارة الشديدة جنبا إلى جنب مع التربة الجافة إلى حرائق غابات غير مسبوقة في منتصف صيف 2022، ما تسبب في وصول انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى أعلى مستوياتها منذ 20 عاما وبالتالي جعل درجات الحرارة أعلى.
وتحذر المنظمة العالمية للأرصاد الجوية أيضا من أن ذوبان الأنهار الجليدية قد ساء، ما يهدد النظم الإيكولوجية والأمن المائي المستقبلي لملايين الأشخاص.
وفي صيف عام 2022، كان هناك فقدان شبه كامل للغطاء الثلجي في الأنهار الجليدية في جبال الأنديز الوسطى، بحيث امتصت الطبقات الثلجية و الأنهار الجليدية المظلمة المزيد من الإشعاع الشمسي، ما أدى بدوره إلى تسريع الذوبان.
وفيات بملايين الدولارات وخسائر اقتصادية
وحذّر الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بيتيري تالاس:" تسببت الأعاصير المدارية والأمطار الغزيرة والفيضانات، فضلا عن الجفاف الشديد متعدد السنوات، في خسائر بمليارات الدولارات في الأرواح وأضرار اقتصادية طوال عام 2022، حيث إن ارتفاع منسوب مياه البحر وارتفاع درجة حرارة المحيطات يشكلان مخاطر متزايدة على سبل العيش والنظم الإيكولوجية والاقتصادات في المناطق الساحلية".
وأوضح "تالاس" أن العديد من الأحداث المتطرفة تأثرت بحلقة النينيا طويلة الأمد، على الرغم من أنه أوضح أنها أيضا سمة من سمات تغير المناخ بسبب النشاط البشري.
وقال رئيس الوكالة إن حلقة جديدة من ظاهرة "النينيو" سترفع درجات الحرارة وتجلب المزيد من الظواهر الجوية المتطرفة وقال إنه لهذا السبب ستكون مبادرة الإنذارات المبكرة للجميع ضرورية لحماية الأرواح وسبل العيش.
إمكانات الطاقة المتجددة
وبالنسبة للمنظمة (WMO)، فإن القطاعات ذات الأولوية في التكيف مع تغير المناخ والتخفيف من آثاره في أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي الزراعة والأمن الغذائي، فضلا عن الطاقة.
ويسلط التقرير الضوء على آثار الجفاف المستمر في المنطقة على الإنتاج الزراعي والإمكانات غير المستغلة للطاقة المتجددة، وخاصة موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
وتمتلك أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي حصة عالية من مصادر الطاقة المتجددة الحديثة في إجمالي الاستهلاك النهائي للطاقة، ويرجع ذلك أساسا إلى الطاقة الكهرومائية، ومع ذلك، هناك أيضا إمكانية الاستفادة من موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في المنطقة، والتي كانت تمثل حتى عام 2020 16% فقط من إجمالي توليد الطاقة المتجددة.
إنتاج الغذاء
وأشارت وكالة الأمم المتحدة إلى أن المنطقة تلعب دورا أساسيا في إنتاج الغذاء وتوفير خدمات النظام البيئي التي تفيد الكوكب بأسره.
كما تشدد الوكالة على أن المنطقة معرضة بشدة لمخاطر المناخ حيث يعيش نحو ثلاثة أرباع السكان في مستوطنات حضرية غير رسمية ونحو 8% من السكان يعانون من نقص التغذية.
وفي هذا الصدد، شددت المنظمة العالمية للأرصاد الجوية على أهمية المرافق الوطنية للأرصاد الجوية والهيدرولوجيا والمراكز الإقليمية للمناخ في دعم التكيف مع آثار الاحترار العالمي والتخفيف من آثاره.
التغيرات المناخية
شهدت الأرض مؤخرا مجموعة من الظواهر المناخية الشديدة، مثل الفيضانات وموجات الحر والجفاف الشديد وارتفاع نسبة التصحر، والأعاصير، وحرائق الغابات، كل هذا بسبب ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية بنحو 1.1 درجة مئوية منذ بداية عصر الصناعة، ويتوقع أن تستمر درجات الحرارة في الارتفاع ما لم تعمل الحكومات على مستوى العالم من أجل خفض شديد للانبعاثات.
وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض وكذلك على الحياة البرية.
وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.
تحذير أممي
وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء الفيضانات والجفاف الشديد والعواصف وحرائق الغابات"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".
ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.
ووفقا لبيانات مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث، فإن عدد الكوارث قد تضاعف تقريبًا منذ عام 2000، بينما تضاعفت الخسائر الاقتصادية الناتجة بمعدل ثلاثة أضعاف، ويرجع ذلك أساسًا إلى تغير المناخ، وإذا لم يتم اتخاذ أي إجراء لخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، فقد تكون هناك زيادة بنسبة 40% في عدد الكوارث بحلول عام 2030.