النيجر.. عسكريون يعلنون الإطاحة بنظام الرئيس بازوم وإغلاق الحدود
النيجر.. عسكريون يعلنون الإطاحة بنظام الرئيس بازوم وإغلاق الحدود
وسط تنديد إفريقي ودولي، أعلن عسكريون مساء الأربعاء، عبر بيان تلاه أحدهم عبر التلفزيون الوطني في نيامي، أنهم أطاحوا بنظام الرئيس النيجري محمد بازوم.
وفي البيان، الذي تلاه العسكريون باسم "المجلس الوطني لحماية الوطن"، قال الكولونيل ميجور أمادو عبدالرحمن، والذي ظهر محاطا بتسعة جنود آخرين يرتدون الزي الرسمي: "نحن، قوات الدفاع والأمن، المجتمعين في المجلس الوطني لحماية الوطن، قررنا وضع حد للنظام الذي تعرفونه".
وأضاف الكولونيل عبدالرحمن: "يأتي ذلك على إثر استمرار تدهور الوضع الأمني وسوء الإدارة الاقتصادية والاجتماعية"، وفق وكالة فرانس برس.
وأكد "تمسك" المجلس بـ"احترام كل الالتزامات التي تعهدتها النيجر"، مطمئنا أيضا "المجتمع الوطني والدولي في ما يتعلق باحترام السلامة الجسدية والمعنوية للسلطات المخلوعة وفقا لمبادئ حقوق الإنسان".
وأشار بيان العسكريين الانقلابيين أيضا إلى "تعليق كل المؤسسات المنبثقة من الجمهورية السابعة، وسيكون الأمناء العامون للوزارات مسؤولين عن تصريف الأعمال، قوات الدفاع والأمن تُدير الوضع، ويُطلَب من جميع الشركاء الخارجيين عدم التدخل".
إضافة إلى ذلك، "يتم إغلاق الحدود البرية والجوية حتى استقرار الوضع" و"يُفرَض حظر تجول بدءا من هذا اليوم، من الساعة 22:00 حتى الساعة 05:00 (21:00 إلى 04:00 بتوقيت غرينتش) على كامل التراب حتى إشعار آخر"، حسب ما جاء في البيان.
رئيس الحكومة يرفض الانقلاب
من جهته، قال وزير الخارجية ورئيس الحكومة بالوكالة حسومي مسعودو "نحن السلطات الشرعية والقانونية".
وأضاف أن "السلطة القانونية والشرعية هي التي يمارسها رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم" الذي يحتجزه حالياً عسكريون انقلابيون في مقرّ الرئاسة في نيامي، قائلا إنّ بازوم "بصحّة جيدة".
وتابع مسعودو الموجود في نيامي، "كانت هناك محاولة انقلاب"، ولكن "لم يشارك كل الجيش في هذا الانقلاب".
وقال: "نطلب من هؤلاء الضباط المنشقين وقف تحركهم، يمكن تحقيق كل شيء من خلال الحوار، لكنّ مؤسسات الجمهورية يجب أن تعمل".
وأضاف: "أينما كان في النيجر، يجب أن يكون النظام الجمهوري والنظام الديمقراطي، قادرَين على العمل، نحن نناشد جميع الوطنيين والديمقراطيين في النيجر أن يقفوا معاً ليقولوا لا لهذا العمل التفريقي الذي يسعى إلى إعادتنا 10 سنوات إلى الوراء وعرقلة تقدم بلادنا".
في وقت سابق الأربعاء، فرق عناصر الحرس الرئاسي متظاهرين مؤيدين لبازوم حاولوا الاقتراب من المقر الرئاسي حيث يُحتجَز في نيامي، عبر إطلاق عيارات نارية تحذيرية.
إدانات إفريقية ودولية
وندد الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس) "محاولة الانقلاب"، وهو وصف للأحداث الجارية أكده مصدر قريب من بازوم.
كذلك، أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس "أي محاولة لتولي الحكم بالقوة"، داعيا إلى احترام الدستور النيجري.
ومساء، أعلن المتحدث باسم الأمين العام أن غوتيريس "تحدث" مع بازوم وأعرب له عن "دعمه الكامل وتضامنه".
من جهتها، طالبت الولايات المتحدة الأربعاء بإطلاق سراح رئيس النيجر، وقال مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان في بيان "ندين بشدة أي محاولة لاعتقال أو لإعاقة عمل الحكومة المنتخبة ديمقراطيا في النيجر والتي يديرها الرئيس بازوم".
كما صدرت إدانات عن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للنيجر، والجزائر المجاورة.
وأعلن البنك الدولي أنه "يدين بشدة أي محاولة للاستيلاء على السلطة بالقوة" أو "زعزعة استقرار" النيجر.
في الأثناء، توجه رئيس بنين باتريس تالون إلى النيجر لتأدية وساطة، وفق ما أعلن رئيس نيجيريا بولا أحمد تينوبو الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لـ"إيكواس".
ونددت الأحزاب المنضوية في الاتئلاف الحاكم بـ"جنون انتحاري ومناهض للجمهورية"، مؤكدة أن "بعضا من عناصر الحرس الرئاسي احتجزوا رئيس الجمهورية وعائلته ووزير الداخلية" حمدو أدامو سولي.
انتُخب بازوم الذي يُعد من بين القادة الموالين للغرب الذين يتضاءل عددهم في منطقة الساحل، عام 2021 على رأس الدولة الغارقة في الفقر والتي تعاني عدم استقرار.
وكان عناصر الحرس الرئاسي قد أغلقوا صباح الأربعاء كل مداخل مقر إقامة الرئيس ومكاتبه، وبعد انهيار المحادثات "رفضوا الإفراج عن الرئيس"، وفق مصدر في الرئاسة.
وأضاف المصدر طالبا عدم كشف هويته أن "الجيش منحهم مهلة".
وقالت الرئاسة في رسالة عبر تويتر الذي تغير اسمه إلى "إكس"، "انتابت لحظة غضب عناصر من الحرس الرئاسي.. وحاولوا بلا نجاح كسب دعم القوات المسلحة الوطنية والحرس الوطني".
وأُغلِقَت كل الطرق المؤدية إلى المجمع الرئاسي في نيامي على الرغم من عدم تسجيل أي انتشار غير عادي للجيش أو أصوات إطلاق نار في المنطقة، بينما بدت حركة السير طبيعية.
عقود من الانقلابات
شهدت الدولة الواقعة في منطقة الساحل أربع عمليات انقلاب منذ استقلالها عن فرنسا عام 1960 ومحاولات عدة أخرى للاستيلاء على السلطة.
كان بازوم، وزير الداخلية سابقا، قريبا من الرئيس السابق محمد إيسوفو الذي تنحى طوعا بعد ولايتين.
واعتُبرت عملية تسليم السلطة التي جرت في أبريل 2021، بعد الانتخابات التي فاز فيها بازوم عقب جولتين في مواجهة الرئيس السابق محمد عثمان، أول انتقال سلمي للسلطة في النيجر منذ الاستقلال.
لكن شبح ماضي النيجر المضطرب بقي يطاردها، فوقعت محاولة انقلاب قبل أيام فقط من تنصيب بازوم في أبريل 2021، وفق ما ذكر مصدر أمني حينذاك.
ووقعت محاولة ثانية للإطاحة ببازوم في مارس هذا العام "بينما كان الرئيس في زيارة إلى تركيا"، حسب مسؤول نيجري أكد توقيف شخص، ولم تعلق السلطات علنا على الحادثة.
فقر وإرهاب
تشكل الصحراء ثلثي مساحة النيجر الواقعة في قلب منطقة الساحل القاحلة في غرب إفريقيا وتحتل مرتبة متأخرة في مؤشر التنمية البشرية التابع للأمم المتحدة.
ويسكن الدولة الإفريقية 22,4 مليون نسمة، وهو عدد يرتفع بشكل متسارع نظرا إلى بلوغ معدل الولادات سبعة أطفال لكل امرأة.
تعاني البلاد تحركين للمتطرفين، الأول في الجنوب الغربي ينفذه عناصر قدموا من مالي المجاورة عام 2015، والآخر في الجنوب الشرقي ينفذه متطرفون مقرهم شمال شرق نيجيريا.
وأصبحت النيجر العام الماضي مركزا للعمليات الفرنسية لمكافحة الإرهاب في الساحل، والتي أعيد النظر فيها بعدما انسحبت القوات الفرنسية من مالي وبوركينا فاسو إثر خلافات سياسية مع البلدين.